مفتاح
2025 . الخميس 29 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قبل الانتخابات التشريعية، وما بعدها، كان رهان كثيرٍ من المحللين والكُتّاب، على أنّ "حماس" ستكون جزءاً من الديمقراطية.. فيما راهن الآخرون على أنّها ستمتطيها لتحقيق مصالحها الذاتية.. وإنْ لم يكن تحقيق المصالح ضمن الإطار الديمقراطي، فسيكون عبر "حدِّ السيف"..!!

راهنتُ شخصياً، خلال السنوات الماضية، على أنّ "حماس" أبعد ما تكون عن النظام الديمقراطي، على اعتبار أنّها حركة دينية في لباس سياسي، لا تؤمن أصلاً بالديمقراطية، أي بمعناها الأيديولوجي.. وكل ما آمنَت به "حماس" أنّ الديمقراطية هي المشاركة في الانتخاب، واستخدام صناديق الاقتراع للوصول الى السلطة، بدل استخدام "حدِّ السيف"!

بعد الانتخابات التشريعية، لم يشكّك أحد بالمطلق، بشرعية نتائج الانتخابات، وقد قبلها الشعب الفلسطيني، رغم الصدمة الكبيرة.. لأنّها جاءت على قاعدة تعذيب الذات.. حيث ان نسبة كبيرة جداً من الذين صوّتوا لـ"حماس" هم من غير المؤمنين مطلقاً بفكرها السياسي والأيديولوجي.. واقترعوا بشكل انتقامي، لما تمّ تضخيمه إعلامياً، تحت مسمى قضية "الفساد"..!

من البداية؛ حذرنا من أنّ "حماس" على صورتها القائمة، ليس من السهل عليها تقبّل الآخر.. والآخر هنا ليس العدو، وإنّما الفلسطيني المخالف لها في الرأي..!

حملة "حماس" ضد الإعلام، لم تبدأ منذ سيطرتها، عبر "حدِّ السيف"، على قطاع غزة، بل سبقت ذلك بكثير.. وربما أكثر بكثير مما يتوقع البعض، ولنقل إنّ البداية الملحوظة كانت منذ الإعلان عن الانطلاقة الرسمية للحركة في العام 1987، مع شرارة الانتفاضة الأولى.. حيث بدأت "حماس" بانقلابها الإعلامي الأول، مع إصدار بيانات خاصة بها، ولم تقم بالانضمام مطلقاً الى القيادة الوطنية الموحدة، أو على الأقل المشاركة في بيان جماهيري وإعلامي واحد.. ما ساهم، في حينه، في كثيرٍ من الأحيان، في إرباك الشارع الفلسطيني ومضاعفة عدد أيام الإضراب.. التي بان أثرها على قطاع الخدمات الحكومية، خاصة التعليم.. عندما اكتشفنا بعد عقدٍ من الزمن، أنّ جيلاً كاملاً يعاني ضعفاً علمياً شديداً.. ولكن؛ لا بأس ، فربما كان ذلك ثمناً للمقاومة والنضال الوطني..!!

الانقلاب الإعلامي الثاني لـ"حماس"؛ بدأ من الانفتاح الإعلامي الذي مارسته السلطة الوطنية، حيث سمحت للجميع، بمن فيهم "حماس" بامتلاك كافة وسائل الإعلام، سواء المرئية، المسموعة، أو المكتوبة.. وكان منطلق السلطة في ذلك، التأكيد على حرية الرأي والتعبير، وحق الحصول على المعلومات.. وهي الأهداف الأساسية للإعلام بشكل عام.. وقد استغلّت "حماس" هذا التوجه الديمقراطي للسلطة الوطنية بأن أصدرت صحفاً خاصة بها.. ومواقع الكترونية منذ بدايتها.. ولكنها، للأسف، اختطّت خطاً تحريضياً، وفي بعض الأحيان، دموياً وتخوينياً.. ومَن لم يقتنع بذلك، فليعد إلى قراءة ذلك الإعلام..!

وقبل استخدام "حدّ السيف" في غزة، قامت بحملات إعلامية شعواء ومنفلتة ضد الرموز والقوى الوطنية، خاصة حركة "فتح"، واستخدت أسلوباً جهنمياً في محاولات المسّ بشخصيات محددة، وما أطلقت عليه في حينه بتيّار الخيانة.. مستغلة الأوضاع الناجمة عن الاجتياح الإسرائيلي العدواني للمدن الفلسطينية، وإعادة احتلالها، وانهيار كثيرٍ من مقوّمات السلطة الوطنية..

المرحلة الثالثة من الانقلاب الإعلامي؛ توّجتها "حماس" بعد الانقلاب العسكري.. الذي أغرق شوارع القطاع بدماء كثيرٍ من المناضلين.. ولأولّ مرة، يشارك الإعلام في الأراضي الفلسطينية ممثلاً بفضائية "الأقصى"، في مشاهد "السّحل" في شوارع غزة...!! هذه المشاهِد التي لا تقرّها القوانين الوضعية أو السماوية، والتي ترفضها بالمطلق، كلّ قوانين الإعلام في العالم.. وأصبحنا نلاحظ أنّ ماكنة الإعلام "الحمساوية"، تم تسخيرها بشكل مطلق، فقط للترويج لما خلّفه "حدّ السيف"..!! ولعلّ بحثاً إعلامياً محايداً، سيظهر مدى ظلامية هذا الإعلام، وفئويّته..!

ولقد تُوّج المشهد الإعلامي "الحمساوي" بأفظع صوره، من خلال المحاكمات للصحافيين، وهي المرّة الأولى منذ عملي في الصحافة منذ أكثر من 52 عاماً، يتم فيها اتهام الصحافيين ومحاكمتهم..!!

محاكمة رئيس تحرير "الأيام"، والحكم عليه بالسجن والغرامة، ومحاكمة رسام الكاريكاتير في الصحيفة، ومنع توزيعها في الأراضي التي تم إخضاعها "بحدِّ السيف"، والمطالبة بالقبض على رئيس تحرير "الحياة الجديدة".. تؤسس لفترة إرهابٍ إعلاميٍّ، ووأدٍ للحريات على الطريقة الجاهلية.. كلّ ذلك من أجل محاولة ترسيخ سلطة ثيوقراطية.. أدّت الى دمارٍ وخرابٍ، وردّة اقتصادية واجتماعية وثقافية، تحاول جرّنا الى العصور الظلامية..!!

الايام

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required