القلق وارد بكل تأكيد، ولكنه غير القلق، الذي يملأ الدنيا ضجيجاً انطلاقاً من اعتبارات فئوية خالصة، واستناداً إلى معايير سياسية فجة وغير مقبولة، كالقول مثلاً، هناك قلق من هذه الحكومة، هل هي حليف راسخ لفتح أم بديل وهمي عنها. المبالغة هنا واضحة، والتعبير عن القلق بهذه الطريقة وهذا الأسلوب يختصر النظام السياسي بحزب واحد، وينزع إلى التعامل مع الوطن كما لو كان مزرعة بملكية خاصة لا تقبل حتى أن تكون ملكية مختلطة. لم يطرح القلق من هذه الحكومة أو القلق على هذه الحكومة استناداً إلى مقاييس ومعايير وطنية شاملة، كقربها مثلاً من منظمة التحرير الفلسطينية ومدى التزامها ببرنامجها وسياستها وتوجهاتها العامة، بل انطلاقاً من حشرها في زاوية الولاء للحركة، التي لا يختلف اثنان على مكانتها ودورها في ساحة العمل الوطنية. قلق البعض من هذه الحكومة أو على هذه الحكومة يتجاوز حدود قلق المواطن على أمنه وحياته وممتلكاته ومستوى معيشته وحقه أن يعيش في نظام سياسي فيه شيء من العدل وتكافؤ الفرص. هذا القلق فئوي إلى أبعد حدود الفئوية ويصدم بمنطقه الرأي العام بدون رحمة. يقال لنا أن هذه الحكومة تعمل من خلال وزرائها بسياسة كيدية، تغتنم الفرص لممارسة سياسة إقصاء وظيفي، ولكن ضد من. هنا تقع الصدمة، حيث يمارس الإقصاء الوظيفي ضد أبناء حركة فتح وعلى أيدي هذه الحكومة. هل حقاً تمارس هذه الحكومة سياسة إقصاء وظيفي ضد أبناء حركة فتح. حدود علمنا أن أغلب أعضاء هذه الحكومة هم من أبناء حركة فتح، وأن وكلاء الوزارات هم حصراً من أبناء الحركة وأن أكثر من تسعين بالمائة من المدراء العامين هم كذلك من أبناء الحركة وأن جميع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية من أبناء الحركة، وأن موقع المحافظ في جميع محافظات الوطن محجوز حتى إشعار آخر على أبناء الحركة، وكأن هذا الشعب قد أصيب بالفقر في الملاكات والكادرات الوظيفية والكفاءات، إلا من انتمى أو من انتسب إلى الحركة، التي لا يختلف اثنان على مكانتها ودورها في ساحة العمل الوطني، مرةً أخرى. لا تقلقوا أيها الإخوة من الإقصاء الوظيفي الذي لا يقوى أحد عليه، لأننا نعيش في ظل نظام سياسي قام على أعمدة متينة من الفئوية في مجمل بنائه. ويبقى الأخطر من كل ذلك في التعبير عن القلق من الحكومة أو القلق عليها ، وهو محاولة حشرها في زاوية سياسية ضيقة، والتعامل معها كما لو كانت حكومة للاستخدام وحسب. رئيس الحكومة، كما يؤكد القلقون ، رجل طيب ومعقول، وينبغي الحفاظ عليه، أما وزراؤه فغير ذلك ولا بأس إن هم رحلوا أو بعضهم على الأقل. لماذا هو رجل طيب ومعقول، رئيس الحكومة هذا. الجواب يأتينا بسيطا وفي متناول يد القلق، فلاعتبارات غير خافية على أحد، ينبغي الحفاظ على رئيس الحكومة من أجل ما بعد أنابوليس وزيارة الرئيس جورج بوش المرتقبة ومؤتمر باريس بالغ الأهمية بالنسبة للفلسطينيين. حشر الحكومة ورئيسها في هذه الزاوية السياسية لا علاقة له بالقلق على الحكومة أو القلق من سياسة الحكومة. إنه إهانة للحكومة ورئيسها، وهي على كل حال حكومة الرئيس محمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. إذا كان هذا هو أحد اعتبارات كل هذا القلق من الحكومة أو القلق على هذه الحكومة، فمن الأفضل لها أن ترحل، فلا حاجة للمواطن ولا حاجة للوطن لحكومة بهذه المواصفات وهذه المقاييس، مع كل الاعتذار لرئيسها ووزرائها. هنا أختم وأتوقف، وأقول كفى، فقد جاء الدور على الأخ الرئيس ليقول كلمته. عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية - مفتاح 15/12/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|