مفتاح
2025 . الخميس 29 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لاحظ المراقبون مؤخراً أن التوتر في منطقة الشرق الأوسط ازداد بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي جورج بوش لها. لكن التصعيد الأبرز في هذا الإطار ظهر في لبنان، حيث انتقل خطاب الموالاة فيها من الحديث عن الخلافات السياسية إلى التلويح بالفوضى والحرب، وفي نقلة بدت مفاجئة بعد هدوء تبين أنه كان يسبق العاصفة! هكذا وجدنا زعيم الأكثرية النيابية، سعد الحريري، يعلن استعداده للمواجهة إذا فرضت عليه، ثم جاءت بعد ذلك الإعلان بيوم واحد تهديدات وليد جنبلاط المرحبة بالفوضى والحرب التي تأكل الأخضر واليابس، ليلحق بهما أمين الجميل الذي أكد أن الكيل قد طفح عند كل اللبنانيين.

جاءت هذه النقلة بعد فشل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في التوصل إلى اتفاق بين المعارضة والموالاة في محاولته الثانية، وبعد التأجيل الرابع عشر لجلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.

وإذا كان وليد جنبلاط قد عاد، بعد يوم من تهديده بالحرب، فقال لصحيفة (السفير- 11/2/2008) إنه لم يقصد المواجهة بما قاله عن الحرب، بل إن خطابه لم يكن إلا (خطاباً تعبوياً ليس إلا)، فإن ذلك لم يغير شيئا مما قال، وليس بمقدوره أن يغطي على مدلولات ما قال، إذ أنه لم يبين الفرق بين (الخطاب التعبوي) وبين التهديد الذي انطوى عليه خطابه. وفي كل الأحوال يظل التحريض هو جوهر الخطاب التعبوي، والتحريض على الفتنة أشد من القتل، كما يقول اللبنانيون. إن المحلل السياسي لا يستطيع إلا أن يتساءل عن أسباب ومبررات تصعيد التوتر الذي أدت إليه خطابات رموز الموالاة، ومحاولة تقديم تفسير لسلوكها الأخير. وفي هذا السياق، يمكننا أن نستذكر أن آخر تقرير وضعته المخابرات الأمريكية حول لبنان تحدث عن “اقتراب لبنان من الحرب الأهلية وعودة الميليشيات إلى التسلح والتدريب”، وهذا التقدير ليس مجرد رصد لما كان يجري وكانت تفعله ميليشيات الموالاة في لبنان في الأشهر الأخيرة، بل هو شكل من أشكال التوجيه لما تريده الإدارة الأمريكية أن تجري الأمور وفقا له. ويبدو أن صبر إدارة بوش على لبنان قد نفد، وأنه أصبح مطلوبا من أصدقائه فيه أن يتحركوا في خطوة عملية أكثر من مجرد الخطاب السياسي التعبوي أو التحريضي ضد المعارضة الوطنية اللبنانية تنفيذا لمخططاتها في المنطقة. وبحسب مراقبين في لبنان، واستنادا إلى معلومات دبلوماسية، فإن الإدارة الأمريكية ترفض الحوار الذي تتبناه الجامعة العربية للتوفيق بين الأطراف اللبنانية، ودليل هؤلاء أنه لم يصدر حتى الآن موقف علني من هذه الإدارة يؤيد المبادرة العربية، بل إن السفارة الأمريكية في بيروت ردت على تساؤل أصدقائها بهذا الخصوص بأن طلبت منهم ألا يتوقعوا منها تأييدا للمبادرة. يضاف إلى ذلك، وبحسب المصادر نفسها، أن الإدارة الأمريكية تصر على تأجيج المواقف العربية ضد سوريا تأكيدا لعزلتها وعرقلة لأي توافق لبناني- لبناني ممكن.

ويأتي تصعيد التوتر في لبنان مترافقا مع تهويل “إسرائيلي” حول تنامي القوة الصاروخية السورية، وكذلك ارتفاع التهديدات لحركة (حماس) في غزة، وفي وقت يفترض فيه أن تتم عمليه انسحاب أو إعادة انتشار لجزء من قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وسط تواتر فشل “مجالس الصحوات”، آخر خطوات تهيئة الأجواء لهذا الانسحاب. فالتهويل بالتسلح السوري، وتنامي القوة الصاروخية لديها بمساعدة إيرانية، ترافق مع سلسلة من المناورات العسكرية أجراها الجيش “الإسرائيلي”، بعضها في الجولان والمنطقة الشمالية وبعضها في الجنوب في منطقة إيلات، وبحسب صحيفة (هآرتس) كانت “لإظهار مدى القدرة القتالية والجاهزية لخوض حرب تقليدية مع سوريا”.

أما في قطاع غزة، فمع عودة القطاع إلى دائرة الحصار، عادت عمليات القصف والتوغل والاغتيال إلى تصعيد جديد مع عودة إلى التهديد بعملية عسكرية برية واسعة تعيد احتلال القطاع وتستهدف في الوقت نفسه تصفية قادة (حماس) ومنظمات المقاومة. وفي هذا الإطار، اشتكى السفير “الإسرائيلي” لدى الأمم المتحدة، داني غيلرمان، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة إطلاق الصواريخ على المستوطنات الصهيونية، ووصف ذلك بأنه “أعمال إرهابية خطرة”، فيما اعتبر مراقبون هذه الشكوى بأنها ربما تمهد لعدوان واسع على قطاع غزة. وإذا ما تم تجميع مربعات التوتر هذه بعضها إلى بعض، وتذكرنا “مشروع الشرق الأوسط الكبير” الأمريكي للمنطقة، الذي تعثر لكن لم يتم تخلي إدارة بوش عنه، وتذكرنا ساعة الرمل التي تأذن باقتراب موعد مغادرة بوش للبيت الأبيض، وتخوف القيادة “الإسرائيلية” من أن يكون الرئيس الأمريكي المقبل أقل تصهيناً وانحيازاً (لأمن “إسرائيل”)، وخوفها من نجاح إيران في تجاوز نقطة اللاعودة باتجاه القنبلة النووية... إذا ما أخذنا ذلك في الحساب، يصبح من الواقعي تصور إمكانية ذهاب إدارة بوش إلى حرب جديدة في المنطقة يكون مدخلها دفع لبنان إلى حالة من الفوضى بحيث تصبح الحرب الأهلية في ظلها- إن أصبحت ضرورية- مسألة إجرائية!

إن متابعة موضوعية لما يصدر عن بوش وإدارته من تصريحات تؤكد أن مخططات هذه الإدارة المتعلقة بمنطقتنا العربية لم يصبها أي تغيير، بل ربما زادت الرغبة لدى هذه الإدارة في تحقيق أكبر جزء منها قبل أن تغادر مواقع السلطة، وهو ما يفرض على كل القوى الوطنية العربية، في كل البؤر المستهدفة، رفع درجة يقظتها واستعدادها لمواجهة ما يخطط لها وإفشاله.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required