مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من رحم المعاناة خرج أهل قطاع غزة للتظاهر نحو الجانب الحدودي. ومن رحم الحصار خرج الفلسطينيون واقتحموا الجدار الفاصل الذي فجر جانب منه مع جمهورية مصر العربية. ودخل الأرض المصرية آلاف مؤلفة من الفلسطينيين, عاد بعضهم ولم يعد جزء, وما زال الدخول والتدفق إلى الأراضي المصرية مستمرا دون انقطاع. وقيدت السلطات المصرية دخول الفلسطينيين وحصرته في صحراء سيناء دون تجاوز لها. وحمل الفلسطينيون الغذاء والدواء من الأراضي المصرية كما حملوا النفط والسجائر واللحف والفراش والصواني والطناجر!!

وكانت الأحداث في قطاع غزة قد تصاعدت في الأيام الأخيرة بشكل دراماتيكي ودموي ولا إنساني, فقد شدد الإسرائيليون سياستهم العسكرية حيث تم قصف قطاع غزة واستهداف المدنيين في عملياتهم فقتلوا الكثير الكثير, كما شددوا بالمقابل الحصار المضروب على القطاع في القطاع المدني, مما أدى إلى نفاذ الغذاء والدواء ومشتقات النفط عقابا لهم على استمرار قصف المستعمرات الإسرائيلية بصواريخ القسام.

وسبق كل تلك الأحداث الساخنة, زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش للمنطقة, واجتماعاته المتصلة بالقيادة الإسرائيلية والفلسطينية والسعودية والمصرية في المنطقة. وتمت مهاجمة الزيارة وتسطيحها وتبسيطها بل تقزيم نتائجها وتم تشبيهها بحفلة علاقات عامة للجانب الأمريكي في المنطقة. كما رافق ذلك افتتاح مفاوضات الحل النهائي في المنطقة بين القيادة الفلسطينية والإسرائيلية وبداية الحديث عن تسوية سياسية.

في خضم كل ذلك وبينما كانت أفئدة وعقول المواطنين العرب والفلسطينيين مشدوهة إلى عذابات الفلسطينيين في قطاع غزة, جاء هذا الولوج الفلسطيني المفاجىء وغير المتوقع, إلى قطاع غزة لتحرف الأنظار عن البؤرة المركزية في المعاناة وتوجهها نحو العبور الفلسطيني عبر مشاهدة الفضائيات العربية المراقبة للحدث. والأغرب أن السلطات المصرية استسلمت للأمر واعتبرت الفلسطينيين مجموعة من الجياع ترغب في سد الرمق, ولاضرر منهم ما داموا محصورين في سيناء. لكن هذه الأحداث المتلاحقة والتي تربك أي مراقب وتأخذ بألبابه تطرح سؤالا جوهريا وجادا يقول, هل تشكل تلك التطورات مقدمة لخطوة سياسية متقدمة, كثيرا ما طرحت وكررت سواء في الخفاء أو في العلن تتمثل فيما سمي بالخيار المصري قياسا على الخيار الأردني.

ليس سرا أن قطاع غزة خضع للسيطرة المصرية منذ عام 1948 وحتى عام 1967. وليس سرا أن الغزيين تأثروا بشكل أو بآخر بالحياة المصرية وأسلوب التفكير المصري والنمط المصري في كثير من القضايا. وليس سرا أن علاقات القطاع مع مصر كانت أوثق من علاقات الضفة مع مصر, بل كان التأثير المصري على جانب قطاع غزة ملموسا أكثر منه في الضفة الغربية. وليس سرا أن الوشائج وعلاقات القربى كانت متوطدة بين أهل القطاع وأهل مصر رغم المد والجزر في هذه العلاقة التاريخية.

هل ما يدور في المنطقة جزء من مخطط سياسي كبير طبخ وأخرج وبدأ تنفيذه, وأن كل الأحداث تجري خلف الستارة ولا يكاد يلحظها المراقب أو المتابع. مخطط يصبح فيه المرفوض مقبولا والمحرم حلالا والمر حلوا, أم أن الموضوع هو من قبيل السراب والعبث والتهويل والمبالغة؟ الأمر جد دقيق, ورغم أنني لست من أنصار فكرة المؤامرة, إلا أن الموضوع يحتاج إلى بحث وتحليل وتدقيق وبعد نظر.

مسألة قطاع غزة أعيت المراقبين والمحللين, وبخاصة الإسرائيليين. فهم لا يريدون قطاع غزة ولكنهم يريدون السيطرة عليه. يريدونه سوقا استهلاكية لمنتجاتهم, لكنهم لا يريدون استقلال الفلسطينيين فيه عنهم.

وهم يرددون باستمرار هذه الأيام أنهم يدرسون مسألة العبور الفلسطيني إلى سيناء ولكنهم في صميم المسألة رغم شكواهم مرتاحون لذلك عل هذا الولوج يشكل خطوة سياسية في الحل القديم عن طريق الخيار المصري.

الإسرائيليون يشكون من أن هذا الولوج سيأتي بالمخدرات والأسلحة إلى قطاع غزة وسرعان ما ستنقلب ضد الجانب الإسرائيلي. وهذا كلام فيه قدر كبير من المبالغة. فليس معقولا أن الجانب الإسرائيلي ضد حمل المخدرات للجانب الفلسطيني فهذا أمر يسره ويثلج صدره, هذا إن صحت رواية المخدرات من أساسها وكأن الجانب المصري ليس له عمل سوى الإتجار بالمخدرات. أما الشكوى من الأسلحة فالجانب الإسرائيلي يعلم علم اليقين موضوع الأنفاق وتهريب الأسلحة من خلالها قد تم بالفعل وعلى مدار الأشهر الماضية.

لذا رغم الزعم الإسرائيلي بالقلق فهو لا يعبر عن حقيقة الموقف الإسرائيلي, بل العكس هو الصحيح. فالإسرائيليون سيرتاحون من الضغط العالمي بتزويد القطاع بكل ما يحتاجونه من مواد إنسانية وأساسية ونفط وكهرباء وسيضعون اللوم على الجانب المصري في أي قصور وتقصير. بل إن منطق الإسرائيليين سيقول بالمنطق العشائري أليس المصريون هؤلاء هم إخوتكم وبني جلدتكم وقوميتكم ودينكم , فلماذا تطالبوننا نحن الغرباء والأعداء لكم بما يجب أن يقوم به الإخوة؟ وهذا المنطق سيلاقي كثيرا من القبول عند الأمريكيين بل والأوروبيين وتجاوزا عند الأشقاء العرب, وبخاصة أن الإسرائيليين غادروا القطاع منذ زمن وفككوا مستوطناتهم فيها وأخلوها. لذا ليس مستغربا أن يوجه كثير من الضغط السياسي لمصر لتسير في هذا الخط السياسي إن لم تكن قد شاركت فيه أصلا من حيث الطبيخ والإخراج.

فمصر على الأقل في البعد الإنساني لا تستطيع أن تتنكر لمسئولياتها الوطنية والقومية تجاه قطاع غزة وسكانه, وهي لا تستطيع أن توصد أبوابها في وجه فلسطينيي قطاع غزة. وهي لا تستطيع إلا أن تصفق للخيار المصري في القطاع ولو في إطار من اللباس الجديد مع بعض التعديلات التي تتلاءم مع مرور أكثر من مضي أربعة عقود . أليس هذا الخيار يعيد لمصر دورها الأزلي في كونها رائدة الدول العربية؟

تقدم الخيار المصري , يدفع الخيار الأردني لتقدم الصفوف. فليس سرا أن هذا الخيار موجود منذ احتلال اسرائيل للضفة الغربية, وقبل فك الإرتباط وبعده, وما زال موجودا. فما يدور في الكواليس أغرب من الخيال.

أليست السياسة أن تتوقع في الأمر الذي لا تتوقعه؟ أليس المسرح ممهدا لمثل هذه الخطوات السياسية, فالناس قرفت وتعبت وضاقت بكل العبثيات والشعارات, وتريد عيشا هانئا رغدا آمنا.

يبدو ان المنطقة حبلى بالأحداث, وكما يقولون الذي يعيش يرى. أحداث فوق قدرة المواطن البسيط العادي ولكنها قدره وقد ترسم المنطقة لأجيال قادمة في ظل استسلام عربي إسلامي لما يخطط لها , وقد تنهي الإحتلال مع تعديلات موضعية. ولسان حال الفلسطينيين يكرر أن الطفل المكتوي بالنار يخاف النار, وأن الملدوغ يخاف جرة الحبل

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required