مفتاح
2025 . الخميس 29 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

تناولت في مقال سابق أزمة معبر رفح من منظور خصوصية العلاقة التي تربط مصر بغزة ومن منظور المدركات التي تحكمها ومن منطلق أن الأزمة تتجاوز الإعتبارات الإنسانيه ، أمامقال اليوم فسوف يركز على جوهر وطبيعة الأزمة والخيارات والسيناريوهات الممكنه لحلها وليس إدارتها .

جوهر الأزمة وتوصيفها :

هل أزمة معبر رفح من نوع ألأزمات الحدودية المحدودة أم هي أزمة سياسية قانونية ، في الواقع الأزمة هي أزمة سياسية بمعناها الدقبق، وتعكس الأزمة الفلسطينية في بعدها الداخلي. وفي بعدها الثاني هي أزمة حدود مع مصر ، وفي بعدها الثالث أزمة إحتلال مع إسرائيل، وفي بعدها الرابع أزمة مواقف دولية وعدم قدره على المبادرة وحل الصراع ، وهي إنعكاس لموقف عربي إسلامي غير متوافق حول القضية ، وأخيراقد تعكس في أحد أبعادها العلاقة مع الحركات الإسلامية وأنظمة الحكم العربية. ومن هنا فهي أزمة تتجاوز أزمات الحدود المتعارف عليها ولذلك تحتاج إلى منهاج سياسي شامل للحل ، فهي من نوع الأزمات الجزئية التى تتحكم في ألأزمة الكل، وهو ما يعكس تعقدها وتشابك عناصرها .

الخيارات والسيناريوهات الممكنة :

تثير أزمة معبر رفح عددا من الخيارات والسيناريوهات الممكنة ، وتستند هذه الخيارات أولا على بيئة الأزمة وأطرافها والأهداف التي يسعى كل طرف لتحقيقها من وراء هذه الأزمة، وبنية الأزمة وطبيعتها .

ومن حيث بيئة الأزمة ومحددادتها : فلسطينيا فهي: وتنقسم الى الفاعلين الرئيسيين السلطة وحركة »فتح« من ناحية و»حماس« من ناحية أخرى .

_وجود حالة من عدم التوافق السياسي بين حركتي »فتح« و»حماس« .

_التنازع على السلطة وإنحصار الخلاف حول الحكم والسلطة وإدارة الشؤون العامة

_إنقسام الحكم بين القوتين بحكومة في الضفة وأخرى في غزة وتمسك كل منها بحقه في الحكم .

_حالة الإنقلاب وسيطرة »حماس« الكاملة على غزة مما أوجد واقعا سياسيا وأمنيا لا يمكن تجاهله .

_حالة الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني ومن ثم تردي الأوضاع الإقتصادية التي يعيشها الشعب الفلسطيني .

ويمكن أن نضيف أيضا على مستوى السلطة وحركة »فتح« العناصر التالية :

ضمان التأييد الدولي للسلطة كممثل شرعي ووحيد في الضفة وغزة .

_رفض سيطرة »حماس« على غزة بالقوة وعدم الإعتراف بكل نتائج الإنقلاب.

_عزل »حماس« وإضعافها بحيث لا تشكل تهديدا لشرعية السلطة القائمة .

_ضمان إستمرار المساعدات الدولية والإلتزام بكل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل.

_الحرص على إستمرار المفاوضات وأخيرا القبول بحماس بالتزام الأخيرة بالشرعية الدولية وبالإتفاقات التي وقعتها السلطة الفلسطينية .

اما حماس من جانبها فتتمسك بحقها الشرعي وفوزها بالإنتخابات والمطالبة بإعادة المنظومة الأمنية والسياسية، ومحاولة فرض حالة من ألأمر الواقع وتزايد دور القوى المتشددة داخلها بفعل عامل القوة, والتمسك بخيار البقاء والصمود إنتظارا لما قد تفرزه التحولات الإقليمية والدولية وما قد تكشف عنه هذه السنة من تغيرات وتحولات قد تعمل لصالحها .

_عدم حسم الموقف الداخلي إتجاه التسوية والتهرب من إستحقاقات العملية التفاوضية .

_تشكل سيطرة حماس على غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل يتمثل في تدفق الأسلحة وتصنيعه وفي الارتباطات الخارجية لحماس ..

الدفع بتصدير عبء غزة إلى مصر

_تعميق حالة الإنقسام الفلسطينية وإعتبار قطاع غزة كيانا معاديا وخطرا .

_إطلاق الصواريخ وما تشكله من تهديد لها يبرر من وجهة نظرها فرض الحصار والتحكم في المعابر .ضعف الحكومة الإسرائيلية القائمة وإحتمالات الإنتخابات المبكرة.

الإستمرار في سياسة التصعيد العسكري وصولا إلى حالة الإجتياح الكامل .

الموقف المصري تحكمه عدة إعتبارات :

_ضمان الإستقرار والهدوء على حدودها.

_حماية ألأمن القومي المصري

_إعتبار عملية فتح الحدود دون ضوابط متفق عليها إنتهاك لأمنها القومى

_خصوصية العلاقه مع غزة

_الإعتبارات الإنسانية ورفض الحصار المستمر

إعتبار أزمة المعبر فلسطينيه إسرائيلية

_المسؤولية القومية

إدراك بأن لحماس دور أمني.

_مراعاة الإتفاقات القائمه والشرعية الفلسطينية .

الحيلولة دون إنفجار قطاع غزة لما قد يشكله ذلك من تهديد لأمنها .

_دعم إتفاق سريع بين فتح وحماس ودعم الحوار بينهما .

_إعتبار ما حدث على الحدود المصرية الفلسطينية تجاوزا لكل ألإعتبارات الإنسانية.

_تدخل بعض القوى في الشأن الفلسطيني لأهداف خاصه بها.

تداخل الأزمات العربية مع ألأزمة الفلسطينية مثل لبنان العراق والملف السوري ألإسرائيلي والملف النووي الإيراني وتباين المواقف العربية من حركة حماس والسطة ممثله في الرئاسة .

- التعاطف الشعبي مع حصار غزة تزايد دور الحركات الدينية .

وعلى الصعيد الدولي إستمرار الهيمنة الأمريكية والتحكم بمجريات الأحداث في المنطقة وإنغماسها فى إيران والعراق ولبنان، ودعم الموقف الإسرائيلى وطرح مبادرات سياسية غير جادة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي وتبنى الموقف الإسرائيلي من حركة حماس ، والعمل على إضعاف وعزل حماس مما قد يفقدها شعبيتها، ودعم وتقوية السلطة الوطنية الفلسطينية ممثله في مؤسسة الرئاسة وحكومة دكتور سلام فياض , ورفض أي حوار بين حركتي فتح وحماس دون إلتزام ألأخيرة بشروط الرباعية الدولية ، وان إحياء العملية السياسية وتعزيز الأوضاع الإقتصاديه من شأنه أن يعزز دور المعتدلين في مواجهة القوى المتشددة .

واما الموقف الأوربي لا يخرج في عمومه عن الموقف ألأمريكي ويتمثل في دعم موقف الرئاسة الفلسطينية ،لكنها في الوقت ذاته تدرك دور حركة حماس .وفي الوقت ذاته ضعف الدور ألأوربي سياسيا وأخيرا تراجع الأولويات في ألأجندة الدولية وتغليب النزعة الإنسانية للقضية الفلسطينية .

وبناء عليه يمكن تصور الخيارات التالية :

العودة الى إتفاقية 2005كما كانت عليه في السابق وهذا الخيار مستبعد لرفض حماس وايجاد واقع أمني جديد لا يمكن تجاهله .

سيناريو فتح الحدود بالإتفاق بين مصر وحماس وهذا أيضا مستبعد لأسباب تتعلق بالشرعية الفلسطينية والموقف الدولي الرافض، وللإستحقاقات الدولية بين مصر وغيرها وفي مقدمة ذلك إسرائيل سيناريو ألإدارة المشتركة مع مؤسسة الرئاسة وهذه غير محتمل لرفض الرئاسة الفلسطينية لأن ذلك قد يعتر إعترافا بالإنقلاب وشرعيته ، إلا إن هذا السيناريو ممكن فى حال تراجعت حماس عن موقفها واستجابت لشروط الرئاسة الفلسطينية سيناريو إستمرار الحصار وهذا غير ممكن لأن مصر أعلنت إلتزامها ومسؤوليتها القومية إتجاه غزة وعدم تجويع سكانه .

سيناريو فتح الحدود بالقوة وهذا غير ممكن لأنه يعرض العلاقات مع مصر إلى مزيد من التوتر والخلاف وهذا ليس في صالح حركة حماس ومن شأنه أن يقود إلى تداعيات سياسية وأمنية خطيرة ولرفض شعبي مصري كامل وغمكانية عدم التعامل مع الفلسطينيين إقتصاديا أو تجاريا .

وهناك سيناريو مؤقت لفتح الحدود على غرار المعابر الأخرى مع إسرائيل بفتح الحدود بين فترات معلومة وتنظيم دخول البضائع والحالات الإنسانية ، وهذا خيار مؤقت .وأخيرا

سيناريو الموافقة على عودة فتح المعبر بموجب إتفاق 2005 مع تعديل وتقليص دور إسرائيل في المعبر وحرية مرور ألأشخاص والبضائع ، وعدم تحكمها في غلق المعبر مع تواجد أوروبي في مصر وبداية عودة الشرعية لدور الرئاسة مع تحديد دور لحماس ولو في محيط المعبر هذا السيناريو قد يكون افضل السيناريوهات ويحقق المصلحة لجميع ألأطراف وسيجد دعما وطنيا وشعبيا فلسطينيا وقد يجد إستجابه دولية.

وهذا الحل فيه تفادي لأهداف إسرائيل ليس فقط بتصدير الأزمة إلى مصر بل وإفشال لرؤى إسرائيلية بعيدة المدى بترحيل الفلسطينيين وإحياء لأفكار وخطط إستيطانية جديدة في سيناء مما يحول القضية الفلسطينية إلى قضية فلسطينية مصرية عربية ، ومن شأنه أن يفتح المجال أمام الحوار الفلسطيني والشراكة السياسية والإدارية على المستوى الفلسطيني مع إستمرا تحمل إسرائيل لمسؤوليتها كدولة إحتلال .

إذن ألأزمة ليست أزمة خيارات بل هي أزمة قرار فلسطيني في المقام الأول ما بين الحركتين الرئيسيتين وعدم القدرة حتى الأن على التعايش والتوافق السياسي في إطار نظام سياسى تحكم أسس التفاعل بين قواه القواعد الديموقراطية ، وطالما أن ألأزمة أزمة قرار فهذا القرار مرهون بإعتبارات وتأثيرات قوى إقليمية ودولية مما من شأنه أن يعقد ألأزمة ويجعل منها أزمة مركبة، وأخيرا يبدو لي أن المخرج الوحيد لا يخرج عن البحث عن خيار لإدارة الأزمة وليس حلها، لأن الحل سيظل محكوما بحالة الحوار والمصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة .

بقلم: د. ناجي شراب/استاذ العلوم السياسية/جامعة الازهر

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required