مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

وفقاً لصحيفة معاريف الصادرة بتاريخ 17 يناير 2008 فإن ورقة نقاش/خطة " لتبادل الأراضي بين كل دول المنطقة" ستكون احد محاور النقاش الرئيسية في إطار مؤتمر هرتزليا الثامن والذي أصبح يعتبر منذ عدة سنوات أهم مؤسسة للعصف الفكري والتصور الاستراتيجي في إسرائيل ( خلوة يحضرها ويشارك فيها كبار الساسة والقادة العسكريين والمفكرين والأكاديميين).

ووفقاً لهذه الخطة التي وصفتها الصحيفة ب "مبادرة إبداعية" فإن على اسرائيل وجيرانها أن يدرسوا إمكانيات تبادل الأراضي بين عدة دول كأداة لحل النزاعات بينها، وفي أساسها الخلافات الإقليمية. خلف المبادرة يقف البروفيسوران عوزي اراد وجدعون بيغر، من المركز متعدد المجالات في هرتزليا. وحسب أقوالهما، فان الاقتراحات التي طرحت حتى الان لتبادل الأراضي في إطار تسويات سياسية (مثل الاقتراح بإبقاء جزء من الضفة الغربية قيد السيادة الإسرائيلية مقابل مناطق في النقب تنقل الى الفلسطينيين)، كان يعوزها المرونة التي يمكن إيجادها في صفقة واسعة النطاق بين عدة دول.

ويعتقد واضعو الاقتراح بان صفقة تضم اسرائيل، الفلسطينيين، لبنان، سوريا، الأردن ومصر ستسمح بجولة من التبادل الاقليمي تضمن مصالح حيوية لكل المشاركين. وهم يشددون على أن خطوط الحدود في المنطقة رسمتها القوتان الاستعماريتان – فرنسا وبريطانيا، دون مراعاة احتياجات سكان المنطقة. ورغم أنه يمكن تطبيق الاقتراح العام على مراحل، فان المبادرين اليه يقولون ان تطبيقه على مختلف الجبهات في نفس الوقت سيتيح مرونة اكبر.

في إطار الاقتراح، ستبقى اسرائيل مع 200كم من الضفة الغربية (3 في المائة من المساحة)، تضم الكتل الاستيطانية وأراضي في غور الأردن وصحراء القدس. وبالمقابل يحصل الفلسطينيون على أراض على طول الخط الأخضر، مع أو بدون سكانها، من عرب اسرائيل. إضافة إلى ذلك، تحتفظ اسرائيل بـ 12 في المائة من هضبة الجولان، تضم معظم المستوطنات وخط التلال المسيطرة على بحيرة طبريا وسهل الحولة. أما سوريا فستحصل بالمقابل على أراض من لبنان الذي يحصل من اسرائيل كتعويض على 50كم مربع على طول الحدود الشمالية.

ومقابل نقل أراض إسرائيلية إلى مصر في منطقة فران ومنطقة تسمح بالعبور الحر بين مصر والأردن، ينقل المصريون للفلسطينيين منطقة في محور رفح – العريش كتواصل لقطاع غزة شمالا. اسرائيل تنقل إلى الأردن أرضاً صغيرة في وادي عربة كي تسمح لذاك المعبر إلى مصر، والأردن ينقل إلى سوريا أرضاً قرب حدودهما المشتركة. مبلورو الخطة يوضحون بان المبدأ الذي يوجه الاقتراح هو أن كل دولة تحتفظ بمجموع المساحة التي في أيديها الآن، في ظل خلق خطوط فصل أكثر راحة.

تعليق د. صالح عبد الجواد على الخطة

" من حيث المبدأ، فكرة تبادل أو أعادة تقسيم أراض على الصعيد الإقليمي بين الدول والكيانات السياسية من اجل حل أو تخفيف االنزاعات قد لا تكون فكرة سيئة. وفي هذا السياق فإن القانون الدولي يسمح بتبادل الأراضي بين الدول على شرط أن يتم بالاتفاق بين كل الأطراف المعنية بالأمر. ومن نافل القول أن ذلك يتم في العادة في ظل ملائمة الخريطة الجغرافية السياسية الإقليمية مع الاحتياجات التي تبلورت على مدى السنين من قبل الأطراف المختلفة.

وهناك تجارب ناجحة لتبادل أراض على المستوى الدولي وبين الدول العربية. وعلى سبيل المثال جرى تبادل للأرض بين المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية عام 1965، حقق مصالح الطرفين. الأردن من جانبها كانت معنية بتوسيع شاطئ وميناء العقبة، فطالبت ب 20 كم2 . قدمت الأردن مقابل ذلك 7000كم2 وأخذت 6000كم 2 من العربية السعودية.

لكن هذا النجاح مرهون - كما هو حال تبادل الأرض بين الأفراد، وحال المثال الأردني/السعودي- على الرغبة والمصالح المشتركة للأطراف المختلفة، وعلى التوزيع العادل لهذا التبادل ( تبادل يأخذ بعين الاعتبار عوامل عديدة منها المساحة، الأهمية الاستراتيجية، الموارد الطبيعية بما في ذلك مصادر المياه والمياه الجوفية، القيمة التاريخية، السواحل). أما إن جاء هذا التبادل ذلك نتيجة اختلال في موازين قوى تمكن الطرف القوي بفرض شروطه على الطرف الضعيف فهذه وصفة لا تخطئ لإدامة النزاعات بل وإذكائها. وفي هذا السياق فإن خطوط الحدود التي رسمتها القوى الاستعمارية في إفريقيا والعالم العربي، انطلاقاً من مصالحها دون مراعاة احتياجات وحساسيات ومصالح سكان المنطقة، شكلت وما تزال أساس كثير من النزاعات الحدودية حتى في العالم العربي، الذي يفترض أن تكون عوامل التوحيد بين بلاده عامل مخفف لحدة وعنف هذه الصراعات ( نقصد بعوامل التوحيد التاريخ المشترك، اللغة، الدين..الخ).رغم ذلك فإن مشاكل الحدود بين الدول العربية هي واحدة من أهم المشاكل التي يعاني منها العالم العربي الذي يعيش ضمن براديم الدولة القطرية(وعلى سبيل المثال بين العراق والكويت، بين قطر والسعودية، بين الجزائر والمغرب، بين مصر والسودان....الخ).

أما فيما يتعلق "بالصراع العربي/الإسرائيلي" ( بحاجة لإيجاد مصطلح آخر يعكس حقيقة جوهر ما يجري: اعتداء الطرف الإسرائيلي على بقية الأطراف العربية وبدون انقطاع) فإن خطوط الهدنة عام 1949 والتي جاءت ترجمة لميزان القوى العسكري في أعقاب نكبة عام 1948 شكلت- كما يظهر التاريخ- أساس نزاعات حدودية مستقبلية بين دول عربية وإسرائيل.

و عندما ننظر لخطة البروفيسوران عوزي اراد وجدعون بيغر حصراً، فإننا نجد أن هذه الخطة -التي يراد لنا أن نعتقد أنها مبادرة مثيرة وخلاقة- تنطلق تماماً من المصالح الإسرائيلية فقط على حساب الأطراف العربية الآخرى. وهي تحاول القفز عن " مبدأ مبادلة الأرض بالسلام" الذي وافقت عليه كافة الأطراف الدولية والقاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية منذ عام 1967 وإعادة السيادة العربية( الفلسطينية) مقابل اعتراف الدول العربية بحق دولة إسرائيل في الوجود وتوقيع معاهدة سلام معها وإنهاء حالة الحرب وتطبيع العلاقات.

من حيث المبدأ، الخطة استمرار اللعبة الإسرائيلية القديمة والتي لعبتها إسرائيل خلال أوسلو، حيث يقبل الفلسطينيون بإلغاء وشطب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، كمرجعية تحكم بين الطرفين، أي التنازل عن المبادئ التي تحفظ حقوقهم، لتتركهم فريسة املاءات إسرائيل. وهي استمرار لقيم القادة الإسرائيليين التي تضرب عرض الحائط بمصالح الآخرين، وتجعل من إسرائيل دولة تقرر مصير وأقدار الآخرين. والخطة في مبادئها الرئيسية، وإن اختلفت في بعض التفاصيل الطفيفة قديمة، وقد سبق أن طرحها الجغرافي الإسرائيلي يهوشع بن ارييه قبل عدة أعوام ( بروفيسور في الجامعة العبرية/معهد ترومان. متقاعد منذ عدة سنوات)

من النواحي العملية، تتجاهل خطة أراد وبيغر بنية متعمدة الأراضي التي احتلت بعد الخامس من حزيران 1967 وضمت رسمياً لإسرائيل (القدس الشرقية وخصوصاً البلدة القديمة وضواحي مدينة القدس) ولا ترى فيها جزء من مجمل مساحة الضفة الغربية البالغة حوالي 5930.4 كم2 ( بما في ذلك القدس، القسم الفلسطيني من البحر الميت، الأرض الحرام المقتطعة من الضفة الغربية/ معلومة من الجغرافي الفلسطيني د.وليد مصطفى 22/1/2008)

ولذلك فنسبة 3% لا تعكس الحقيقة تماماً. كما أن الموضوع، ليس موضوع نسب فقط فمساحة البلدة القديمة من القدس تقل عن كم2 واحد ( بالتحديد 871 دونم فقط )، لكن القيمة التاريخية والدينية والاقتصادية لهذه الدونمات لا تقدر بأي ثمن أو بأي تبادل ( بدون ادنى شك فإنني أعتقد ان حل الصراع يستوجب ايضاً بعض الترتيبات التي تأخذ بعين الاعتبار قداسة البلدة القديمة لليهود والمسيحيين أيضاً). كذلك حتى لو افترضنا جدلاً بأن الحديث يدور عن نسبة 3% فقط، فإن فيها خزانات المياه الجوفية للضفة الغربية ( منطقة سلفيت على وجه الخصوص) ومناطق استراتيجيه مختارة في غور الأردن والضفة بحيث تمنع الاتصال بالشقيقة الأردن وتقطع التواصل الإقليمي الطبيعي لمناطق الضفة الغربية بحيث تحولها إلى كانتونات مشوهة التواصل.

في المقابل يحصل الفلسطينيون على جزء من منطقة المثلث ( التجمعات السكانية العربية وخصوصاً مدينة أم الفحم) لا ليتم تعويض الفلسطينيين بشكل عادل عما خسروه وإنما لكي يتخلص الإسرائيليون من جزء من فلسطينيو عام 1948 ( فكرة ترانسفير عرب اريتس يسرائيل لأفيغدور ليبرمان). وفي مقابل حصول إسرائيل على أراض في الجولان ( لها أهمية إستراتيجية، مخزون مائي، وتحرم السوريين من الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا، يقوم اللبنانيون والأردنيون بدفع فاتورة الحساب لسوريا. وإسرائيل من جانبها تعطي 50 كم مربع للبنان على حدودها( خدمة للمصلحة الإسرائيلية والمتمثلة بالتخلص من عدة قرى عربية قرب الشريط الحدودي مع لبنان مثل قرى وبلدات معليا ومجدالكروم والجش) وسوريا تأخذ من الأردن أراض مقابل التي خسرتها في الجولان، والأردن يأخذ حصة جرداء في وادي عربة إضافة لطريق يربطها مع مصر.

غالباً ما ستؤدي الخطة إلى خلق توترات بين الكيان الفلسطيني وبين محيطه العربي فباعتقادي أن هذه الخطة التي لم يتسنى لي بعد الحصول على نسخة كاملة ورسمية منها، ستضع على الفلسطينيين عبء إقناع الجانب العربي بتطبيق هذه التبادلات ( كما جاء ذلك صراحة في خطة البروفيسور يهوشع بن ارييه التي سبق وآشرت إليها).

وفي الختام، فليس هناك من خيار أمام إسرائيل إذا أرادت السلام، إلا بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والتوقف عن تدمير المجتمع الفلسطيني والاعتراف بحقوقه الوطنية المشروعة، ووقف دس انفها الدامي في شؤون العالم العربي بهدف تمزيقه إلى شظايا كما جرى في العراق.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required