مفتاح
2025 . الثلاثاء 3 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

فشل الحوار الفلسطيني الفلسطيني بين رام الله وغزة طيلة تلك الشهور التي بدت أشبه بجملة معترضة في التاريخ الفلسطيني. فشل الحوار بالحبر والكلام لينجح أخيراً حوار الدم، فالفلسطينيون من مختلف مدن فلسطين وقراها ومخيماتها مدوا أذرعهم ليقدموا لغزة دمهم، وتجاوز الناس الطبقة السياسية التي أصابها الحلم بالزعامة بالعمى ومن حيث تعلم أو لا تعلم استبدلت العدو والشعار وأوشكت على استبدال القلب والذاكرة.

لقد تراجع الحلم العربي الى الحد الذي يوصف به بالجنون من لا يزال متشبثاً به، فلا وحدة ولا حرية، ولا شيء إلا هذه البانوراما الحمراء، وما من شريان تبقى بين قلب العرب وأطرافهم، لأن التبرع بالدم وهو أضعف المقاومة مطلب فلسطيني بعيد المنال، فما من طريق بين العواصم التي تصحو على ما تنام عليه وبين غزة، وثمة من الحواجز التي تمنع وصول الدم أضعاف الحواجز التي تفتش حتى ذاكرات الناس وتحاول تصوير نواياهم بالأشعة والسونار.

الدم الفلسطيني لا ينقسم إلى فئتين احداهما حماس والأخرى فتح، كما أن خلاياه البيضاء والحمراء لا تخضع لهذه الأقلام التي توقع وتتبادل الادانات، لهذا فإن رام الله هي الاسم الآخر لغزة وفك الارتباط الذي أراده مستثمرو الخراب، والحالمون بالزعامة حتى لو كانت على خازوق لم يكن ممكنا إلا لمن عض ثدي أمه بل قضمه بعد أو رضع منه.

غزة بحاجة إلى دم، لكن الدم العربي كما تقول التقارير لا يصلح للانتقال من جسد إلى آخر، لأنه أصبح فاسداً بعد ان اختلط بالماء، واستبدل فصائله الخمس حسب التصنيف العضوي بفصائل سياسية تنتهي كلها إلى خلايا ميتة، لأنها تشتبك لصالح الوباء وهو الاحتلال ولا شيء آخر.

مخيم عين الحلوة في لبنان هو عين ثالثة ترى المشهد من خارجه لكنها في الصميم منه، وحين تشتبك أيدي عناصر من فتح وايدي عناصر من حماس في مظاهرة، يكون الاشتباك قد غير مساره وبوصلته واستعاد الفلسطينيون رشدهم الوطني.

وما يحدث في مخيم على بعد استغاثة طفل من غزة، مرشح الآن للتعميم، ولا بد للعدوى أن تبلغ هؤلاء الذين رأوا أن المسافة بين رام الله وتل أبيب أو رام الله وواشنطن أقرب من المسافة بين رام الله وغزة.

لقد أفرزت الحرب شبه الاهلية في فلسطين شهود عيان سخروا من كل ما يقال ويروج له من أسباب تبرر شطر البلاد والعباد، وظهرت أغنيات شعبية وأناشيد تندد بالساسة ومتعهدي الحروب الأهلية، ولا يحدث مثل هذا إلا في لحظات فارقة وحاسمة في تاريخ الشعوب، لأن الوجدان الوطني سرعان ما يستدعي احتياطاته ليرى ما وراء الاكمات والكواليس، ويسمي الاشياء بأسمائها، بعيداً عن الهذر الفصائلي وطواقي الإخفاء.

إن من هزموا في حرب غير متكافئة في لبنان لن يعوضوا هزيمتهم في هذه الحرب التي تُشن على المدنيين والاطفال، فانقطاع التيار الكهربائي وشحة الوقود في غزة لن يحولا ضد سطوع المشهد المضاء بالدم والحرائق وعيون الأطفال.

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required