مفتاح
2025 . السبت 31 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من يبحث عن دليل على صعوبة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فقط علية أن يتابع تصريحات المسئولين الإسرائيليين تجاه قضية القدس. بعد عشرات اللقاءات بين الوفدين وعلى مختلف المستويات قبل وبعد انابولس ما زال الجدل متواصلا، ليس على حلول مقترحة لقضية القدس كإحدى القضايا المركزية من قضايا الوضع الدائم، بل الجدل، هوإذا ما كانت القدس موضوعاً للتفاوض أم لا.

ليس لدي شك أن هناك مفاوضات تجري وتصورات وأفكار تطرح لان الجانب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بتغييب قضية القدس لسبب بديهي وهوأنه ليس بالإمكان الحديث عن أي اتفاق محتمل دون أن يشمل حلا مقنعا ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضا للعرب والمسلمين.

إسرائيل مقتنعة أن لا حل للصراع بدون القدس ولكن لأسباب داخلية يخشون في هذه المرحلة حتى الاعتراف بأن هناك مفاوضات حولها. اولمرت على سبيل المثال ومن باب الحفاظ على وجود شاس في حكومته قطع على نفسه تعهدا أن لا يتفاوض الآن على القدس وترك هذا الملف إلى المرحلة الأخيرة من المفاوضات، قرار تجميد الاستيطان والذي يعني عدم إصدار رخص جديدة للبناء وليس وقف البناء في المستوطنات لا يشمل القدس، هذا يعني أن الاستيطان في القدس سيستمر دون توقف وعملية التهويد والعزل ستبقى متواصلة وكأنة لا توجد عملية تفاوضية، ومطلوب من الجانب الفلسطيني في هذه الحالة تفهم الصعوبات التي يواجهها اولمرت لأنه لا يستطيع الإعلان عن وقف الاستيطان في القدس. وفي نفس الوقت رئيس المعارضة نتنياهويقول ليس صحيحا أنة لا تجرى مفاوضات حول القدس ويتهم اولمرت بأنه باعها للفلسطينيين. في إسرائيل هناك حراك داخلي شديد حول هذا الأمر لقناعة الجميع بأن اولمرت ووزيرة خارجيته غير صادقين عندما يقولون أن القدس ليست موضع مفاوضات في المرحلة الحالية.

هذا الوضع ليس بجديد، في كل مراحل الصراع كانت القدس وستبقى إحدى العقبات، ليس فقط في طريق التوصل إلى حل، بل أيضا احدي العقبات في عملية التفاوض بحد ذاتها. لهذا نرى إصرارا إسرائيليا لإخفاء القدس من أجندة المفاوضات علنيا على الأقل، وفي المقابل إصرار فلسطينيا على التفاوض وعدم تغييب الموضوع.

وفي نظرة إلي الوراء، وفي أول مشروع دولي لحل الصراع في العام 1937 عندما اقترح قرار تقسيم فلسطين لأول مرة تم وضع القدس خارج نطاق الدولة الفلسطينية واليهودية على حدا سواء. وفي قرار التقسيم عام 1947 الذي تم اقرارة من الأمم المتحدة لم يستطع أن يعالج قضية القدس، لهذا تم تأجيل هذا الملف لعشرة أعوام عندما أقرت الأمم المتحدة بقاء القدس ككيان مستقل على أن يتم إجراء استفتاء لأهل المدينة يهودا وعربا يقررون فيما بعد مصيرهم.

في مفاوضات كامب ديفيد الأولى عام 1978 بين مصر وإسرائيل، بذل الجانب المصري كل جهد ممكن لكي تكون القدس جزءاً من المفاوضات التي تجري، وخاصة فيما يتعلق بتطبيق الحكم الذاتي في الضفة وغزة، إسرائيل رفضت بشدة طرح قضية القدس وأصروا على عزلها تفاوضيا عن الضفة الغربية وغزة. في أحسن الأحوال كان المفاوض الإسرائيلي يتحدث عن حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين دون حقوق سياسية.

ولكن لأدراك مصر لأهمية موضوع القدس رغم أن المفاوضات كانت ثنائية في ظل رفض فلسطيني وعربي لها في حينه، إلا أن طرح الموضوع كان في غاية الأهمية بالنسبة للمصر. في نهاية المفاوضات، وفي ظل عدم الاتفاق على أي شيء في موضوع القدس ترك الجانبان المصري والإسرائيلي رسالتين لدى الرئيس الأمريكي في حينه جيمي كارتر، أكد فيها الجانب المصري على عروبة القدس كمدينة محتلة.

وفي النفس الوقت تركت إسرائيل رسالة مماثلة أكد فيها مناحم بيغن أن القدس الموحدة ستبقى عاصمة إسرائيل الأبدية. القدس كانت احد الأسباب الرئيسية في فشل مفاوضات تطبيق الحكم الذاتي التي كانت جزءاً من الاتفاق حيث رفضت إسرائيل إشراك فلسطينيي القدس.

في مفاوضات أوسلوعام 1993 كانت القدس حاضرة في كل مراحل المفاوضات، إسرائيل كانت ترفض التفاوض والجانب الفلسطيني رفض استثناءها إلى أن تم الاتفاق في إعلان المبادئ على أن تكون القدس إحدى القضايا الخمس لمفاوضات الحل الدائم التي كان من المفترض أن تنتهي خلال خمس سنوات منذ توقيع الإعلان.

وبكل صعوبة تم الاتفاق على أن يشارك سكان القدس في الانتخابات التشريعية الأولى التي أجريت عام 1996 مع كثير من القيود. ولكنة بلا شك كان اختراقا تفاوضيا حقيقيا في معركة التفاوض على القدس.

في المفاوضات التمهيدية التي جرت في ستوكهولم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي رفض شلوموبن عامي الحديث بشكل رسمي عن موضوع القدس. وابلغ نظيره أحمد قريع بأنه غير مفوض للحديث عن القدس، وعندما أرادوا الحديث عن القدس كان الحديث بشكل غير رسمي وخارج الغرف وعندما كان شلوموبن عامي يريد تسجيل ملاحظات كان يسجلها على ورقة خارجية وليس على ورق رسمي لكي لا يسجل عليه انه تحدث عن الموضوع رسميا.

باراك عندما شكل الطواقم الاستشارية في مكتبة لم يشكل طاقما لشؤون القدس، برر ذلك فيما بعد انه كان يخشى أن يتم تسريب الخبر للصحافة وبالتالي يتهم على أنة يتفاوض على القدس ، تماما كما يحدث الآن. وعندما ذهب الوفدان إلى كامب ديفيد عام 2000 لم يكن هناك أي اتفاق حول أي شيء يتعلق بالقدس لان باراك امسك بهذا الملف بنفسه ولم يفوض احداً، إلى أن حانت ساعة الحقيقة ولم يعد بالإمكان تأجيله أكثر من ذلك ، ولكن حينها كان الأمر متأخرا.

وعلى الرغم من أن اختراقا حقيقيا قد تم في هذه المفاوضات في معركة التفاوض على القدس إلا أنه كان احد الأسباب الرئيسية في انهيار العملية التفاوضية، حيث اكتشف الطرفان على أن المواقف ما زالت متباعدة، وعلية أطلق الفلسطينيون اسم الأقصى على انتفاضتهم الثانية التي كانت نتيجة طبيعية لانهيار المفاوضات.

الظرف الفلسطيني اليوم أسوأ مما كان علية في كامب ديفيد وأوسلو، والموقف الإسرائيلي غير قابل للذهاب أكثر مما وصل إلية باراك في كامب ديفيد. حتى المبدأ الذي طرحة كلينتون قبل سبع سنوات والذي يقول أن كل ما هوفلسطيني يتبع الفلسطينيين وكل ما هو اسرائيلي يتبع إسرائيل، هذا المبدأ قد تآكل كثيرا في ظل استمرار الاستيطان والتهويد وعزل القدس عن المحيط الفلسطيني.

تجربة المفاوضات السابقة تقول أن عدم طرح موضوع القدس بشكل علني هومؤشر على أن المفاوض الإسرائيلي لا يشعر أنة يمتلك الشرعية لتقديم تنازلات جوهرية.

ورغم أن الوضع الداخلي الإسرائيلي عامل من غير الممكن تجاهله، إلا أن الجانب الفلسطيني غير ملزم بتفهم ذلك دائما. هناك فارق كبير بين مفاوضات سرية بعيدا عن الأضواء بهدف إتمامها بهدوء ومفاوضات غير معلنة لان اولمرت وليفني لا يجرئون على الاعتراف أنهم يتحدثون حول القدس.

وعلى الرغم من ذلك، فأن المقياس للنجاح التفاوضي الفلسطيني ليس في إجراء مفاوضات سرية أوعلنية ، سيما أن المفاوضات ليست هدفا بحد ذاتها بل هي إحدى وسائل الاشتباك الفلسطيني على طريق استرداد الحقوق المسلوبة. وبما أن من الصعب الاقتناع أن بالإمكان التوصل إلى اتفاق حتى نهاية العام، فأن النجاح في هذه المرحلة من وجهة نظري هوفي القدرة الفلسطينية على إيقاف الاستيطان خلال عملية التفاوض، أذا ما حدث ذلك سيعتبر انجازا فلسطينيا هاما.

الخيارات الأخرى لدى الفلسطينيين حتى الآن زادت من معاناة القدس وأهلها وتقف الآن عاجزة عن فك الحصار ووقف بناء الجدار واستمرار عملية التهويد بلا هوادة. لذلك من المفيد جدا التفكير بوسائل نضال أكثر نجاعة، يعتمد أكثر على استخدام العقل ويجند اكبر قدر ممكن من الجماهير.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required