مفتاح
2025 . الإثنين 26 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم يحدث أي تغيير على الاستقطاب الحاد بين الشعوب العربية من جهة وأميركا وإسرائيل من الجهة الأخرى، ومركز الجذب كان وما زال الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. الولايات المتحدة تحاول إدخال تعديلات في الأقوال كالحديث عن رؤية دولة فلسطينية والسكوت على تدمير مقوماتها على الأرض عبر الاستيطان الزاحف وجدار الفصل العنصري، والتعديل في مجال الدعم المالي والتسليحي لبعض الأنظمة، ودعم مالي محدود للسلطة الفلسطينية يذهب الجزء الأكبر منه لدعم نفوذ الفئات المتحلقة حول السياسة الأميركية. غير أن تلك التعديلات لا تمس جوهر الانحياز السافر لسياسة التوسع والعدوان والهيمنة الإسرائيلية. بل إن الموقف الشعبي يزداد رفضاً وعداء للموقف الأميركي الإسرائيلي مع ارتفاع وتيرة العدوان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، المترافق مع انهيار العناصر والفئات والمؤسسات الإسرائيلية التي كانت تنحو تجاه العقلانية لكنها هرولت الى مواقع التطرف. وتحديداً بعد إباحة محكمة "العدل" العليا للعقوبات الجماعية ، ومطالبة نخب وأقطاب "يسارية" بتدمير البنية التحتية المدنية في غزة كما كان الحال في لبنان، وتصفية القيادة السياسية للتنظيمات التي تقاوم الاحتلال.

حصار غزة الخانق قاد الى انفجار شعبي باتجاه الحدود المصرية، وجدد في الوقت ذاته الاستقطاب المعادي للسياسة الأميركية الإسرائيلية، حين عّبرت النخب والجماهير في طول وعرض البلدان العربية عن سخط وعداء شديدين لسياسة الحصار الخانق، ذلك الحصار الذي تجاوز أبسط الحقوق الإنسانية وانتهك نصوص القانون الدولي الصريحة التي تحظر على الدولة المحتلة معاقبة المدنيين عبر تهديد حياتهم وأمنهم الغذائي والعلاجي. ولا شك في ان تصعيد الحصار الى مستوى الخطر وسط صمت دولي مريع، كشف الإفلاس الأخلاقي والإنساني للنظام الدولي الراهن. وطرح علامة سؤال كبيرة على قضية حقوق الانسان والعدالة.

بعد مؤتمري أنابوليس وباريس نمت أوهام لدى فئات واسعة نسبياً، تتأمل بحل سياسي يبدأ بتجميد الاستيطان وإزالة البؤر المستحدثة وينتهي بإقامة دولة مستقلة بديلا للاحتلال. غير ان الحكومة الإسرائيلية سارعت الى وأد الأوهام في مهدها عندما بادرت إلى توسيع الاستيطان وواصلت اعتداءاتها اليومية وعقوباتها الجماعية وحرصت على إفشال الخطة الحكومية لوقف الفلتان والفوضى. انها تحاول استخدام العملية السياسية للتغطية على مشروعها (الأبارتهايد ). وفي هذا السياق واصل جنرالات جيش الاحتلال الاعتداءات وحملات الاعتقال التي تقود الى ردود فعل من المقاومين، وبالتالي الى استمرار حرب التصفية الدموية. ان القيادة الأمنية الإسرائيلية تتفنن في استمرار سفك الدماء وفي خلق آلية تبقي على حرب بشعة من النوع غير المتكافيء بشكل فادح. لقد وافق عدد من المقاومين على إعطاء فرصة للتفاوض من خلال انضمامهم لأجهزة السلطة، لكن الجنرالات لم يرغبوا في ذلك، فواصلوا هجماتهم كي يدفعوا هؤلاء وكل من يفكر بالهدنة للتراجع. او للموت في وضعية مهينة.

بقيت سياسة الاحتلال الاستيطانية على حالها، وبقي الموقف الأميركي على حاله مؤيداً لتلك السياسة، وبقي الموقف الشعبي وموقف قوى المعارضة الإسلامية ومعها قوميون ويساريون على الحال ذاته. هل يعقل ان يبقى الموقف المعارض على حاله؟ موقف يكتفي بالرفض والاعتراض ذاته بدون دراسة الموقف وتمحيصه واستخدام القياس والتحليل والتفكيك، بدون التوقف عند التكتيك والسياسة المتبعة؟ من السهل تحميل إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية، وهما ضالعتان في الجرم المشهود فعلا؟ ولكن ماذا بعد وما هو دور سياسة المعارضة؟ وهنا لا بد من تجاوز كل ابتزاز يضع نقد المعارضة وتكتيكاتها في خانة تبرير السياسة الإسرائيلية والأميركية.

الانفجار الشعبي على الحدود المصرية تتحمل مسؤوليته حكومة الاحتلال والموقف الدولي المتواطيء معها. وفي الوقت نفسه هناك مسؤولية أخرى لحركة حماس التي كانت تستطيع خوض معركة الحصار بطريقة أخرى. الانقلاب مثلا عزل القطاع ونزع الشرعية الفلسطينية والعربية عن سلطة حماس الانقلابية، وكان من شأن ذلك تعريض أمان مليون ونصف المليون مواطن للخطر. لماذا ترفض حماس التراجع عن الانقلاب والاحتكام للمؤسسة وللمواطنين؟ لماذا لم تحول المعركة الى إصلاح المؤسسة وإعادة بناء الاجهزة واعتماد استراتيجية وطنية؟ ان التمسك بالانقلاب يعني تغليب الاستفراد بالسلطة على أمن وأمان الشعب وعلى الإصلاح والمصلحة الوطنية.

أرادت إسرائيل وعملت من أجل انفجار الناس ضد سلطة حماس، لكن حماس وجهت الانفجار نحو نقطة الضعف الوحيدة: الحدود المصرية.ونجحت نجاحاً كبيراً في ذلك. استفادت اسرائيل من الانفجار وحاولت منذ اللحظة الاولى تحويل أعباء مليون ونصف المليون فلسطيني الى خارج مسؤوليتها، في لحظة كانت الاصوات تتعالى منددة بالحصار الاسرائيلي وبمسؤوليته عن الكارثة المتوقعة. ارادت حماس الانفجار تثبيتا لسلطتها في القطاع، فهي الطرف الذي سيفاوض ويتوصل الى اتفاقات وحلول. لكنها انطلقت كما في الانقلاب من حسابات خاطئة، فهذه المرة قامرت بالعلاقة مع مصر من خلال الضغط غير المحسوب وقامرت بوحدة الضفة والقطاع وبالمشروع الوطني.

تستطيع حماس تفادي الخطأ الاستراتيجي والنزول عن الشجرة الثانية التي صعدت اليها بتفعيل اتفاق المعابر مع السلطة ولا بأس من محاولة تطويره من خلال تفاهم مصري فلسطيني أوروبي. ولتكن هذه الخطوة مقدمة التراجع عن الانقلاب والشروع بإعادة اللحمة بين الضفة والقطاع، وإعادة الحياة للمؤسسات والديمقراطية.

وهل يعقل في الجهة الاخرى أن تبقى السياسة الرسمية الفلسطينية على حالها ايضا؟ لا يعقل تقديم الخطاب ذاته في ظل استمرار العدوان والقضم المتواصل لمقومات الدولة المستقلة. لا يعقل استمرار التفاوض والاستيطان معا، لا يعقل عدم التحرك نحو إصلاح المؤسسة وتجديدها، ولا يعقل عدم البحث في خيارات أخرى.

إذا كانت السياسة الاميركية الاسرائيلية في المنطقة هي الثابت، فلماذا لا يتزحزح اتجاها الرفض والقبول عن مواقفهما التقليدية. وإذا اقترن الرفض بالسلب والقبول بالايجاب فان التغيير يبدأ من جبهة القبول. لماذا لا تنطلق مبادرات سياسية ومبادرات للاصلاح ومبادرات للوحدة الوطنية، المهم الخروج من الخطاب الذي صار مملا، المهم الخروج من الروتين وإطلاق مبادرات .

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required