مفتاح
2025 . الجمعة 6 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ما الذي تسير اليه المنطقة؟ السلام أم الحرب؟ التهدئة ام التصعيد؟ هذه الاسئلة وغيرها تدور في ذهن المواطنين والمحللين على حد سواء.

لقد طرحت هذه الاسئلة نفسها بحدة بعد إقدام قوات الاحتلال على اغتيال خمسة مقاومين فلسطينيين في بيت لحم وطولكرم، وبعد تهديدات ايهود باراك بمواصلة عمليات الاغتيال لأن اسرائيل ستلاحق كل مخرب تلطخت يداه بالدماء، كما ستلاحق مرسليهم، كما هدد بان قطاع غزة سيشهد تصعيداً عسكرياً أكبر قبل التوصل الى التهدئة، وانذر بأن المنطقة يمكن ان تشهد حروباً متعددة.

ان الاغتيالات التي نفذت، والتصريحات الحربجية التي تملأ الفضاء الاعلامي نسفت التهدئة التي استمرت أكثر من اسبوع، بعد أن بدأت اثر اتصالات مصرية غير مباشرة مع اسرائيل وحماس، وتمت بمباركة اميركية وسمحت بقدر من التفاؤل الى حد الحديث عن تهدئة متفق عليها اصبحت على وشك الحدوث.

لقد اطاحت الاغتيالات بالتهدئة وكل التفاؤل الذي أطل برأسه يحذر خلال الأيام الماضية. ان السؤال الذي يقفز الى الذهن هو: هل ما قامت به وحدات المستعربين بالاغتيالات ينسجم مع البحث عن تهدئة، ام ان هناك اختلافاً بين ما يجري في الضفة وما يجري في غزة، فاسرائيل تريد أن تحتفط بحرية المبادرة كاملة في الضفة، وتريد ان تكبح قواتها ومبادراتها في غزة لضمان وقف اطلاق الصواريخ والقذائف وضمان استمرار وتعميق الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، واستمرار المفاوضات المعرضة للانهيار التام اذا استمرت الحرب الهمجية ضد غزة. ان هناك ارتباكاً في السياسة الاسرائيلية بدأ مع الهزيمة الاسرائيلية في الحرب اللبنانية الاخيرة، ويتواصل مع عدم قدرة اسرائيل على تحقيق اهدافها كاملة على الجبهة الفلسطينية، ويتواصل ومرجح ان يكبر أكثر الان وفي المستقبل.

ان هناك ارتباكاً اسرائيلياً كبيراً، ظهر هذه المرة في عدم قيام اسرائيل بالرد حتى الآن على عملية القدس، وان التهدئة على جبهة غزة بدأت بعد قرار الحكومة الاسرائيلية المصغرة، باطلاق يد الجيش الاسرائيلي لعمل كل ما يلزم لوقف اطلاق القذائف والصواريخ على اسرائيل من غزة. صحيح ان اولمرت، والحكومة الاسرائيلية لم يعترفا بوجود اتفاق تهدئة، ولكن التهدئة كانت امرا واقعاً على الأرض، فلم تنفذ الطائرات الاسرائيلية اية غارة طوال اسبوع كامل، كما لم تنفذ القوات البرية اي اغتيالات. وحرص المسؤولون الاسرائيليون على القول أن أية تهدئة يجب ان تحتفظ فيها اسرائيل بحق الرد على اية عملية لاطلاق الصواريخ ضدها، وعلى أية عمليات لتهريب السلاح لقطاع غزة. وعندما اشارت مصادر متعددة ان اتفاق التهدئة يمكن ان يتبلور ويعلن عنه خلال ايام جاءت الاغتيالات في الضفة لتعيد كل شيء الى نقطة الصفر. فاسرائيل تريد تهدئة من جانب واحد، وفي غزة ولا تشمل الضفة لان الفلسطينيين يصرون على تهدئة متبادلة وشاملة ومتزامنة.

ان ما يفسر هذا الارتباك والتناقض الاسرائيلي هو ان اسرائيل تشهد تنافسا حاداً بين اتجاهين لهما امتدادات داخل المؤسسة السياسية والعسكرية والامنية والاعلامية وفي مختلف اوساط المجتمع الاسرائيلي.

الاتجاه الاول: والذي تشير الاحداث الى ان صوته لا يزال هو الاعلى، وهو ينادي بالتصعيد والاستعداد للحرب، والمبادرة الى الحرب باسرع وقت، قبل أن تتعاظم الاخطار التي تواجه اسرائيل الآن، وتصبح القدرة على مواجهتها اقل، والكلفة من هذه المواجهة ستكون أكبر بعد عدة سنوات.

اتجاه التصعيد يرى ان الاولوية هي لاستعادة هيبة وقوة الردع الاسرائيلية التي تضررت كثيراً في الحرب اللبنانية الاخيرة، واذا لم تستعد اسرائيل قوة ردعها فستكون مضطرة لاعادة النظر بدورها الاستراتيجي في المنطقة وفي العالم باسره، وتقبل بان تكون دولة صغيرة وليست الدولة المهيمنة على الاقليم باسره.

يقول يوفال شطاينتس نائب رئيس لجنة الخارجية والامن في اسرائيل، وهو من ابرز دعاة التصعيد "على اسرائيل ان تكف عن انتظار اجراءات دولية ضد ايران، وتبدأ بتوجيه ضربات تدريجية لها، اولها لحزب الله وسورية ولحماس الى حين يأتي الوقت للحسم... فاذا كانت ايران عندها تغيرت او غيرت من خطتها العسكرية المعادية لاسرائيل تكون اسرائيل كسبت نفسها، وان استمرت في توجهها العدائي نوجه لها ضربة كبيرة اما بمشاركة قوى أخرى مثل الولايات المتحدة، او الحلف الاطلسي او بقدرت اسرائيل الذاتية". وتنسجم اراء شطانيش مع ما جاء في التقرير الذي قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، عاموس يادلين وقال فيه "ان هنالك احتمالات عالية لوقوع حرب مع حزب الله قبل نهاية هذه السنة". ومن قام باغتيال شخص بوزن الشهيد عماد مغنية وضع ضمن حساباته ان مثل هذه العملية ستكون لها تداعيات كبرى يمكن ان تصل الى حرب وصفها زعيم حزب الله حسن نصرالله بالحرب المفتوحة. وبالتالي اسرائيل بانتظار رد حزب الله، وتستعد للرد على الرد ايضاً.

الاتجاه الثاني يرى اصحابه بان الظروف الناشئة في المنطقة، تسمح بحدوث انعطاف سياسي ايجابي. ويستند هذا الاتجاه لتدعيم وجهة نظره الى ضرورة استفادة اسرائيل من الفترة الباقية لجورج بوش الابن في الرئاسة الاميركية بوصفة افضل رئيس جلس على كرسي الرئاسة في البيت الابيض، في مجال دعم اسرائيل وتأييد حتى أكثر مواقفها تطرفا وعنصرية.

كما يرى هذا الاتجاه ان العرب الآن في اسوأ احوالهم، وهم لا يزالون يطرحون مبادرة سلام مع اسرائيل رغم رفضها من اسرائيل، كما ان العالم كله يدعم التوصل الى معاهدة سلام او اعلان مبادئ، واستئناف ومواصلة المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية استنادا الى مرجعية خارطة الطريق، التي تبعد المرجعية الدولية عن المفاوضات، وتعطي الاولوية للامن الاسرائيلي. واخيراً يرى هذا الاتجاه ضرورة الاستفادة من وجود ابو مازن كرئيس للسلطة، وسلام فياض كرئيس للحكومة، بوصفهما قيادة معتدلة فلسطينية ليس من المتوقع ظهور قيادة أكثر اعتدالا منهما، لا الآن ولا في المستقبل.

دعاة التهدئة واستنفاد "فرض السلام" في اسرائيل الذين نتحدث عنهم في هذا المجال ليسوا دعاة سلام حقيقيين بل هم يتصورون ان امام اسرائيل فرصة تاريخية لفرض تسوية انتقالية جديدة او تسوية نهائية تحقق الشروط والاهداف والمصالح الاسرائيلية وبدون استجابة للحد الأدنى من الحقوق والمصالح الفلسطينية.

في هذا السياق الخلاف بين اتجاه التصعيد واتجاه التهدئة في اسرائيل هو خلاف حول الاساليب وخطط العمل وليس على الاهداف، لان معسكر السلام في اسرائيل ضعيف وضعيف جداً.

ان ما يقف حائلا دون تمكين اتجاه التصعيد من تحقيق اهدافه انه لم يعد واثقاً ولا مطمئناً رغم ايمانه بالقوة وقدرتها على تحقيق كل شيء، من قدرة اسرائيل على خوض حروب خاطفة وفي جبهة الاعداء بدون الاقتراب من الجبهة الداخلية الاسرائيلية، وبدون دفع ثمن بشري كبير. لذلك يمكن ان يكتفي دعاة التصعيد الاسرائيليون بالسعي لاستعادة تدريجية لهيبة الردع مثل ما حدث من خلال قصف موقع سوري، واغتيال عماد مغنية، وتوجيه ضربات قوية للفلسطينيين، بدون دفع الامور نحو حروب واسعة. ولكن اسرائيل لم تعد هي الطرف الوحيد القادر لوحده على تحديد قواعد اللعبة. بل اصبح هناك لاعبون جدد من حماس والجهاد الاسلامي وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية الى حزب الله وانتهاء بسورية وايران. لقد انتهت المرحلة التي كانت اسرائيل تبادر لشن الحروب وتنهيها بسرعة لصالحها بشكل حاسم، ولا تدفع ثمنا باهظاً. فاذا خرجت الان اسرائيل الآن الى الحرب لن تعرف متى ستنتهي ولا كيف؟ والحرب اللبنانية الاخيرة هي الدليل، وهي حرب ستلاحقها الى الابد، ان اغتيال المقاومين في الضفة رسالة من اسرائيل بأنها هي من يحدد قواعد اللعبة، وان التهدئة التي يجري الحديث عنها تشمل غزة ولا تشمل الضفة، لان الضفة ظهرت حتى ما قبل عمليتي ديمونا والقدس، وكأنها منطقة مسيطر عليها اسرائيلياً كلياً، حيث اسرائيل تقتحم وتغتال وتعتقل متى تشاء وتفرض الحصار والحواجز.

الايام

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required