مفتاح
2025 . الخميس 5 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من حيث لا ندري، مضت المتوالية الحمقاء إلى نهاياتها المنطقية، فالاحتلال أصبح وفق أطروحات التحذير بريئاً، وما يجري في فلسطين والعراق، هو حروب أهلية وشبه أهلية سببها الفرقاء المتنازعون على السلطة، ولكي نصدق مثل هذا الهراء علينا أن نحذف الاحتلال بكامل محاصيله من تقاويمنا، وعلى العكس من ذلك حوله البعض من متعهدي الخراب الى مطلب أمني وقومي ووطني، لأن رحيله يتيح للأطراف المتنازعة على وراثته المزيد من مبررات المجابهة.

على الولايات المتحدة و”إسرائيل” أن تناما ملء الجفون، ما دام العرب يختصمون على أسباب شقائهم، ونهب ثرواتهم وإبادتهم بالتقسيط المريح.

بالطبع ثمة اخصائيون في جراحة الواقع يقلبون الحقائق، ويضعون الزائدة الدودية مكان القلب واليد مكان القدم، وهم يتقاضون أجوراً عالية مقابل هذا العمل.

من قالوا ان الاحتلال هو الحلّ انتهت بلدانهم الى أطلال، وأعيدوا الى القرن التاسع عشر.

وبعد أن وقعت الفؤوس كلها في الرأس أصبحوا يشكون من النتائج. وظنوا أنهم سيسلمون من البلل بالدم بعد أن ألقي بهم أو ألقوا بأنفسهم في هذا اليم.

المكبوت الطائفي في العراق ليس هو السبب الذي أدى الى تدمير العراق، وتحويله الى مأتم بسعة وطن، لأنه انفجر بسبب الاحتلال وبرعايته أيضاً، ونحن لا ننكر أنه كان يتفاقم في باطن التاريخ والنفوس، لكن ما قدمه الاحتلال من ذرائع وتحريض على هذا الانفجار الإثني، كان السبب الأول.

والعراقيون جياع ومرضى ومحاصرون ليس لأنهم فعلوا ذلك بأنفسهم على سبيل الانتحار، بل لأن هناك احتلالاً يعتصرهم الى آخر قطرة، ويعمّق التناقضات بين طوائفهم وقومياتهم، بعد أن مهد لذلك بالعديد من الأبحاث والكتب التي نشرت في العقد الماضي، ومنها الموسوعات الإثنية، التي حظي العراق بفصل مثير منها.

وصواريخ غزة التي تشبه حجارة متطورة ليست سبباً كافياً لهذه الإبادة اليومية، ان الاحتلال هو السبب، بل هو بيت الداءات كلها. ولا ندري لماذا يتم حذف المبتدأ من هذه الجملة السياسية، بحيث تبدو غزة كما لو أنها خارج غزة، وبلا أي احتلال أو حصار.

إن حذف الاحتلال من هذه المعادلات لا يساويه إلا إقصاء العقل من مكانه، بحيث يتحول الرأي العام إلى اسفنجة تقبل عبر مساماتها الفاغرة كل ما يوضع داخلها.

وإذا كان الاحتلال بكل المقاييس هو أم المصائب كلها فإن تعهد ضحاياه بتبرئته هو أكثر من ذلك، انه انتحار على طريقة القط الأحمق المخدوع الذي يلحس المبرد ويستمرئ مذاق دمه وهو آخر من يعلم.

أحفاد هؤلاء المتعهدين سيدفعون الثمن إن لم يدفعوه هم وأبناؤهم في المدى المنظور، ولم يحدث من قبل أن عدّد سمسار أو خائن فضائل غزاته، بل ناب عنهم في تبرئتهم من دم العباد وما أصابهم من كوارث قد تتمدد نحو المستقبل بحيث يولد الحفيد مديناً بالرّبا حتى الموت.

كفى دفاعاً عن الاحتلال، وتزويراً لمفهوم الاستقلال، فالعدو نفسه بدأ يشمئز من الناطقين باسمه بلغة أخرى.

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required