مفتاح
2025 . الخميس 29 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في ظل حصار “إسرائيلي” معيشي طويل مضروب على قطاع غزة انفجر سكان قطاع غزة على هذا الحصار الظالم، فكان أقصر الطرق وأسهلها للتعبير عن نقمتهم للتمرد والتخلص من هذا الحصار هو هدم الجدار الحدودي الفاصل بين رفح الفلسطينيين ورفع المصرية، على نحو ما تابعناه في أيام عدة من مشاهد دراماتيكية مثيرة لمئات آلاف الغزاويين، وهم يعبرون إلى الجانب المصري من خلال الفوهات والأجزاء المهدمة التي أحدثها السكان الغاضبون. وأمام ذهول ومباغتة السلطات المصرية للحدث، التي بدا ان قوات الأمن وحرس الحدود المصرية عجزت عن السيطرة عليه، لم تجد القاهرة سوى اتباع سياسة ضبط النفس والسماح للأفواج الغزاوية العابرة التي فرضت نفسها بدخول الاراضي المصرية للتزود باحتياجاتها من المؤن الغذائية والمعيشية. لكن سرعان ما استعادت السلطات المصرية زمام الموقف وأعادت سيطرتها على الحدود وطلبت من الذين تبقوا في الجانب المصري العودة الى ديارهم في الجانب الفلسطيني سريعاً، وأعادت تسوير الخط الحدودي بأسلاك شائكة. لكن حتى الآن لا يعرف مدى نجاح الحكومة المصرية في ضبط وإرجاع كل من عبر من الفلسطينيين إلى الديار المصرية، خاصة أن من عبروا يقدرون بمئات الألوف.

ومع ان أزمة العبور شبه منتهية على الجانب المصري بنجاح السلطات المصرية في استعادة زمام السيطرة على الموقف، إلا أن أزمة تنظيم العبور رسمياً وليس من خلال الفوضى العارمة التي أحدثتها الانتفاضة الغزاوية على معبر رفح تظل قائمة بسبب تحديد السلطة الشرعية الفلسطينية التي يحق لها تنظيم هذا العبور المتبادل بين الجانبين المصري والفلسطيني، فسلطة حركة حماس تصّر على انها هي المخولة الوحيدة للتعامل معها دولياً لتنظيم هذا العبور رسمياً في معبر رفح، في حين تصر السلطة الفلسطينية التي تمثل بغالبيتها الساحقة حركة “فتح” ويترأسها محمود عباس على انها هي الوحيدة المؤهلة وصاحبة الحق الشرعي في تسلم معبر رفح.

ولكن كيف ستتسلم “حماس” معبر رفح في ظل وضع دولي وعربي لا يعترف بمشروعية ما قامت به، عدا أن قوى دولية عديدة ما زالت تنظر إليها كحركة انقلابية بغض النظر عن بطلانها ؟ هذا ما لا تجيب عنه “حماس” نفسها، وكيف يمكن للسلطة الفلسطينية الفتحاوية أن تتسلم معبر رفح في ظل هيمنة “حماس” الكاسحة على مجمل قطاع غزة بعد خسارة تلك السلطة في معركتها العسكرية الأخيرة مع “حماس”؟ فهذا ما لا تجيب عنه السلطة الفلسطينية نفسها.

وهكذا يقع الشعب الفلسطيني المعذب المحاصر، وعلى الأخص سكان القطاع ،بين مطرقة الاحتلال من جهة وسندان الصراع الفتحاوي الحماسي من جهة أخرى.

والمستفيد الأكبر من هذا الصراع بالطبع هو الاحتلال “الإسرائيلي” وحليفته الولايات المتحدة، فضلاً عن الأنظمة العربية الأكثر معنية بالقضية الفلسطينية والتي تجد في هذا الصراع الفلسطيني الفلسطيني ضالتها لرفع العتب واللوم والتنديد بالتخلي عن كامل التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، إن لم نقل تواطؤها مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” في العمل على تصفية هذه القضية، “ما دام رب البيت بالدف مولعا”، وهكذا يتبين لنا ان أزمة الحصار التي يعاني منها الفلسطينيون في الظروف الراهنة، وعلى الأخص سكان قطاع غزة، إنما يسهم في تعقيدها أيضاً غياب وحدة الكلمة الفلسطينية الناجمة عن الانقسام التناحري بين القوى الفلسطينية المهيمنة على الساحة السياسية الفلسطينية، وعلى الأخص حركتا “حماس” المهيمنة وحدها على غزة و”فتح” المنفردة باحتكار السلطة الفلسطينية في رام الله.

وما لم تعد كلتا الحركتين إلى رشدها سيظل شعبهما هو الذي يدفع ثمن هذا الانقسام التناحري المدمر، ولن ينفع في ظل هذه المأساوية إدانة التقصير أو التخاذل العربي أو التواطؤ الدولي ما دام ممثلو الشعب الفلسطيني منقسمين على أنفسهم.

إن تسلم معبر رفح على الجانب الفلسطيني بحاجة ملحة إلى سلطة فلسطينية اتحادية لا تتحقق إلا في ظل استعادة الوحدة الفلسطينية، ومن دون ذلك ستظل آجلاً أم عاجلاً أزمة معبر رفح ومعها أزمة الحصار المضروب على القطاع قائمة، فلن يتعزز الصمود الفلسطيني لإفشال هذا الحصار الإرهابي “الإسرائيلي” الظالم إلا بتعزيز وحدة الصف الفلسطيني. وتخطئ “حماس” ومعها كل العرب المتحمسين لها إذا ما اعتقدوا ان حل أزمة المعبر يتم بالطريقة التي تمت.. فالحدود الدولية بغض النظر عن سياسات الأنظمة التي تتولى حراستها وتنظيم العبور على جانبيها هي في مجتمعنا الدولي المعاصر عظيمة الأهمية، لضبط ليس فقط الخارجين على القانون والمتورطين في جرائم سرقات وقتل أر الإدمان والمتاجرة في المخدرات.. الخ، بل ولضبط وحصر عدوى الأمراض والأوبئة العصرية الفتّاكة في مجتمعنا الدولي بمناطقها بدلاً من تعميمها عبر الحدود.

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required