مفتاح
2025 . الأربعاء 28 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من المفارقات العابرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، هو موقف موشي شاريت (موسى شرتوك)، زعيم حزب المابام واول وزير خارجية لاسرائيل. وبحكم موقعه كان شرتوك يشرف على الفريق الاسرائيلي المفاوض في رودس عام 1949. وخلال جلسة للحكومة الاسرائيلية، وكانت قد فرغت من اقامة دولتها، طرح مصير الضفة الغربية للنقاش، وكان الرأي الغالب بزعامة رئيس الوزراء بن غوريون هو تسليم الضفة الغربية للاردن. ولكن شرتوك الذي كان اشتراكيا يساريا، اعترض على ذلك واقترح ان تقوم اسرائيل بمساعدة فلسطينيين تقدميين لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية حتى لا تقع تحت النفوذ البريطاني الاستعماري. فرفض الاقتراح، ورد بن غوريون متهكما :»ليس من بين مهماتنا ان نقيم دولة للعرب«.

بالنسبة لموقف بن غوريون، الذي كان غالبا ما يتولى وزارة الحرب بجانب رئاسته للوزراء، فقد ركز اهتمامه على العمليات العسكرية وتحقيق نتائج على الارض، مع اغفال العمل الدبلوماسي، حتى وتعطيله كذلك. ففي 2/11/1948، بعث ياكوف شيموني نائب رئيس دائرة الشرق الاوسط بوزارة الخارجية، برسالة الى رئيسة الياس ساسون الذي كان متواجدا في باريس، جاء فيها :»يسعى (بن غوريون) لحل جميع المشاكل بالوسائل العسكرية بطريقة لا تجعل للمباحثات السياسية، ولا للعمل السياسي اي قيمة«. فقد كان بن غوريون يرى ان الزمن يعمل لصالح اسرائيل.

وفي اجتماع لاعضاء حكومته (29/5/1949) قال بن غوريون انه لا يجب النظر الى عدم تحقيق سلام رسمي مع العرب على انه مصيبة كبيرة، لانه مع مرور الوقت فان العالم سوف يعتاد على حدود اسرائيل الحالية وينسى حدود قرار التقسيم (1947).

المؤلم، ان العرب، ومن ضمنهم الفلسطينيين، ينتظرون من اسرائيل بعد ان اقامت سلامها، ان تحقق لهم سلامهم، الذي هو خيارهم الاستراتيجي الوحيد، بعد انصرافهم عن الخيارات الاخرى. وقد تجسد هذا الخيار في مبادرة السلام العربية (بيروت 2002)، التي تفتقر الى التحديد والوضوح، والى آليات التنفيذ.

ولكن اي سلام هذا الذي اقامته اسرائيل؟

كان الهم الاول لدى قادة الحركة الصهيونية منذ البداية هو توفير مقومات »السلام الاسرائيلي« حتى قبل قيام اسرائيل، فقد واكب الجيش البريطاني الذي غزا فلسطين (1917) جيش يهودي مكون من خمسة الاف جندي بلباس وشارات خاصة بهم. وكان زئيف جابوتنسكي وبن غوريون وبن زفي من بين مجندي هذا الجيش. وقد رفضت بريطانيا بقاء الجيش اليهودي كما هو، فقامت بحله. ولكن هذا الحل لم يغير من موازين القوة في فلسطين، حيث تحول الجيش اليهودي الى جيش سري.

اقامت اسرائيل سلاحها على قاعدتين، الاولى هي التفوق العسكري وما يوفره من انجازلات كاحتلال للاراضي والاحتفاظ بها، والثانية: هي المراوغة السياسية والدبلوماسية لافشال كل مفاهيم السلام التي لا تتطابق مع مفهومها للسلام.

اجتمع بن غورويون مع مستشاريه السياسيين والعسكريين في 1/1/1948 وذلك لتشكيل استراتيجية يهودية للصراع المرتقب. وفي هذا الاجتماع قلل خبراء الشؤون العربية في الوكالة اليهودية من المخاطر العسكرية للفلسطينيين، واوصوا بالمرونة السياسية معهم. ولكن قادة الهاجانا العسكريين وبن غورويون عارضوا ذلك وتبنوا استراتيجية التصعيد العسكري والدفاع الهجومي بالاضافة الى التخريب الاقتصادي والحرب النفسية.

كان قادة الهاجانا قد وضعوا الخطة دال »D« في شهر اذار 1948 وكان هدف هذه الخطة هو تأمين المناطق التي خصصها قرار التقسيم (1947) للدولة اليهودية، وكذلك المستعمرات اليهودية الواقعة خارج حدود قرار التقسيم. وكانت الخطة »D« ذات اهداف عسكرية واقليمية، وديمغرافية بطرد الفلسطينيين من ديارهم.

وعندما حان تنفيذ الخطة، بدأت الهاجانا في احتلال المدن العربية في فلسطين وتدمير القرى. وتحت الضغط اليهودي العسكري بدأ الفلسطينيون في مغادرة مواطنهم. وتمركز معظمهم في الضفة الغربية وقطاع غزة بالاضافة الى الذين رحلوا الى سوريا ولبنان وشرق الاردن.

وبدأت اسرائيل في تثبيت ما اصبحت تطلق عليه »الامر الواقع« والذي تمثل في الاستيلاء على اراض خارج حدود التقسيم، وطرد الفلسطينيين من ديارهم بالهجمات العسكرية النوعية لرفع معنويات المهاجرين اليهود في الداخل ودفع اللاجئين الفلسطينيين لليأس في الخارج، ووضع الدول العربية المحاذية لاسرائيل تحت الضغط العسكري.

في موسم السلام الذي اطلقه الرئيس الاميركي بوش، ما هو ذلك السلام الذي تسعى اسرائيل الى تحقيقه؟.

تقول اسرائيل انه السلام الذي يحقق لها »الامن« والامن الاسرائيلي »يقونه مليئة بالاسرار، وانه حالة خاصة، لا تخضع لقواعد العلاقات في المجتمع الدولي، وان اسرائيل لا تثق في الامم المتحدة ولا في الولايات المتحدة، وفي ضوء هذا الموقف فانها تبرر اعتمادها على القوة العسكرية المتفوقة لضمان امنها. وانعكاسا لهذه الحقيقة فانها تلغم اي مبادرة للسلام بشروط تعجيزية لا يقبل بها الطرف الاخر، مثل مطالبة الرئيس عباس بسحق المنظمات الفلسطينية المسلحة، ومطالبة حماس بالاعتراف بها في الوقت الذي تغتال فيه خيرة مقاتليها. وهكذا يظل السلام الذي تطرحه اسرائيل على الفلسطينيين خيارا بين الانتحار او الموت البطيء.

صحيفة القدس

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required