مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لا نعتقد ان الرئيس حسني مبارك اصاب كبد الحقيقة، عندما اتهم الفلسطينيين بالعمل علي تصدير مشاكلهم الي مصر في تصريحات ادلي بها قبل يومين. فقد اتضح بعد تفجير الجدار الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، وتدفق عشرات الآلاف من الجوعي الفلسطينيين الي الجانب المصري، ان اسرائيل هي التي تعمل علي توريط مصر، وتصدير مشاكل الفلسطينيين اليها. ففرض حصار خانق علي مليون ونصف المليون فلسطيني، تعيش في اوساطهم حركات مقاومة مسلحة، لا يمكن الا ان يؤدي الي انفجار بركان الغضب والاحباط من جرائه، بطريقة او باخري، خاصة بعد تطور اساليب القسوة الاسرائيلية الي وقف امدادات الوقود والادوية والطعام.

الانفجار يمكن ان يكون في اتجاهين، الاول باتجاه مصر، وهذا ما حدث، او باتجاه اسرائيل وهذا ما هو قادم، اذا لم تتخذ اجراءات سريعة لتطويق الموقف، وتخفيف الحصار، تمهيدا لانهائه، ووضع صيغة جديدة تسمح باعادة فتح المعابر بشكل دائم، وبما يحول دون تحويلها الي ورقة ضغط وارهاب علي الفلسطينيين.

الحكومة المصرية لا يمكن ان تقبل باستمرار حالة الفوضي الحالية علي حدودها مع قطاع غزة، لما يمكن ان تشكله من اعباء امنية وانسانية هي في غني عنها، وليست مسؤولة عن اسبابها. والشيء نفسه يقال ايضا عن نظيرتها الاسرائيلية، لان الوضع الحالي يمكن ان تترتب عليه تبعات خطيرة جدا علي امنها. فهي اليوم تحاصر قطاع غزة بسبب بضعة صواريخ تسقط يوميا وتسبب الرعب في سديروت، وربما تفتح اعينها غدا علي صواريخ كاتيوشا وغراد وربما سكود، بحيث يتحول رعب اهل سديروت من رعب نظري الي رعب دموي.

الحكومة الاسرائيلية اخطأت كالعادة في دراسة الاوضاع بشكل دقيق، مثلما اخطأت في استخلاص النتائج التي يمكن ان تترتب علي ايصال الحصار الخانق علي الفلسطينيين في قطاع غزة الي ما بعد حافة الهاوية، وعدم ترك ممر ولو بسيط امامهم لتنفيس الاحتقان، وايصال بعض المساعدات الضرورية التي تبقي انفهم فوق الماء.

فاذا كان هدف حكومة اولمرت، وسياسات ايهود باراك وزير دفاعها هو دفع الفلسطينيين الي الاستسلام ورفع الرايات البيضاء والذهاب الي تل ابيب راكعين مستنجدين وطالبين الرحمة، وعارضين وقف اطلاق الصواريخ، فان هذه السياسات جاءت بنتائج عكسية تماما، فبعد اقتحام معبر رفح بالصورة التي رأيناها، وهبة التضامن المعقولة في مصر واكثر من عاصمة عربية علي الصعيد الشعبي علي الاقل، أصبح الفلسطينيون ابناء قطاع غزة يشعرون انهم انتصروا علي الحصار وعلي اسرائيل وعلي العقوق الرسمي العربي.

الشعور الفلسطيني بالانتصار ربما يترجم في الايام المقبلة باطلاق المزيد من الصواريخ، واتخاذ مواقف اكثر تصلبا في اي مفاوضات مع الاسرائيليين او حتي النظام الرسمي العربي. بمعني آخر ستشعر قيادة حركة حماس وقيادات فصائل المقاومة الاخري انها في موقف اقوي في حال اجراء اي مفاوضات مصالحة وطنية مع سلطة رام الله التي راهنت علي انكسار ارادة هذه القيادات بفعل الحصار واغلاق المعابر باحكام.

تصريحات ايهود اولمرت التي قال فيها انه سيوقف كل الامدادات لقطاع غزة مجددا، وان علي مصر ان تتحمل مسؤولية عدم السماح باقتحام المعبر تكشف عن قصور في فهم المعادلات الاقليمية، مثلما تكشف عن غباء شديد في فهم مشاعر الشعب المصري، والنتائج التي يمكن ان تترتب علي خلق ازمة مع الدولة العربية الاكبر في المنطقة.

تفجير اولمرت لأزمة مع مصر قد يؤدي الي تحول سيناء الي ساحتين خطيرتين علي اسرائيل، ساحة لتهريب السلاح الي فصائل المقاومة في قطاع غزة، وساحة لانطلاق مقاومة مصرية، او انتقال المقاومة الفلسطينية او بعض خلاياها الي سيناء لقصف العمق الاسرائيلي، وربما تنفيذ عمليات استشهادية فيه علي اعتبار ان الحدود مع غزة محكمة الاغلاق بحائط اسمنتي واليكتروني.

مصر الان في موقف اقوي بعد اقتحام المعبر، وليس العكس مثلما يتصور كثيرون، في موقف اقوي لانها حذرت الاسرائيليين والامريكان من ضغوطهم علي الشعب الفلسطيني التي فاقت كل الحدود، وضغوطهم عليها للمشاركة في الحصار. فاسرائيل بحاجة الي مصر اكثر من اي وقت مضي، والسؤال هو كيف تترجم مصر هذه الحاجة الاسرائيلية والامريكية الي انجازات سياسية ودبلوماسية لمصلحتها، سواء بتعديل اتفاقات كامب ديفيد بما يسمح بزيادة قواتها في سيناء، او بتحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني علي صعيد وقف الاستيطان والحصارات الاسرائيلية، وازالة الحواجز وتحسين الظروف المعيشية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required