لكن من المؤلم أن أن يتفرج أي كاتب ومراقب لشلال الدم الفلسطيني دون أن يتمنى على أهله وأخوته الذين نقبل الارض تحت أقدامهم وسلاحهم أُريد له أن يتلوث بدم فلسطيني.. والاكثر ايلاما في مشهد المقاومة هو تلك المشاهد التي يترجل فيها هذا العدد الكبير واليومي من الشهداء... أولا بفعل إنكشاف ظهر المقاومة بوجود سياسة رسمية فلسطينية لم تعد تجد فيها سوى مجموعات يجب التخلص منها، والمقاومون يدركون ما نتحدث عنه.. لقد كان أجدادنا يبيعون مايملكون لشراء "بارودة" للدفاع عن فلسطين في وجه المشروع الصهيوني.. ومقارنة باتت بعض السياسات الرسمية تفتح وتغلق وتذيق المقاومين شتى صنوف الاذلال كي لا يتمكنوا من الحصول لا على غطاء مادي ولا سياسي ولا اعلامي.. بل أن بعض العقليات أضحت ترى في أجنحة عسكرية عبئ يجب التخلص منها.. وإذا كانت الاجنحة العسكرية تدرك أكثر منا امور واقعها الذي تتحرك وفقه فلتعذرنا إن تدخلنا نسأل عن الاخطاء التي ترتكبها الاجنحة المسلحة في انكشاف ربما غير مقصود امام العدو الذي يهدف الى اصابة وقتل اكبر عدد منهم.. إننا نتحدث عن مشاهد تثير الانتباه في علنية الكشف عن السلاح والمقاومين امام الدبابات والطائرات.. فمن غير المفهوم مثلا القصد من وراء اطلاق آلاف الطلقات في الهواء التي تضيع في وقت يحاصر فيه الشعب والمقاومة من كل الجهات.. ومن غير المفهوم أن تتكرر عمليات قصف المقاومين وهم يتنقلون بسيارات وعلنية تعطي المراقبة الصهيونية والعملاء المجال لتكرار الاغتيالات.. نحن ندرك بأن المقاومة هي أعلم بظروفها.. لكن ما معنى أن تصور بعض الاسلحة الجديدة المستخدمة لمواجهة الاجتياحات بدل مفاجئة الاحتلال واستخدام سياسة التكتم وعدم الظهور العلني لمقاومين يحيط بهم عشرات المدنيين.. فقد إتضحت النمطية التي يصطاد فيها الاحتلال المقاومين الذين ينكشفون وبسهولة حين يتجمع المئات حولهم.. ويسهل على الاحتلال نتيجة الاعلان العلني عن قصف المستعمرات، بدل استخدام سياسة الغموض التي يستخدمها الاحتلال في استهداف شعبنا.. لا نتحدث عن "المقاومة الاستعراضية" الموظفة أحيانا في خدمة خط سياسي معين، بل نتحدث عن المقاومة الحقيقية التي لا تحتاج الى كل هذه العلنية المستخفة بالعملاء وطائرات الاستطلاع التي تكشف أماكن وتحرك هؤلاء.. نعرف بأن البعض يعتبر الاستعراضات العسكرية تدخل في اطار اخافة العدو ولكن الفرق بين تقنية المقاومة وحرب العصابات من جهة وتقنية العدو أكبر من التعتيم عليها.. إن المقاومة تصاب في مقتل حين تكون بهذه العلنية بدل أن تكون سرية وغير مستخدمة للبهرجة كما فعل البعض في فترة معينة لكشف المقاومة اولا وربطها بقرار سياسي يبقيها او ينهيها حسب توجهاته ورؤيته السياسية.. إن استهداف المدنيين من شعبنا أيها الاخوة يصوره الاحتلال في روايته الاعلامية العربية والغربية على انه استهداف لمسلحين ومتطرفين.. هذا هو الأمر الواقع وربما تحتاج المقاومة بكل فصائلها الى اعادة النظر في الطريقة التي تجعل مهمة العملاء والاحتلال سهلة... نعرف أيضا بأن تضاريس وجغرافية وامكانيات فلسطين ليست مثل العراق أو لبنان لكن من المفيد أن نذكر كم يتألم الانسان على خسارة رجل مقاوم وسلاح بالكاد يمكن تعويضه نتيجة الحصار المطبق على وصول السلاح .. ونعرف أنه من الظلم أن تلصق تهمة اطلاق الصواريخ على طرف دون غيره.. فكل الاجنحة العسكرية تقريبا تمارس عملية اطلاق الصواريخ بما فيها اليسارية في كتائب المقاومة الوطنية التي تفننت في الاقتحامات لاكثر الحصون الصهيونية.. لكن ما المقصود ان تذاع اسرار كيفية الوصول الى الاحداثيات باستخدام "غوغل ايرث" مثلا.. وما المقصود باظهار سلاح اوتامتيكي جديد أو الادعاء بامكانية اصابة الطائرات المهاجمة.. أليس من الاولى العمل دون ضجيج يراد منه ربما رفع معنويات الشعبزز وتلك المعنويات يمكن رفعها ببعض السرية والضرب دون الضجيج والسماح للمدنيين باحاطة المقاومين.. فمشهد نقل المصابين والشهداء في غزة يتدخل فيه كل من هب ودب بما فيهم الاطفال وهذا أمر يضر أكثر مما يفيد في تعزيز امن المقاومين وصورتهم.. أملنا أن تؤخذ كلماتنا من منطلق المحبة والاعتزاز بكل رجل وامرأة في صفوف المقاومة الفلسطينية، فنحن لا نرغب لهذه المقاومة ان تتحول الى ما يشبه القوات النظامية التي ترغب دولة الاحتلال ان تكون كذلك ليسهل عليها فعل ما فعلته بقوات الشرطة والامن الفلسطينيين في اجتياح 2002... إلى الفتحاويين .. ولهؤلاء الفتحاويين الاقحاح والاصيليين في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة نوجه كلمتنا هذه مع كل الاحترام والتقدير لتاريخ أجيالها المتعاقبة.. فهل يعقل أن تفرغ فتح من مضمونها على يد "تكنوقراطيين" لا يعرفون من مسألة النضال والكفاح التاريخيين لحركتكم سوى الوظيفية التي يختبئون خلفها لاتخاذ قرارات باسم الحركة؟ إن القادة التاريخيين من امثال ماجد ابو شرار وقبله كمال عدوان وابو يوسف النجار وسعد صايل وصيام وامير الشهداء ابو جهاد والقيادات الاخرى مثل ابو اياد وابو محمد العمري والعشرات من الشهداء الذين ساهم مجرم على شاكلة باراك في اغتيالهم مع تعاون من حفنة من العملاء والعشرات، إذا لم نقل المئات، من القيادات والكوادر الفتحاوية مثل ابو اللطف وعباس زكي والبرغوثي وكل الجيل الجديد في الانتفاضة الولى وكل الاسماء التي تعرفونها.. كل هؤلاء لم يكونوا في حركة فتح ليجري جر فتح الى فخ قاتل يجري فيه اعتبار باراك وغيره من القتلة شركاء لمن اعتلوا المنصة وشطبوا الميراث النضالي التاريخي لزعيم تم اغتياله تسميما مثل الشهيد ابو عمار ليلتفوا على الحقوق الثابتة باسم الواقعية والعقلانية.. لسنا نخون ولا نتهم بالعمالة احدا.. لكن المشهد الفتحاوي لا يمكن أن يكون مجرد علم اصفر وشعار العاصفة وقد تحول الى مبررا لكل الانتهازيين الذين تعرفون قبل غيركم كم ناكفوا زعيم الحركة ياسر عرفات أيام كان الرجل محاصرا في المقاطعة حتى رحيله.. ليست هذه فتح التي عرفناها وعرفها العالم.. ليست قوات العاصفة هي هذه التي يرفع شعارها دون قيمة ولا تقدير من الهتيفة واصحاب الخطب الذين يحاولون التقليد فيفشلون.. وليست فتح التي عرفناها في انطلاقة الجيش الشعبي في الانفاضة الاولى تحت راية القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ومن ثم كتائب شهداء الاقصى في الانتفاضة الثانية التي قدمت خيرة ابناء الحركة في معركة الدفاع عن منجزات الانتفاضة ليصار وبجرة قلم وبعض الدولارات شراء ذمم ناقصة وولاءات اضاعت الولاء الاساسي ليقوم باسم المصلحة الوطنية التي احتكرها بعض الشخوص الانتهازية والوصولية باصدار فرمانات حل الكتائب وكل الاجنحة المسلحة لفتح وخداع المطلوبين والمبعدين من كنيسة المهد ووضع فيتو على من لا ينصاع لقرارات سياسية تجويعا وتشويها واتهاما بما يعتز به الفتحاوي من انتماء وطني.. أيها الفتحاويون الاصلاء هل يعقل أن لا تجري محاسبة بعد كل هذا الفشل الذريع الذي خاضته باسم حركتكم، والتي هي ملك تضحيات الشهداء ومعاناة الشعب الصامد، في مفاوضات عقيمة تستهدف اولا واخيرا تقليم أظافر الشعب الفلسطيني وتعريته من المقاومة ليسهل تمرير مشاريع تنتقص من الحقوق الثابتة لشعبنا.. وفتح لم تنطلق بضربة العاصفة في الفاتح من يناير لأجل حكم ذاتي محدود ولا للقبول بيهودية الدولة المغتصبة لفلسطين ولا من أجل كسب رضا بوش واولمرت ولا لكل المشاريع التي تقزم من مفهوم القدس العربية.. وإذا كانت العاصفة وبقرار سياسي حوربت بقطع الامداد لها ورفع الغطاء عنها... وإذا كانت الاجهزة الامنية التي كانت تعتبر صراعها الرئيس مع الموساد أيام كانت مفاهيم الامن حقيقية فلا يمكن تقزيمها بمصافحة قتلة الكوادر والقيادات بذات الوقت الذي لم تتراجع فيه ابدا مطاردة المناضلين والمقاومين ولم يجري إطلاق سراح الاسرى الذين مر على وجودهم في الاسر الصهيوني عقودا بينما السياسي الفلسطيني يعانق هؤلاء القتلة والجلادون.. نعرف أن فتح تعاني من ورم أزمة تسيد البعض على اسمها وثلة تحيط بالرئيس عباس من أصحاب الامتيازات الذين يصورون مسألة التفاوض تصويرا ورديا من خلال تنسيقات امنية في الاساس بينما يهان هؤلاء انفسهم على الحواجز.. ولا يُعقل أن "فتح الولادة والغلابة" غير قادرة على تخطي أزمتها مع حفنة ممن استولوا على قرارها واسمها وكأن كل الاجيال الفتحاوية غير قادرة على افراز قيادة مسؤولة امام شعبها وتاريخها الذي يخبو بفعل تلك الروح الانتهازية التي تسيطر اليوم اعلاميا وسياسيا وماليا.. لست في وارد التحريض بقدر ما أشعر بما يشعر به كل فلسطيني وعربي حر من حزن وألم على ما آلت إليه حركة فتح التي احتفلت بذكرى انطلاقة الثورة قبل ايام وكأنها انطلقت لتناكف رموزها واطراف اخرى من النسيج الوطني الفلسطيني.. ولست في وارد تذكير الاخوة والرفاق الفتحاويون بالاسماء والشخوص التي تسيء عن قصد بفعل برنامجها الانهازي لمكانة ودور هذه الحركة.. فمن غير المعقول الصمت على الترتيبات التي تجري لعقد المؤتمر العام للحركة بعد تأخير مقصود لكي لا تجري المحاسبة، تلك الترتيبات التي تعمل بعض الشخوص من خلالها لاستبعاد الكثيرين من الجيل الجديد وممن لا يتماشى مع المشروع السياسي للسلطة المحتكرة تماما لمفهوم العمل الوطني والسياسي... أليست مهمة وطنية وتاريخية بأن يستعيد الفتحاويون حركتهم من هؤلاء الذين يتعاملون معها وفق عقلية الملكية الخاصة وبأنهم مُلاك أزليون لحركة عمد وجودها قادة وكوادر بالشهادة والاعتقال والابعاد والدماء التي ما تزال تسيل اغتيالا واعداما ميدانيا على ايدي الاحتلال دون ان يرف رمش الداخلون في متاهات وكواليس القبل والتفاوض مع عدو لا يأبه لكل التنازلات التي تفتح شهيته نحو المزيد من التفاوض.. أخيرا فليسمح لنا الاخوة أن نسأل عن حادثة نابلس كنموذج عن عقلية افراغ فتح من مضمونها، فماذا يعني أن تقوم السلطة بحملة امنية تستهدف كتائب الاقصى والقسام ومن ثم تنسحب لتترك للاحتلال تتمة المهمة بناءا على التزامات خارطة الطريق الامنية.. أليس في الأمر حرفا وانحرافا عن الخطوط النضالية التي أسست لها فتح طيلة عمرها الكفاحي.. أليس معيبا أن يكون هناك من يشوه تاريخ فتح وسمعتها باسم الاسمنت والطحين.. وأنتم تعلمون ما نقصده.. بينما لا أحد يحاسب مافيات تكرشت وتزايدت مثل الطحالب على ضفاف النهر الفتحاوي الذي يراد له أن يظل نهرا ساكنا لا حراك فيه .. أليس معيبا أن تخسر فتح كل الزخم المؤيد عربيا واسلاميا وفلسطينيا بفعل سياسات إدارة الظهر لكل عوامل القوة والحاضن الشعبي بينما يؤخذ بالاحضان قتلة الشعب الفلسطيني باسم "عملية السلام"... أليس معيبا أن يجري تكميم الأفواه أثناء زيارة بوش بينما عتاة التطرف الصهيوني يتظاهرون ويكتبون بحرية ضد الزائر.. أليس غريبا يحارب هؤلاء بلقمة عيشهم بحجة "التمرد" بينما بعض الشخوص مشغولة باستثماراتها... هل من الغريب أن نسأل عن مصير أموال الثورة والاختلاسات والسرقات باسم الحركة.. ثم أين هو خالد سلام؟؟ تلك كلماتنا النابعة من القلب والقلق على مصير قضيتنا التي تحتكر حفنة محدودة تقرير مصيرها مديرة الظهر لشعبها ولقرارات دولية ولمقاومة مسلحة وغير مسلحة فقط من أجل الظهور بمظهر الاعتدال.. أيها الفتحاويون الشرفاء ليست هذه هي فتح التي عرفناها وخبرناها.. ومن المعيب أن لا يصارحكم أحد بالدعوة لانقاذ حركتكم ما دمتم تعتبرونها العمود الفقري للثورة... فما بالنا بالثورة التائهة في دهاليز الساسة الذين يفرغون الشوارع لمرور قوافلهم في شوارع المدن الفلسطينية... اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|