مفتاح
2025 . الأحد 1 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في الموقف العربي ممَّا يحدث في قطاع غزة الآن ("والآن" على وجه الخصوص فحسب) نقف على جوهر المنطق الذي تقوم عليه السياسة العربية (الرسمية) فهي، أوَّلاً، تَنْشَطُ ذهنياً، توصُّلاً إلى "وصف" هذا الذي يحدث على مرأى ومسمع من العالم بأسره؛ ثمَّ يتوفَّر ممثِّلوها، والمتحدِّثون باسمها، على إنشاء "الموقف"، الذي جوهره الدائم هو أنَّ العرب جميعا، وعلى استعصاء اتِّفاقهم على ما ينبغي لهم الاتِّفاق عليه إذا ما أرادوا إنشاء وتطوير سياسة عربية تنتمي حقَّاً إلى العالم الواقعي للسياسة، يتَّفقون على أنَّ ما تقوم به، وتفعله، إسرائيل هناك لا يمكن أن يكون محلَّ قبول عربي، ولا يمكن إلاَّ أن يكون محل رفض عربي، فَنَسْمَع، بالتالي، ما اعتدنا سماعه، أي ما اعتادت أسماعنا مَجَّ سماعه، من إدانة، واستنكار، وشجب، وكأنَّ الغاية هي تشجيع إسرائيل على المضي قُدُماً في تلك الأعمال والأفعال!

هُمْ الآن منشغلون عمَّا يحدث على الأرض في قطاع غزة بالبحث في حقيقة ما صرَّح به نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فيلناي، فالأسئلة التي يتلهُّون بها عن "الحدث" وأسئلته التي تتحدَّاهم أن يجيبوا عنها هي أوَّلاً، إنَّما هي من قبيل "هل تحدَّث فيلناي حقَّاً عن محرقة (هولوكوست) يمكن أن ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إذا لم يتوقَّف مُطْلِقو "الصواريخ" عن إطلاقها على سديروت وعسقلان..؟"، و"هل من معانٍ أُخرى للكلمة في اللغة العبرية (معنى "الكارثة" مثلاً)؟"، و"كيف يمكننا توظيف الكلمة التي قالها، أو قاءها، فيلناي في سعينا إلى إلحاق مزيدٍ من الخسائر الأخلاقية بإسرائيل، لعلَّ المجتمع الدولي يَنْفُض ما تراكم على بصره وبصيرته من أوهام، فيقف معنا، لعلَّنا نستطيع، بعد ذلك، الوقوف مع أنفسنا؟".

وعن إسرائيل أقول إنَّ فيلناي لم يتوعَّد، أو يتهدَّد، الفلسطينيين في قطاع غزة بـ "هولوكوست"؛ وإذا فُهِم كلامه، أو فُسِّر، على هذا النحو، فإمَّا أن يكون لسانه قد زلَّ، وإمَّا أن يكون الرجل غير موفَّقٍ في التعبير، فإسرائيل يمكن أن ترتكب في حق الفلسطينيين (المدنيين) في قطاع غزة (وفي غيره) جريمة كبرى، أي لم يعرفها التاريخ من قبل، ولم يعرفها،على وجه الخصوص، المواطنون الألمان اليهود في عهد هتلر، من غير أن تَصِف جريمتها، أو تسمح لغيرها بأن يصفها، بأنَّها "هولوكوست"، أو ما يشبهه، فـ "الهولوكوست" يجب أن يبقى "الجريمة الكبرى في التاريخ"، التي ارْتُكِبًت في حق "الشعب اليهودي"، والتي لا يمكن أبداً أن يرتكبها هذا "الشعب ـ الضحية" في حق غيره، ولو كان الفلسطينيين الذين يُطْلِقون صواريخ على "الشعب اليهودي في سديروت وعسقلان.." تشبه "أفران الغاز النازية"!

لِيُوْقِف الفلسطينيون إطلاق تلك الصواريخ من قطاع غزة على الأراضي الإسرائيلية حتى تُوْقِف إسرائيل حربها عليهم. هذا هو جوهر الموقف الإسرائيلي المُعْلَن في هذا الشأن. على أنَّ هذا الموقف يَقْتَرِن بموقف إسرائيلي آخر، يَبْذُر مزيداً من بذور العنف، فالتوقُّف التام عن إطلاق الصواريخ، التي تُفْرِط إسرائيل في تصوير وإظهار خطورتها، قد يوقِف الأعمال العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة؛ ولكنَّه لن يُوْقِف الحصار الاقتصادي الذي تضربه على الفلسطينيين هناك، بدعوى أنَّ منظمة تقف ضد حق إسرائيل في الوجود هي التي تحكمهم الآن، ولا بدَّ، بالتالي، من تجويع الفلسطينيين، وزيادة معاناتهم بأوجهها كافة، حتى ينهار ويسقط حكم تلك المنظمة. ويكفي أن تستمر إسرائيل في حصارها هذا، وأن تُمْعِن في تشديده، وأن يظل معبر رفح جزءا من هذا الحصار، حتى تُتَرْجَم نتائج وعواقب كل ذلك بمزيد من أعمال العنف.

الحل ليس بمستعصٍ إذا ما أريد للمشكلة في قطاع غزة أنْ تُحَل، فالعرب يمكن أن يبدأوا جهود الحل بالتوصُّل إلى اتِّفاق فلسطيني مُلْزِم (يشمل رئاسة السلطة الفلسطينية، وحكومة فياض، وحكومة هنية المقالة، و"فتح"، و"حماس"، وسائر المنظمات الفلسطينية) على وقف كل عمل عسكري فلسطيني ضد إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، على أن تُستكمل تلك الجهود بصدور قرار عن مجلس الأمن الدولي تؤكِّد إسرائيل من خلاله أنْ لا شأن لها، ولا صلة، بعد اليوم بقطاع غزة، الذي يصبح في هذه الحال خاضعاً لإشراف وإدارة مجلس الأمن الدولي حتى قيام "دولة فلسطين". وهذا إنَّما يعني أن يصبح قطاع غزة مفتوحاً، برَّاً، وبحراً، وجوَّاً، على العالم الخارجي، وعبر مصر على وجه الخصوص، وأن يُنْزَع منه كل سلاح، وأن تتولَّى قوة تابعة لمجلس الأمن إدارة شؤونه الأمنية كافة، وأن يَعْرِف من ازدهار الحرِّيات السياسية والديمقراطية ما يَحْمِل القوى والمنظمات الفلسطينية كافة على أن تنشط سياسياً وإعلامياً وتنظيمياً فحسب، وبما يسمح بتأسيس علاقة جديدة بينها وبين المواطنين.

الفلسطينيون جميعا يمكنهم وينبغي لهم أن يُظْهِروا استعداداً لقبول والتزام حلٍّ كهذا حتى تصبح إسرائيل في مواجهة خيار "الانفصال التام والمتبادل بينها وبين قطاع غزة"، وحتى يصبح المجتمع الدولي، عبر مجلس الأمن، في مواجهة خيار "أن يتولَّى الإدارة في مرحلة ما بعد انتهاء الاحتلال وما قبل قيام الدولة".

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required