مفتاح
2025 . الجمعة 6 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

دون الابتعاد عن واقع "المحرقة"" في قطاع غزة، فان الحرب الاخطر تجري في الضفة، وحرب غزة بكل ملابساتها هي "حرب التعمية" على الحرب الحقيقية، التي تقضي على الجغرافيا الفلسطينية، وتخنق الجغرافيا الديمغرافية، شيئاً فشيئاً وسريعاً أيضاً.

ان جغرافيا "القطاع" في حدود ما قبل العام 1967، خرجت عن اجندة الاحتلال منذ اخراج قواته ومستوطنيه منها، دون ان ينتهي الاحتلال، ولكن هذا التغيير "في الوقت" ادخل الفلسطينيين في ملهاة داخلية دموية وسياسية، ما زالت مستمرة عبر المعركة الداخلية بين القطاع والضفة، بين فتح وحماس وبين القوى الوطنية والقوى الدينية، وما زالت الدولة العبرية تغذيها وبكافة الاشكال.

ان قطاع غزة، لا يشكل هدفاً - لا تكتيكياً ولا استراتيجياً للدولة العبرية، لعوامل موضوعية، وذاتية (كثافة سكانية)، وفقط هدفها الخلاص منه، وباتجاه اعادة الوضع لما كان عليه قبل الاحتلال، كهدف ثابت، اغرقت التحولات الداخلية الفلسطينية - الدموية، الانقسامية صناعة القرار في تل ابيب للضغط نحوه، رغم تضارب المصالح بينها وبين القاهرة، لكن حقائق الارض القاسية، وحقائق السياسة المرة، تقود بهذا الاتجاه، عبر تحويل الفصل الجغرافي الاحتلالي والفصل السياسي الفلسطيني (الصراع على السلطة) الى فصل واقعي.. مادي.. وسياسي.. والتعامل مع القطاع ككيان سياسي خاص.

ان الحرب الدموية على القطاع لن تستمر، وكذلك الحصار لن يستمر وان الدولة العبرية لا يوجد على اجندتها هدف اسقاط حكم حماس في القطاع لحسابات مصلحية بحتة، لا مكان عندها للعواطف، لان الوحدة الفلسطينية في "النظام السياسي" بالضد من مصلحتها التي تشترط تجذير الانقسام، وهذا هو السبب وراء حربها (الحذرة) ضد القطاع.

عدا ان "التسخين المستمر في القطاع" هو غطاء جيد للجريمة الكبرى التي ترتكب في الضفة، وفي وضح النهار، لهذا بالضبط فان الحديث عن "التهدئة" وما شابه، هو حديث سخيف بلا معنى، ولا قيمة له سوى بما يتفق مع مصلحة الدولة العبرية، فقط.. وفقط.. وكل الاحاديث الانشائية البلاغية لقيادات فلسطينية لا قيمة له ولا يعكس شيئاً من الحقيقة.

ان هناك مصلحة للدولة العبرية، في وجود واستمرار حكم حماس للقطاع كما هي المصلحة في وجود حكومة "تصر على المفاوضات في الضفة" لان حكم حماس يجسد ويجذر الانفصال بين القطاع والضفة ويخدم المشروع الاستراتيجي الصهيوني في دولة غزة الفلسطينية الملحقة ربما بمصر، ولأن اسقاط لعبة المفاوضات في الضفة، يقود للمقاومة الحقيقية التي تفضح "الجريمة التي يتم ارتكابها" ضد الارض والناس، وبشكل ممنهج ودقيق.

ان "الفلسطينيين" وللتاريخ وفي هذه اللحظة الممتدة منذ حين والمستمرة الى حين غير معروف، فقدوا "البوصلة" ولحسابات سلطوية لا اخلاق فيها ولا مكان لا للشعب ولا الارض، فأين المصلحة في هذا الانقسام الذي يتجذر، واين المصلحة في هذه الحرب الثانية ضد الضفة والقطاع بعد حرب العام 1967، واين المصلحة في هذا الحصار الذي يخنق ويقتل الحيوانات قبل البشر، واين المصلحة في هذه اللعبة التفاوضية البائسة..؟!

ان "المواطن العادي" يعرف الاجابة، قبل ان يسأل السؤال، ولكن - رؤية القيادات" المجزوءة بالحديث عن استتباب الأمن وانهاء حالة الفوضى، وتقديم ذلك كانجازات تاريخية دون معرفة اية انجازات باعادة الوضع لما من المفترض ان يكون عليه اصلاً.

ان هدف "الدولة العبرية" الجغرافية الفلسطينية في الضفة، ومنذ العام 1967، وليس جغرافية القطاع "الضيقة" اصلاً، ولم يكن الخروج من القطاع سوى خطوة واحدة نحو الوراء من اجل خطوتين في الضفة، على الارض وفي السياسة ايضاً، وما حالة التسخين التي لن تتوقف في القطاع الا غطاءً لهاتين الخطوتين.

لا توجد لا كثير ولا قليل حاجة - لاحصاءات- لا من حركة السلام الآن، ولا من مركز بتسيلم- ولا من اي مصدر آخر، فالمشروع الاستيطاني في القدس، شارف على الانجاز وبالكامل، ولم تتبق سوى الجغرافيا السكانية المحاصرة، والتي يجري تهجيرها وبشكل مبرمج وبافتقاد "السكان" للجغرافيا، تكون الدولة العبرية قد بلغت المرحلة الاولى، نحو المرحلة الثانية، التهجير الذي يجري ايضاً وستزداد وتيرته.

ان القدس - لم تعد القدس- وبامكان الذي يعرفها جيداً وأمضى سنوات فيها، ان تقشعر يده لهذه النتيجة على الارض، وما تبقى منها "احياء فقيرة" محاصرة مهملة، لا يستطيع القاطنون فيها البقاء طويلاً ان استمر الحال على ما هو عليه لسنوات قليلة ماضية.

ان باقي الضفة ليس بأفضل حال، كما تقول الوقائع الاستيطانية المتسارعة على الارض، وكما يقول المشروع الاستيطاني، الذي اجهز على اكثر من نصف الارض، بين خط شرق الخليل - بيت لحم- وصولاً شمالاً لطوباس، وبين نهر الاردن والبحر الميت ولم يتبق سوى "جيب اريحا" وعدة جيوب صغيرة أخرى، كم تبلغ هذه المساحة من الضفة؟! اسألوا ما شئتم فالحدود الجغرافية للقدس، اصبحت تصل للبحر الميت واريحا، وهذا الواقع على الارض.

وبين هذا الخط، وخط الجدار - غرباً، لم تعد سوى تجمعات سكانية فلسطينية مقسمة.. وممزقة.. ومعزولة ليس بالحواجز.. ولا بالطرق البديلة، وانما ايضاً بالتجمعات الاستيطانية التي تزداد تضخماً يوماً بعد آخر.. دون ان تعني المفاوضات شيئاً سواء أكانت موجودة ام غير موجودة، فالهدف الذي يتحقق للمشروع الصهيوني هو "الجغرافيا الفلسطينية" في الضفة.

وغداً ستستيقظون على "جغرافيا سكانية فلسطينية بائسة" على حدود واطراف مدن استيطانية مزدهرة، ان بقيت هذه الجغرافيا التي تتعرض لحرب اقتصادية لا تقل قساوة في نتائجها والاخطر من الحصار الذي يتعرض له الفلسطينيون في القطاع.

ان الفلسطينيين في الضفة - يتم خنقهم اقتصادياً- والهدف واضحالدفع بهم نحو الهجرة، وليس من الصدفة ان تكون الفئة الشابة هي المستهدفة رقم واحد، هذه الفئة التي لم تعد تملك مقومات التأسيس لبيت او حتى خيمة او للزواج عدا ان فرص العمل تضيق.

ان المسألة لا تقف عند هذا الحد، فالحرب الاشرس تجري في الضفة، وعدد المعتقلين في سجون الاحتلال بلغ الذروة منذ العام 1967، وتجاوز عددهم عما كان عليه الحال مع القطاع، والمشهد يقول "بأن حرب الاعتقال ما زالت في ذروتها" ويومياً وكأن الهدف اعتقال اكبر عدد ممكن ووضعهم في السجون.

ان هدف الاحتلال ليس فقط ما فوق الارض، وانما ايضاً ما تحتها من (ماء) بدأ الحديث في الدولة العبرية منذ الآن عن أزمة مياه الصيف المقبل.. واذا كانت الجريمة في القطاع قد هدأت او توقفت فمن يوقف الجريمة الاخطر المستمرة في الضفة..؟

الايام

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required