مفتاح
2025 . السبت 31 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عندما كانت تذكر »القضية الفلسطينية« في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، كان مضمونها يوحي بأنها قضية كل العرب، وكان حلّها المضمر يعني تحريرها، وكانت مشاعر الجماهير العربية المتأججة توحي لأصحابها، دون حساب او تدبير، بأن التحرير مسألة محسومة، ولكنهم حاروا في مسألة التوقيت، وعندما حدث اول انقلاب عسكري ظنوا بأن ساعة التحرير قد حانت، ولكن توالت الانقلابات العسكرية وتوالت معها ساعات الصفر، اما ساعة التحرير فقد توقفت عن الدوران.

اكتشف قادة عرب ان محاربة بعضهم لبعض تعفيهم من مخاطر محاربة اسرائيل، وان حرب اسرائيل لو حدثت فانها اقل خطرا على مصالحهم الذاتية، حتى لو انتهت بهزيمة، من تحقيق الوحدة العربية. وما دام خيار الهزيمة على يد اسرائيل يسبق لدى بعض العرب خيار تحقيق الوحدة العربية، فان »القضية الفلسطينية«، اصبحت مصطلحا فقد مضمونه.

لمن ضايقه الوعي بهذا المآل، نقول له بأننا اكثر منه ضيقا، وأننا مثله لا حيلة لنا فيما وصل اليه ذلك الحال، وأننا لا نريد ان نزعجه بتكديس كومة من بقايا واشلاء »القضية الفلسطينية«، التي لم تعد جامعة للعرب بعدما تخلوا عنها، وعندما استطابوا هذه الفرقة، لم يعد هناك من امل لاحياء »القضية الفلسطينية« بقيامة جديدة، لذلك فاننا اليوم نلتفت الى ما بقي بين ايدينا، وهي »قضية الفلسطينيين«، والذين يتحدثون الآن عن حل او يبحثون عنه، فانهم يقصدون هذه القضية.

هناك تساؤلات فلسطينية خجولة، ولسان فلسطيني لا يقوى، لمعاذير مختلفة، على الحديث عن معاناة الفلسطينيين في الاقطار العربية على مدى الاعوام الستين الماضية، وسوف نكتفي بعرض ابرز وجوه هذه المعاناة، في حدود المعايير الدولية لحقوق الانسان دون طلب المزيد، ذات الابعاد السياسية والاجتماعية والنفسية لأن تفاصيلها وحوادثها من الكثرة والتنّوع بما لا يمكن حصره.

الجيل الفلسطيني الذي عاصر النكبة (1948)، عاش وربي في البيت والمدرسة على منظومة من القيم العربية والتعاليم الدينية التي كانت بعض امثلتها ترقى في سموها الى مراتب اسطورية. مثل حادثة حاتم الطائي وضيفه الذي جاء يطلب فرسا دون ان يدري بأنه تناول لحمها خلال وجبة العشاء. وحادثة السمو ال بن عادياء الذي ضحى بابنه دون ان يفرط في دروع كان مؤتمنا عليها. وكفالة انصار المدينة لمهاجري مكة التي جعلت كل من سمع بها منا يتمنى لو كان واحدا من المهاجرين او الانصار. ولكن الفلسطيني اللاجىء عندما حط عصا الرحال في ارض اهله من العرب، كما اعتقد لم يقابل بشيء من هذا على الاطلاق.

ونذكر بأننا نأسى على انهيار القيم الذي تمثل في هدم الروح المعنوية للفلسطيني، والتضييق عليه في تدبر شؤونه المعيشية في غالبية الاقطار العربية وتغليف ذلك بتطبيق شعار منع التوطين باسلوب يدفع بالفلسطيني الى اوروبا الغربية او اميركا الشمالية او استراليا، ليفقد الجيل الفلسطيني الثلاث عروبته بعد ان فقد الجيل الاول وطنه.

ان تضييق ابواب المعيشة في وجه الفلسطينيين وحتى اغلاقها في اغلب الاحيان، الذي مارسه الاشقاء في ديارهم بدعوى محاربة التوطين لم يعد لاجئا فلسطينيا واحدا الى دياره بل دفع مئات الالاف منهم الى الابتعاد الاف الاميال عن فلسطين وتذويبهم في مجتمعات غريبة، ونقولها بصراحة ان التضييق على الفلسطينيين يتم في اقطار عربية بسبب الضيق من عدوى التنوير السياسي التي يبثها الفلسطينيون في المجتمعات العربية.

يظل تحديد تآكل قضية الفلسطينيين على المستوى العام، وبالتحديد في مواجهة الخصم الاسرائيلي، يحتاج ككل القضايا السياسية الى النظر اليه من زوايا مختلفة لكشف عوامل القوة والضعف المؤثرة فيه.

فمنذ ان بدأت المواجهة بين الفلسطينيين والحركة الصهيونية الزاحفة للاستيطان، كانت الشعوب العربية هي خزان الدعم الاستراتيجي للفلسطينيين، انطلاقا من موقف مبدئي يتمثل في وعي هذه الشعوب بأن الامة هي المستهدفة وليس الشعب الفلسطيني وحده. ومن هنا لا يمكن الفصل بين الحالة الفلسطينية ومستوى حركة اليات الدعم الشعبي العربي والعوامل المؤثرة فيها.

للتدليل على دقة هذا الربط لا نحتاج الى اكثر من القاء نظرة على ما يجري على الارض. فان اشكال الدعم في الوقت الحاضر تتمثل في معونات جزئية من الغذاء والدواء. وعلى الصعيد السياسي تتمثل في مناشدة الشعوب العربية لحكوماتها لرفع الشكاوى ضد اسرائيل في مجلس الامن، وعلى صعيد الدعاية بتكثيف الشتائم للولايات المتحدة واسرائيل في الصحف المحلية، وعلى الصعيد المجتمعي بتفريغ الناس لغضبهم بالتعليق على المشاهد التلفزيونية التي تعرض فواجع الفلسطينيين. ولكن اين هذا من غضب الشعوب العربية الذي دفع بالحكومات العربية السبع قبل جيلين (1948) لتسيير جيوشها الى فلسطين. ومع ما داخل تلك العملية من خداع ونفاق من بعض الاطراف العربية الا ان احدا لم يجرؤ على تأخير مسيرة جيشه وفي كل مرة تعوزنا الحيلة لفك الالغاز الفلسطينية فلنلق نظرة على ما يجري على الساحة العربية.

القدس

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required