مفتاح
2025 . الأربعاء 28 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

تداعيات معبر رفح ما زالت قائمة وهي مرشحة لـمزيد من التفاقم خلال الأيام القادمة بفعل عوامل صنعها وأهداف صانعيها، والاشتباك الذي حدث أول من أمس وذهب ضحيته مواطن فلسطيني وعدد كبير من الجرحى من صفوف الجنود الـمصريين يدلل على ان الأزمة التي فتحتها قيادة حركة حماس لكسر الحصار الـمفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل كان هدفها بالدرجة الأساس رمي الكرة بملعب القيادة الـمصرية لجهة فرض أمر واقع عليها بالتعامل مع النتائج التي ترتبت على إزاحة الحدود، وبالتالي إعادة تنظيم العلاقة مع حكومتها غير الشرعية، توطئة لفتح الـمجال أمام التعامل الواقعي مع السلطة القائمة وبهذا تكون حركة حماس قد ضمنت شريان حيويا لـمشروعها بالانفتاح على العالـم باعتبار مصر معبرا ليس لحل أزمة الحصار الإسرائيلي الظالـم والذي يرقى إلى جرائم الحرب باعتباره شكلا من أشكال العقوبات الجماعية التي تحرمها الاتفاقات الدولية وخصوصا اتفاقيات جنيف الأربع، وإنما معبرا لفك عزلتها الإقليمية والدولية وضمان بقاء مشروعها في قطاع غزة.

حركة حماس اعتقدت أنها بمحاولة توظيف مأساة الـمواطنين في غزة بإمكانها ان تغير من قواعد اللعبة على الـمستوى الداخلي والخارجي وتعيد ترتيب الأوراق بما يمكنها من العودة للامساك بزمام الأمور، وخاصة ان الرأي العام الداخلي الفلسطيني والذي كان يعلن عن سخطه على الاحتلال وحصاره ويحمله الـمسؤولية، لـم يكن يستثني حركة حماس ومسؤولياتها عما آلت إليه الأوضاع في القطاع وخاصة بعد انقلابها الأسود على الشرعية وأسس النظام الديمقراطي الفلسطيني.

ومن هنا فإن دعوات الانفصال بقطاع غزة وان حملت بعدا يدغدغ مشاعر الـمواطنين والاستقلال بالقطاع دون تحكم الاحتلال بالدخول والخروج منه، وكذلك التخلص من التبعات التي يفرضها، ان كل هذه القضايا دون شك لا خلاف عليها، ولكن لو جاءت في سياق إنهاء الاحتلال عن كافة الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة، وليس بشكل أحادي في غزة، ان هذا الحديث بالانفكاك عن اسرائيل يعيدنا إلى الجدال الذي أثير عندما قررت حكومة شارون بالفصل الأحادي الجانب في قطاع غزة مقدمة للفصل بالضفة الغربية وجعل الجدار العنصري الحدود الرسمية بعد الانتهاء منه، وكيف تعاملت حركة حماس مع القرار الإسرائيلي من خلال إطلاقها لفكرة إقامة إدارة خاصة في قطاع غزة تتمتع باستقلالية عن السلطة الوطنية الفلسطينية، ويعلـم الجميع ان النقاشات التي دارت آنذاك والـموقف الذي اتخذته الحكومة الفلسطينية، وكذلك الرئيس أبو مازن وجميع قوى العمل الوطني الفلسطيني وحذرت من مغبة الـمبالغة في الخطوة الإسرائيلية باعتبارها خيارا من جانب واحد لفرض سياسة الأمر الواقع وليست تحيزا كما ادعت حركة حماس آنذاك من اجل تبرير أطروحاتها وخطواتها اللاحقة، ودون أدنى شك فإن الاحداث اللاحقة والتي حكمت تصرف قيادة حركة حماس قامت بالفعل على تجسيد رؤية الانفصال بقطاع غزة كمقدمة لإقامة الـمجتمع الإسلامي حسب تعاليم منظر حركة الاخوان الـمسلـمين سيد قطب و"الانفصال عن الـمجتمع الجاهلي"، وهو مقدمة لبناء الدولة الإسلامية لاحقا، وبالتالي لـم يكن الانقلاب في حزيران الـماضي إلا حلقة من حلقات مشروع الانفصال وتجسيدا لهذه الرؤية الأيديولوجية، كما ان كل الـمحاولات الجارية الآن وخاصة بعد تفاعلات أزمة الـمعبر وسماع قيادة حركة حماس موقفا مصريا رسميا لا يقبل التأويل والجدال والنقاش بأن فتح الـمعبر لن يتم إلا تحت راية الشرعية الفلسطينية الواحدة والتي تعبر عن جميع الفلسطينيين والتي يمثلها الرئيس محمود عباس أبو مازن.

وفي سياق حملة الـمعابر توارد اقتراح الفصل الاقتصادي عن الاحتلال، ورغم أهمية هذه الطروحات للفكاك من التبعية الاقتصادية للاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي، إلا ان الدعوة الآن للفصل الاقتصادي للقطاع مع الاحتلال لا يعني سوى شيء واحد ووحيد وهو الدعوة إلى تحلل الاحتلال من مسؤولياته عن الأراضي الفلسطينية في القطاع باعتبارها أراضي محتلة وفك الارتباط بينها وبين الضفة الغربية، ان ما رفضته القيادة الفلسطينية أثناء الانفصال الأحادي الجانب من قبل حكومة شارون أيلول عام 2005 بدعوى ان الـمركز القانوني للقطاع وفقا للقانون الدولي لـم يتغير ومازال تحت الاحتلال بغية الحفاظ على الربط بوحدة الأراضي الفلسطينية وبالولاية السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع.

ان الدعوة للانفصال الآن وبكافة أشكاله وخاصة الاقتصادي هي خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي، ليس لأنها تعفيه من مسؤولياته كدولة احتلال فحسب وترمي هذا العبء على دولة شقيقة لها التزاماتها الدولية والإقليمية، وحتى لو أردنا بعد التخلص من الاحتلال فك الارتباط الاقتصادي معه فإننا بحاجة لعدة أعوام لفك الارتباط التدريجي معه وعلى ربط الخدمات مع مصر وغيرها، ولكن وهذا هو الأهم فإن الهدف الذي تحققه هذه الدعوة هو ضرب الـمشروع الوطني الفلسطيني وتفتيته بحيث سيتم التعامل معه على أساس وحدات جغرافية منفصلة ومنعزلة ولان يكون هناك أي رابط بين الضفة والقطاع، ويعفي إسرائيل من تحمل مسؤوليات الربط والتواصل.

ان التلطي وراء معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة من اجل تحقيق مصالح أيديولوجية وسياسية وتنظيمية في هذه الـمرحلة بالذات لا يخدم القضية الوطنية الفلسطينية بل يصب في خانة خدمة أهداف الاحتلال سواء بوعي من ينفذ او يطرح هذه الـمواقف او دون وعي منه.

والـمصلحة الوطنية تطلب وقبل كل شيء إنهاء الصراع الداخلي لضمان وحدة الشعب والأرض والقضية، والخطوة العملية والوحيدة هي بالتخلي عن الانقلاب ونتائجه والعودة إلى مائدة الحوار غير الـمشروط بقبول الانقلاب، وبما يقود إلى الاحتكام للشعب مصدر الشرعية بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة.

ان هذا الخيار يعيد مصادر القوة للشعب الفلسطيني ويقربه من تحقيق آماله بالحرية والاستقلال وبناء دولته وعاصمتها القدس، وبالانفكاك والانفصال عن الاحتلال بكافة أشكاله، ويفوت الفرصة عليه للتلاعب على الصراع الداخلي لتحقيق الـمزيد من الـمكاسب، كما ان هذه الخطوة تعيد القرار الوطني الفلسطيني إلى الـمائدة الفلسطينية وتسحبه من دائرة الاستخدام السياسي الإقليمي الساعي إلى تحسين شروطه التفاوضية مع الولايات الـمتحدة الأميركية على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والتي هي فوق الصراعات الإقليمية مهما اتخذت من أبعاد وشعارات براقة.

الايام

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required