تطرح التهدئة المفاجئة في قطاع غزة الكثير من التساؤلات عن الغايات والمصالح التي تحكم التزام الأطراف كافة بمثل هذه الهدنة، والحرص على عدم خرقها إلا في ما ندر، تمهيداً لاتفاق يؤطّر الحالة السلمية الحالية على الورق. من الواضح أن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس إلى المنطقة الأسبوع الماضي، أدت إلى هذه التهدئة. ومن الواضح أيضاً أن إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف المفاوضات ليس مهماً بالنسبة ل”إسرائيل” والولايات المتحدة، ولا سيما أن “اتفاق السلام” في أدنى سلم أولويات الإدارة الأمريكية و”الإسرائيلية”، والدليل عمليات الاستيطان المتلاحقة في القدس المحتلة والضفة الغربية، والتي تضرب عرض الحائط ببنود “خريطة الطريق”. الغاية أبعد من ذلك. ويبدو أن المصلحة الأمريكية “الإسرائيلية” تقتضي حالاً من الهدوء على الجبهة الجنوبية في الوقت الراهن، بانتظار إشعال جبهات أخرى، قد تكون في الشمال مع لبنان، ولا سيما أن التقدير الاستخباري “الإسرائيلي” السنوي أشار إلى “معقولية مرتفعة” لإعادة اشتعال هذه الجبهة في إطار التحسّب “الإسرائيلي” لردّ من حزب الله على اغتيال القيادي العسكري فيه، عماد مغنية. الولايات المتحدة أيضاً لديها برنامجها الخاص للمنطقة. وحال الحرب القائمة في قطاع غزة والمجازر التي ترتكب فيه لا تخدم مثل هذا البرنامج. وزيارة نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، إلى الشرق الأوسط تهدف إلى تسليط الضوء على “خطر آخر” في الشرق الأوسط، وهو الخطر الإيراني. وبالتالي فالعمليات “الإسرائيلية” في قطاع غزة قد تصعّب مهمة المسؤول الأمريكي وتحرفها عن غاياتها. “حماس” بدورها حريصة على إنجاح مثل هذه التهدئة لإعادة التقاط أنفاسها وتنظيم صفوفها، وربما تثبيت حكمها في قطاع غزة من دون منغصات “إسرائيلية”. والتسريبات عن شروط التهدئة التي تطرح في القاهرة تؤشّر إلى مثل هذه الغاية. فالحركة الإسلامية تسعى إلى إعادة الوضع المعيشي في القطاع إلى ما كان عليه في السابق لتنفيس حال النقمة الشعبية الناتجة عن التجويع والحصار، والتي يحمّل بعض الفلسطينيين “حماس” مسؤوليتها. القاهرة أيضاً مستفيدة من حال التهدئة في أكثر من اتجاه. فهي من جهة تلقي عن كاهلها عبء الأزمة الانسانية في القطاع، والتي تثير لديها حالاً من النقمة الشعبية. ومن جهة ثانية تعيد تكريس قوة دورها في القضية الفلسطينية، إضافة إلى ضمانها، وفق البنود المسرّبة عن مسوّدة الاتفاق، وقف تعاظم قوة “حماس” عبر تعليق التهريب. أمام واقع التهدئة والمصالح الملتقية عليها، يبدو أن أبو مازن وحده ينظر بعين الريبة إلى ما يجري على المقلب الفلسطيني الآخر، والذي من شأنه إضافة مشروعيات عربية ودولية لحكم “حماس” في غزة.
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|