متى تتحقق المصالحة والمصلحة الفلسطينية ؟ هذا سؤال يحير الفلسطينيين على اختلاف أماكن تواجدهم وقد يجمع الفلسطينيون على أن الأزمة التي يشهدها الشعب الفلسطيني وقضيته الأسوأ والأخطر على مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية بسبب حالة الانقسام السياسي العمودي التي جسدها الحسم العسكري لحركة " حماس " في قطاع غزة صيف العام الماضي وتداعياته على مشروع المقاومة ومشروع السلام في آن واحد. وبغض النظر عن مدى مشروعية وصحة الأسباب والاعتبارات التي دعت حركة " حماس " للإقدام على حسمها العسكري وأهمها (( الإنفلات الأمني )) أو (( التنكر لفوزها في الانتخابات التشريعية )) والتي تهاوت مع مرور الوقت لتكشف حركة " حماس " أن ما قامت به كان مخططاً له منذ وقت طويل سابق على ما إدعته من أسباب. فقد اعتبرت حركة " حماس " ومن خلفها حركة الإخوان المسلمين التنظيم الدولي أنه قد جاء في سياق إستراتيجية شاملة لحركة " حماس " وشبكة تحالفاتها الأيديولوجية العقائدية والإقليمية والدولية في سعيها الدؤوب لبسط سيطرتها على الحركة الوطنية الفلسطينية وصبغها برؤيتها الإسلامية للصراع العربي الإسرائيلي، ويعود ذلك إلى نشأة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وتجلى هذا الموقف في اشتراطات حركة " حماس " على الأطراف الفلسطينية للتراجع عن نتائج حسمها العسكري أن تلتزم بإعادة بناء وصياغة منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة وهوية جديدة تتوافق ورؤية " حماس " العقائدية ووزنها السياسي الذي كشفته انتخابات يناير 2006م بصفتها جزءاً من منظومة الإخوان المسلمين العالمية، لا بصفتها جزءاً من منظومة الحركة الوطنية الفلسطينية التي بلورت برامجها وهويتها منظمة التحرير الفلسطينية على مدى أربعة عقود كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. هذا ما يفسر رفض حركة " حماس " لدخول منظمة التحرير الفلسطينية عند إعلان ميثاقها صيف 1988م وعدم اشتراكها في القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987م بل وضعت لنفسها أجندة كفاحية خاصة في تلك الانتفاضة لتوجه من خلالها رسالة سياسية مزدوجة حسب تعبير أسامة حمدان ممثل منظمة " حماس " في لبنان، الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية والثانية للعرب والعالم ومفادهما واحد (( هو أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني بصيغتها وهويتها القائمة ))، وبعد مسيرة عشرين عاماً لحماس مارست فيه دور المعارضة السلبية في هذا السياق باتت تعتقد أنه قد آن الأوان لإزاحة منظمة التحرير الفلسطينية عن عرش تمثيلها للشعب الفلسطيني والإحلال محلها في هذه المهمة أو بسط سيطرتها عليها وصبغها بصبغتها ورؤيتها السياسية والأيديولوجية، وهذه الرؤية لحركة " حماس " تذكرنا بما عانت منه الحركة الوطنية الفلسطينية في عقدي الستينيات والسبعينيات في القرن الماضي على يد اليسار الفلسطيني الذي حاول بسط سيطرته أو التأثير على ميثاق وهوية منظمة التحرير الفلسطينية وربطها برؤى وآفاق خارج الأفق والرؤية الوطنية الفلسطينية وخارج شروط المرحلة التاريخية للنضال الوطني الفلسطيني. فهل ستنجح " حماس " فيما فشل فيه من قبلها اليسار الفلسطيني في بسط سيطرتها على الحركة الوطنية الفلسطينية وربط القضية الفلسطينية (( بمشروع الجهاد الإسلامي العالمي في المواجهة الدائرة مع الاستكبار الإمبريالي الصهيوني العالمي )) وأن تصبح القضية الفلسطينية أسيرة لهذا الصراع المزعوم ؟!!! وبالتالي يرتهن المشروع الوطني الفلسطيني والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني لنتائج هذا الصراع الكوني على حد تعبير حركات الإسلام السياسي على اختلافها ؟! على ضوء ما تقدم يمكن إعادة صياغة السؤال الذي تثيره هذه المقالة متى تتحقق شروط المصالحة والمصلحة الفلسطينية ؟! أو متى تتمكن الجهود الفلسطينية والعربية فردية أو جماعية من النجاح في تحقيق المصالحة والمصلحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها ؟!! إن اكتمال شروط المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني وعودة الوحدة الوطنية الفلسطينية تتمثل في شرطين أساسيين هما : أولاً : أن تدرك كافة القوى الفلسطينية وفي مقدمتها حركتي " فتح " و " حماس " أن جميع القوى الفلسطينية مهزومة أمام استمرار هذا الوضع على المستوى الفصائلي أو على المستوى الوطني وأن المنتصر الوحيد فيه هو دولة الكيان الصهيوني واحتلالها وخططها الرامية إلى تصفية المشروع والوجود الفلسطيني على أرض فلسطين. ثانياً : أن تدرك حركة " حماس " أن وجودها وتأثيرها في الحياة السـياسية الفلسطينية وفي مستقبل القضية الفلسطينية يعتمد بالدرجة الأولى على تسليمـها بكونها شريكاً للقوى الفلسطينية الأخرى وجزءاً من الحركة الوطـنية الفلسطينية وليسـت بديلاً لها، وهذا يقتضي التزامها بالشرعية الوطـنية الفلسطينية، واحترامها بل الالتزام بمضمون التفـويض الذي منحها إياه النـاخب الفلسطيني في انتخابات يناير 2006م، لا أن تأخذ منه غطاءً ومبرراً للانقضاض على الشرعيـة الوطنية والتزاماتها وأن لا تسعى لتغيير قواعد اللعبة السـياسية التي ارتضت على أساسها المشاركة في الانتخابات المشار إليها. عند توفر مثل هذين الشرطين يصبح من السهل على الجهود العربية أن تحقق غرضها في تحقيق المصالحة والمصلحة الوطنية الفلسطينية، ويصبح من السهل على حركة " حماس " التراجع عن حسمها العسكري ونتائجه الكارثية والعودة إلى حضن الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية على السواء لاستثمار ما فيها من عوامل قوة ودعم للموقف الفلسطيني، والتوصل إلى مصالحة وطنية فلسطينية على قاعدة وحدة المصلحة الوطنية لكل القوى ووحدة القيادة والتمثيل ووحدة البرنامج السياسي والقرار الفلسطيني المستقل، وعندها فقط يمكن أيضاً معالجة كافة التصدعات والإشكاليات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني ونخبته السياسية بعيداً عن تأثير الإستقطابات الإقليمية والدولية السياسية أو الأيديولوجية.
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|