ما الذي ينبغي للمجتمع الدولي، وعبر منظمته السياسية والقانونية العليا، أي الأمم المتحدة، أن يفعله إذا ما قرَّرت قوَّة احتلال ما أن تنهي، من طرف واحد، احتلالها لجزء، فحسب، من أرض شعب آخر، كما قرَّرت قوَّة الاحتلال الإسرائيلي فعله في قطاع غزة؟ هل يتصرَّف وكأنَّ الأمر لا يعنيه، بدعوى أنَّ الاحتلال إمَّا أن ينتهي كليَّاً، أي أن يُرْفَع عن كل الأرض التي تخصُّ هذا الشعب، وإمَّا أن تظل قوَّة الاحتلال هي المسؤولة (قانونياً) عن ذلك الجزء الذي قضت مصلحتها بالتخلَّي عنه، كما تخلَّت إسرائيل عن قطاع غزة إذ أخرجت منه كل مستوطنيها وجنودها؟ وإذا كان المجتمع الدولي لا يملك من الحق والسلطة ما يسمح له بمنع هذا الإنهاء الجزئي للاحتلال، فهل يملك، في المقابل، من الحق والسلطة ما يُمكِّنه من إرغام قوَّة الاحتلال على أن تظل ملتزمة مسؤولياتها كاملة تجاه سكَّان ذلك الجزء الذي تخلَّت عنه، عملاً بمبدأ "تنازَلْ عن جزء من الكعكة إذا ما أردتَّ الاحتفاظ بمعظمها"؟ إنَّها أسئلة وتساؤلات يثيرها ويطرحها ما يعانيه أهل قطاع غزة بعد، وبفضل، إنهاء احتلال إسرائيل (من طرف واحد) له. أقول ذلك مع أنني أسمع قائلٍ يقول معترضاً: إنَّ احتلال إسرائيل للقطاع (ولأهله) لم ينتهِ بعد، وإنَّ إسرائيل ما زالت، بحسب القانون الدولي، ولجهة علاقتها بقطاع غزة، "قوَّة احتلال". غير مرَّة قُلْنا إنَّ معبر رفح هو المقياس الموضوعي الذي به، يمكننا وينبغي لنا، أن نقيس درجة تحرُّر القطاع من الاحتلال الإسرائيلي. وكل قياسٍ أجريناه، أو أُجري، لم يأتِ إلاَّ بما يؤكِّد، وبما يُقْنِع حتى الحجر، بأنَّ "الأسوأ من الاحتلال الإسرائيلي (المباشِر والصريح)" هو ما تمخَّض عن إنهائه كما أُنْهي. في خبر "صغير" جاء أنَّ مساعدة إنسانية (غذائية ودوائية..) قد وصلت من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر "كيريم شالوم" الإسرائيلي الذي يقع حيث تتقاطع حدود مصر وإسرائيل وقطاع غزة. المعنى "الصغير" لهذا الخبر قد يَكْبُر، فمعبر رفح يمكن أن يُغْلَق "إلى الأبد"؛ وسور عالٍ وطويل ومنيع يمكن أن تقيمه مصر على امتداد حدودها مع القطاع حتى لا يحدث ما حدث عندما اقتحم أهل القطاع الحدود في اتِّجاه الأراضي المصرية بحثاً عن طعام وماء ودواء.. إذا حدث ذلك ("التسوير" مع اتِّخاذ معبر "كيريم شالوم" الإسرائيلي همزة وصل إسرائيلية بين مصر والقطاع) فإنَّ قطاع غزة يتحوَّل، عندئذٍ، إلى ما يشبه الجزيرة الصغيرة في البحر الإسرائيلي. كثيرٌ من الفلسطينيين ما زال يعتقد بأنَّ "الحل" لِمَا يعانيه الشعب الفلسطيني وقضيته القومية يكمن في "حلِّ السلطة الفلسطينية"، بأوجهها وهيئاتها ومؤسساتها كافة. لن نقول بهذا الذي يقولون به. لن نقول به الآن، أو من الآن وحتى انتهاء ولاية الرئيس بوش، على الأقل. ولكن، في قطاع غزة ما عاد من وجود على الأرض للسلطة الفلسطينية التي يمثِّلها الرئيس محمود عباس، فَلِمَ لا نجعل الضارة نافعة؟! هذا ممكن إذا ما أُجْري استفتاء شعبي في قطاع غزة، وتقرَّر فيه حلُّ كل سلطة فلسطينية هناك (عملياً، سلطة "حماس") وإعلان قطاع غزة منطقة لا وجود فيها لسلطة "قوَّة الاحتلال" الإسرائيلي، ولا لأيِّ سلطة فلسطينية، ودعوة المجتمع الدولي، من ثمَّ، وعبر الأمم المتحدة، وبتأييد من الدول العربية جميعاً، ومن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إلى أن يضطًَّلع بمسؤولياته كاملة تجاه هذه المنطقة وسكَّانها إلى أن تقوم للشعب الفلسطيني دولته القومية المستقلة، فإذا تولَّت الأمم المتحدة مسؤولياتها المختلفة في قطاع غزة، قَبِل أهل القطاع جَعْلِه منطقة لا وجود فيها من سلاح إلاَّ ذاك الذي يخصُّ إدارة الأمم المتحدة. وأحسبُ أنَّ البدء بحلِّ كل سلطة فلسطينية في القطاع هو الطريق إلى التحرير الحقيقي له من الاحتلال الإسرائيلي، ومِمَّا هو أخطر منه، وهو هذا الصراع الدموي الفلسطيني المدمِّر والعبثي!
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|