مفتاح
2025 . الجمعة 6 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

"ليس الحنين ذكرى، بل هو ما يبقى في متحف الذاكرة"

محمود درويش

في الخامس عشر من آذار، من العام ألفين وثمان ميلادية، وفي السنة الثالثة عشرة من العام ألف وأربعمائة وتسع وعشرين هجرية، وفي الذكرى السنوية الثانية لرحيلك؛ يمتزج وجع الروح ووجع الجسد. أقترب منك، وأستحضر تلك الليلة التي تقرع باب الذاكرة دون توقف. تنتابني الأعراض التي آلمتك، وأصحبك خطوة خطوة، أستدعي صوتك، صمتك، حركاتك، سكناتك، غضبك، حماستك، آلامك، خطواتك الأخيرة، حتى السحاب.

يا هذا الذي يسوِّر الذاكرة ويدمي القلب، يا هذا الوجع الذي ينخر العظم. كم أفتقدك أخي، يا فيصل.

*****

"قلةٌ هم الذين يتركون بصماتهم عبر حياتهم، وقلةٌ من هذه القلة بين رجال الأعمال. رجال الأعمال عادةً يتركون أموالهم عندما يعبرون؛ ولكن "فيصل عبد الهادي"، كان من ندرة الندرة، من الذين تركوا بصماتهم فيمن حولهم، كان رجل أعمال، وكان يحمل همّاً ثقيلاً، همّ قضية وطنه وأمته، واستطاع بذكاء وإخلاص أن يوظّف إمكانياته المالية، وعلاقاته العملية، لخدمة قضيه سامية، أخلص لها، وقدَّم لها، ورحل عنا سريعاً؛ لكن انجازاته استغرقت ضعف الزمن الذي قضاه بيننا.

عرفت فيصل، من خلال مؤسسة التعاون، ومن خلال نشاطاته الكثيرة، في لجانٍ عديدة في الإمارات، وفى دبي بالذات، وكان دائماً رجل الإنجاز. إذا استعصت بعض الأمور علينا؛ كان فيصل لها، كانت له قدرة وطاقة للعمل وتحقيق النتائج. من خلال مؤسسة التعاون، ونشاطه الذي زاملته فيه؛ استطعنا أن نقوم بعدد من الفعاليات والمهرجانات لخدمة قضية الوطن، وحققت إنجازاً رائعاً على المستويات: السياسية والإعلامية والمالية للقضية؛ كان فيصل أحد المحركات الرئيسية للعمل، ومنظماً وفاعلاً، واستطاع بعلاقاته وإدارته وتنظيمه، أن يحقق الكثير. تولى فيصل إدارة لجنة المشاريع والبرامج، في الهيئة الإدارية لمؤسسة التعاون، وهي من أهمّ اللجان في المؤسسة. استطاع بعقليته العلمية والعملية، أن يحقق كثيراً من التغيير في هذه الإدارة، ويحقق كثيراً من الإنجازات؛ لأن كثيراً من المشاريع والبرامج كان يواجه بعض القصور، أو بعض التأخير؛ ولكن بدأبه على العمل وقدرته الفائقة؛ استطاع أن يحقق إنجازات خلال هذه الفترة القصيرة.

فيصل كان جندياً مجهولاً، كنت أزامله عن قرب، كنا نلتقي أسبوعيا تقريباً في لجنة دعم الأهل في فلسطين. عملنا لجنه لدعم الأسر الفلسطينية "من أسره لأسرة"، وكان من أبرز النشطاء في هذه اللجنة، كان يتولى اللجنة المالية، واستطاع أن يحقّق الكثير لهذه اللجنة، التي ما زالت تقوم بواجبها، والتي تقدم شهرياً لثلاثة آلاف أسرة فلسطينيه منذ بداية الانتفاضة. حتى الآن تم تحويل حوالي خمسةً وسبعين مليون درهم، للأهل الصامدين في فلسطين.

فيصل، كان جندياً مجهولاً، بعيداً عن الأضواء، لم ألحظ منه في أية مرحله رغبة بالظهور، كان يعمل بصمت، واستطاع أن ينجز ويحقق. فيصل رجل يندر أن نراه بيننا هذه الأيام، رحم الله فيصل، عزاؤنا أن ذكراه ستبقى محرّكاً لأجيالنا ولأبنائنا لعملٍ دؤوب مخلص، ولا أنسى أننا واجهنا في مرحلة ما صعوبة في استمرار عمل اللجنة، كان فيصل بطل هذه المرحلة، استطاع بحنكته وعلاقاته وقدرته، أن يجتاز بنا ومعنا هذه الأزمة، وأن تستمر هذه اللجنة في عطائها حتى الآن.

د. تيسير النابلسي/ رئيس لجنة العمل لدعم الأسر في فلسطين/ عضو مجلس أمناء مؤسسة التعاون

*****

"أصدقاء فيصل كثيرون، وصفاته الغالبة، سمعناها وهي تتردد في كل مكان، وأجد نفسي أكررها، مثل: الإخلاص، والوفاء، وحسن الخلق، والتفاني في العمل، لأهله وقضيته، ولقد عرفنا المرحوم فيصل منذُ فترة طويلة، أنا شخصياً عرفته منذُ أكثر من ثلاثين عاماً، ولا أذكر أنني سمعت منه كلمة ذمٍ، أو كلمةً نابيه في حقّ أحد.

ومنذُ أن عرفته جمعنا هاجس مشترك، وهو هاجس الوطن والقضية، ثم انخرطنا معاً في العمل الإنساني، من خلال عملنا في مؤسسة التعاون، ولجنة دبيّ الأهلية، لدعم صمود الأهل في الوطن المحتل، فازدادت صلتي به كثيراً، وكان المرحوم في طليعة من قدَّم وقته وجهده وماله لتلك الأنشطة، التي كان آخرها، الحفل الذي أخذ المرحوم على عاتقه التحضير له، لدعم خريجي كلية الطبّ في جامعة القدس، وكان من أنجح الأنشطة التي عملنا لها معاً، ولا أذكر مطلقاً انه رفض القيام بأية مسؤولية طلب منه القيام بها؛ بل كان دائماً على أتمّ استعداد لبذل المزيد من العطاء والجهد، حتى أنني كنت شخصياً مستعداً دائماً، للمشاركة في أي من تلك الأنشطة، شريطة أن يكون فيصل أحد المشاركين فيه، لمعرفتي الجيدة بأن مهامي ستكون سهلة، من خلال عملي مع المرحوم، فكان نعم الشريك في العمل الدؤوب الصامت.

كان المرحوم دائماً على أتمّ الاستعداد لحمل المسؤولية في عمل اللجان، وتنظيم المؤتمرات، والمهرجانات الإنسانية، والثقافية، وكان خير رفيق وصديق في التصدّي والجدل، دفاعاً عن قضيتنا، في المؤتمرات العالمية التي حضرناها، من خلال منظمة الرؤساء العالمية. وكان من أوائل العرب الذين انتخبوا في "مجلس الإدارة للمنظمة العالمية" "WPO"، وقد نال احترام وتقدير الجميع، من خلال وعيه الكامل، لكيفية التعامل مع مؤيدي القضية ومع أعدائها، وطوَّر علاقته الشخصية مع الكثير من المسئولين، الذين كانوا ينظرون إليه بكل محبة واحترام.

كان المرحوم بسيطاً في حياته الخاصة، لم تغيره الأيام، كان بسيطاً في ملبسه، وفي مأكله، ومشربه، وكان كريماً على كلّ من حوله، كريماً في ماله، وكريماً في حبه، ورقيقاً في معاملته. أحبَّ من كان حوله، وأحبَّه من كان حوله لرقته، لم يغير نظرته للحياة بريق الأضواء ولا الأسماء ولا الألقاب ولا الأماكن البرّاقة، وكنت أعلم كغيري من الأصدقاء، أنه كان يعود إلى المنزل بعد العشاء في أحد المطاعم، يقول لزوجته ريما: أريد بعض الجبن والبطيخ، أو حبّة زيتون وبندورة؛ لأنه لم يستمتع بالعشاء. تلك هي شخصيته التي عرفناها، وأحببناها، والتي فقدناها وسنفتقدها دائما".

رياض كمال/ عضو مجلس أمناء مؤسسة التعاون/ رئيس شركة أرابتك

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required