مفتاح
2025 . الأحد 1 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لا تستمد المبادرة اليمنية للمصالحة بين فتح وحماس في صنعاء أهميتها من كون اليمن بلداً عربياً فقط، بل من كونه عانى لزمن طويل من مثل هذا الانشقاق الذي كلف اليمنيين شمالاً وجنوباً الكثير من الدماء والمال وساهم في تعطيل عجلات التطور.

والقول بأن المكان المناسب لهذه المصالحة بين “فتح لاند” و”حماسستان” هو الوطن لا اليمن، ليس بعيداً عن الصواب والحقيقة، لكن عندما يكون الوطن محتلاً ومحاصراً، وما تبقى منه مشطوراً إلى سلطتين فلا بأس أن تستضيف القاهرة أو صنعاء الطرفين اللذين تنازعا على حساب ما هو وطني وجوهري.

والتقدم بلا أية شروط مسبقة لمثل هذا الحوار هو المعادل المنطقي وليس الموضوعي فقط للبدء من أول السطر، وستبدو المسألة أشبه بأحجية إذا قلنا إن من يرفض الشروط يقترح شرطاً أيضاً، هو غياب هذه الشروط. إن ما يجري الآن في غزة من اغتيالات يومية وبالجملة ومن حصار دونه حصار طروادة ومن تجويع وبرد وظلام، يفرض على كل من حماس وفتح ان يسقطا الشروط المسبقة، احتراماً وخجلاً من الشرط الموضوعي القاسي الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع تحول إلى قطيعة.

لقد جرب اليمنيون هذا النمط من النزاع ودفعوا الثمن بحيث لم ينتصر أخيراً إلا من يريدون باليمن شراً، وحين تحققت الوحدة تذوق اليمنيون نكهتها، ولا بأس أن يقدموا من تجربتهم درساً وعبرة لعرب آخرين، سواء كانوا موالاة ومعارضة في لبنان المأزوم أو فتح وحماس في زمن عربي مهزوم.

لقد كان المتضرر الأول من هذا النزاع الذي تحول في فترة ما إلى حرب باردة وأوشك أن يتحول إلى حرب أهلية في فترة لاحقة هو الفلسطينيين أولاً وأخيراً، والمستفيد الأوحد من هذا الانشطار الذي هدد بالتذرر الوطني هو المحتل، لأنه سيكون محظوظاً إذا وجد من ينوب عنه، وهنا لا نقصد طرفاً دون الآخر لأن الطرفين في حالة استمرار القطيعة ينوبان عن عدوهم التاريخي والجغرافي والجذري في مضاعفة الحصار، وإعدام الخيار الوطني الوحيد والمتاح وهو مقاومة الاحتلال.

ويصعب علينا ان نتنبأ بما سوف تسفر عنه لقاءات صنعاء إذا حدثت، فقد كان للقاهرة صولات وجولات على هذا الصعيد والجامعة العربية أيضاً أدلت بدلوها في البئر.. لكن الحصيلة كانت نفخاً في قربة مثقوبة.

والحوار بين فتح وحماس لم يعد مرتهناً لمواقف سياسية وايديولوجية فقط، انه مصلحة وطنية وضرورة دفاعية، وبديله الوحيد هو القضم المتبادل والتآكل، وبالتالي الحكم الجائر على الفلسطينيين بتأبيد الشقاء، وانسداد الآفاق والوصول إلى القنوط التام.

ان أي طرف يدعي الصبي حسب الحكاية المعروفة عليه ألا يقبل بشطر قلبه ورأسه إلى نصفين والأهم من انجاز الحوار هو استدراك ما يمكن استدراكه من المسألة الوطنية التي تم تهجيرها من موقع وسياق تاريخي إلى موقع وسياق مغاير، تسطو فيه الشخصية والانانيات والنرجسيات السلطوية على الهواجس الوطنية، والشعور بالمسؤولية السياسية والأخلاقية عن شعب تحمل ما لا يطاق.

لقد طالت الأزمة ولم تنفرج، بعكس ما تقول الحكمة العربية المتفائلة التي تنتظر الانفراج من اشتداد الأزمات، وسواء انجز هذا الحوار الانقاذي في اليمن أو الوطن أو بين النجوم، فإن ضرورته أصبحت موازية لبقاء الفلسطيني على قيد الحياة والوطن.

لأن غزة الآن هي “حصارستان” وليست “حماسستان” ورام الله ونابلس وجنين وسائر الشقيقات رهائن للاستيطان وليست “فتح لاند”.

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required