فعلاوة على انضمام “حماس” و”الجهاد” للفعل المقاوم، فقد وُلِدَت لجان الحراسة (الأمن)، ولجان التموين (اقتصاد)، ولجان القوات الضاربة و”الملثمين” (الدفاع)، ولجان الإصلاح وفك النزاعات (القضاء)، ولجان التكافل الاجتماعي (الشؤون الاجتماعية)، ولجان التعليم الشعبي (التربية والتعليم)، واللجان الصحية (الصحة)، و.. مِن التخصصات. وكانت اللجان الشعبية العامة بمثابة “سلطة شعبية مركزية”، لتركيز نشاطات اللجان التخصصية وتوجيهها وضبطها. وانضبط الشعبُ لتوجيهات هذه اللجان وقراراتها طواعية، عبر الالتزام بتوجيهات ذراعها التنفيذي المُلاحق في “القيادة الوطنية الموحدة” (حكومة)، التي مَثلَ ميلادها إنجازاً نوعياً للانتفاضة وتنظيماً لفعلها. فمن خلالها انتقل التنظيم الشعبي الفلسطيني، من دور “المعبئ” بالبرنامج الوطني التحرري، إلى دور “المُجَسد” له في “نواة سلطة وطنية ديمقراطية شعبية”، رفعت شعار فصم العلاقة مع جهاز “الإدارة المدنية” الاحتلالي، وخطفت زمام المبادرة مِن الاحتلال، وعزلته، وأحرجته سياسياً، وتفوقت عليه أخلاقياً، وكشفت بطابعها الشعبي الواسع وتكتيكها السلمي “كعب أخيل” قوته العسكرية، التي اعتادت الحسم العسكري “السريع” في مواجهة الشكل الفدائي من التنظيم الشعبي الفلسطيني. بهدف ضرب هذا التطور النوعي في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، ولاعتبارات استراتيجية أخرى، أهمها صون الطابع “اليهودي” للكيان الصهيوني، وافق قادة الاحتلال على إخراج جيشهم مِن وسط التجمعات السكانية الفلسطينية الكبيرة، وإعادة تموضعه، على بوابات المدن، بما سمح بإنشاء سلطة (الحكم الإداري الذاتي المحدود)، التي كان على قيادتها التنبه، إلى أن هذا الشكل “الحكومي” مِن التنظيم، لن يقوى على حمل أعباء استكمال مهمات التحرر الوطني، التي لم ينهِها تعاقد أوسلو السياسي، بين منظمة التحرير وحكومة الكيان الصهيوني. وبالتالي، فإنه كان يجب على سلطة الحكم الذاتي، المساهمة في تطوير أشكال التنظيم الشعبي وتقويتها، وليس الحلول محلها، وخاصة حاضنها السياسي العام، منظمة التحرير، ومَنْ بداخلها أو خارجها من الفصائل، ذلك لأن سلطة الحكم الذاتي لم تَكُن أكثر من رهان مفتوح على كل الاحتمالات. ولكن، وخلافاً لذلك، فقد وقعت قيادة السلطة الفلسطينية في خطيئة التصرف مع نفسها، ما أفضى الى خطيئة تسييد التنظيم “الحكومي” الفلسطيني، وتهميش التنظيم الشعبي في الشكل والمضمون. بهذه الخطيئة، تنامت أشكال التنظيم “الحكومي”، “وغير الحكومي” بشكل بكتيري، وسادت كمحتوى في التنظيم الفلسطيني، فغاب الاهتمامُ بهموم “الشعبي” من المبنى الاجتماعي الفلسطيني، رغم تحمله للعبء الأعظم من أعباء مقاومة الاحتلال، وما زالت تنتظره أعباء استكمال مهمات التحرر الوطني، التي لم يستكملها اتفاق أوسلو، ولم تستوفها سلطته. وكان ذلك أحد أشد مرارات أوسلو وسلطته، وعبر عما شهده التنظيم الفلسطيني التحرري من تحولات خطرة، حيث انقلبت أشكاله، وتحول محتواه، مِن تنظيم “شعبي” ملائم لمرحلة تحرر وطني، لم تنتهِ بميلاد سلطة (أوسلو)، الى تنظيم “حكومي” مفتعل، جرى التركيز عليه وتسييده قبل الأوان. بذلك أضاعت قيادة منظمة التحرير فرصة تقوية التنظيم الشعبي الذي أفرزته الانتفاضة (1987-1993)، وإعداده لمعركة قادمة مع الاحتلال، وخسر الشعب الفلسطيني، فرصة الحفاظ على المحتوى الديمقراطي الشعبي لسلطة “القيادة الوطنية الموحدة”. والسؤال: تُرَى أين يكمن السبب الأساسي لذاك الفشل المتعدد الأوجه؟ لقد أظهرت عملية تسييد التنظيم “الحكومي” الفلسطيني على “الشعبي” منه، رغم استمرار الاحتلال، مدى ما كان يمور به التنظيم التحرري الفلسطيني، من نزعات التملك، وعكس ما يعتريه من عقلية وثقافة سياسية استخدامية، ما قاد الى ما يمكن تسميته ب “تقديم المؤخر وتأخير المقدم”، اي تقديم مهام مرحلة بناء دولة مرجأة بواقع الاحتلال، وتأخير مهام مرحلة تحرر وطني مفروضة بوجود هذا الاحتلال، لنكون أمام قفزة ذاتية عن حقائق الواقع، بما يشي بانقلاب للوعي في تحديد الحلقة المركزية، اي قلب ضرورة التركيز على التنظيم الشعبي، القادر على استكمال مهمات التحرر الوطني، التي لم تنتهِ بنشوء (سلطة الحكم الذاتي). - الخليج 15/12/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|