في أعقاب احتلال الشطر الشرقي من المدينة المقدسة توالت الإجراءات الرامية إلى توحيد شطريها تحت السيطرة الاسرائيلية, حيث توحدت وراء الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية غالبية الأحزاب الإسرائيلية تجاه الوضع الخاص بمدينة القدس ، والمتمثل في أن «القدس عادت من جديد المدينة الموحدة « بعد أن ظلت «مدينة مجزأة « منذ عام 1948، وأنه لا يمكن القبول بإعادة تقسيمها في أية تسوية سياسية, و نشير بهذا الخصوص إلى ما كان أعلنه(أباإيبان) وزير الخارجية الإسرائيلي أمام المؤتمر اليهودي في دورته السابعة والعشرين ، والتي عقدت في مدينة القدس في 19 حزيران 1968 ، حيث قال (إن دولة إسرائيل هي دولة أيديولوجية , فهي لا توجد لتعيش فحسب , بل هي موجودة من فكرة لتؤسس هذه الفكرة وتحققها ، وتأسيس كيان ذي سيادة يحدد الشعب اليهودي شكله الأيديولوجي والروحي والمدني والفكري ) ، كما وتمثل القدس مصدر إلهام ديني وتاريخي وسياسي يجعلها في قلب الفكرة التي تحدث عنها «أيبان» ومارسها مع غيره من القادة الإسرائيليين مثل» موشيه دايان» الذي وقف عند حائط البراق بعد نهاية حرب عام 1967 ، و بعد احتلال القدس الشرقية ليقول (لقد أعدنا توحيد المدينة المقدسة وعدنا إلى أكثر أماكننا قدسية ،عدنا ولن نبرحها أبدا) . و تجمع غالبية الأحزاب السياسية داخل إسرائيل على موقف موحد من مسألة فرض السيطرة على القدس, وهو «وحده القدس» ،ورفضها التقسيم للأبد , وإبقاءها تحت ما يسمى «بالسيادة الإسرائيلية المطلقة» باعتبارها «العاصمة الأبدية لإسرائيل» ، مستنده إلى إثباتات واهية بحق الشق الشرقي من المدينة , ومعتبره أن الشطر الغربي منها خاضع تحت سيطرتها باعتباره أمرا مفروغا منه, ورافضة أية إدعاءات فلسطينية مستندة إلى الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي . و قد ظلت السياسة الرسمية الإسرائيلية تصر على استثناء القدس من أية مفاوضات مع العرب لتسوية الصراع ، حيث ظل مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة أثناء المناقشات حول الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس, مصرا على أن القرار 242 لا يشمل القدس, مستغلا في ذلك بعض الغموض الوارد في نص القرار, كما رفضت إسرائيل جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ذوات أرقام ( 250, 251 , 253),وغيرها من القرارات . وفي المقابل فإن كل المقدمات الإسرائيلية لتسوية الصراع أصرت فيها إسرائيل على استثناء القدس من أي انسحاب محتمل لها من الأراضي العربية المحتلة عام1967, حيث رفضت مبادرة «روجرز» الثانية التي تم طرحها في حزيران عام 1970 ،وأعربت «جولدا مائير» رئيسية الحكومة الإسرائيلية وقتهاعن قلقها الخاص إزاء الموقف الأمريكي بشأن السلام والحدود واللاجئين والقدس . وقالت» مائير» أيضا في هذا الخصوص « أن القدس الموحدة ستبقى عاصمة إسرائيل « . كما استطاعت إسرائيل إملاء شروطها على المصريين في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية و تأجيل الحديث بموضوع السيادة الفلسطينية على المدينة المحتلة , والاكتفاء بخطابات متبادلة بين الطرفين لم تحسم موضوعها بالشكل الجدي والحقيقي . وعقب توقيع اتفاق أوسلو أعلن» اسحق رابين « أنه سيأخذ في الاعتبار مصالح مختلف الكنائس المسيحية أثناء المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية بشأن القدس ،وأنه يرغب بفصل الحل الديني عن الحل السياسي الفلسطيني, وأكد على موقفه على الإبقاء على القدس عاصمة إسرائيل وتحت سيادتها . كما أن أية ترتيبات بين إسرائيل والفلسطينيين كانت تحرص إسرائيل دائما على حصرها بالإدارة لا في السيادة ، وحتى ما سمي بالتنازلات المتوقعة من قبلها في عهد باراك كانت مقيدة جدا, واقتصرت على مستوى العلاقات المتبادلة بين الديانات, وكانت تتعلق بتفاهمات وظيفية للفلسطينيين على الأحياء العربية في ظل الإدارة الإسرائيلية المهيمنة ,ولم تمس بأي شكل من الأشكال بالسلطة الإسرائيلية الكاملة على المدينة , وذلك عوضا عن التفاهمات المحددة والضيقة بين الديانات بشأن إدارة الأماكن المقدسة المقترحة من قبل حكومة» شارون» السابقة . وقد عدل جدول أعمال المفاوضات بشأن القدس بعض الشيء في إعلان واشنطن الصادر عن رئيس الحكومة رابين ، وإعلان الملك الراحل حسين في تموز 1994 ،حين تعهدت إسرائيل بإيلاء أولوية كبرى للدور الأردني و التاريخي في الأماكن المقدسة في القدس ،وذلك عند إجراء مفاوضات الوضع النهائي مما أوجد تناقضا بين الالتزامات التي قدمتها إسرائيل لكل من منظمة التحرير الفلسطينية و الأردن . و تتصف السياسة الإسرائيلية تجاه القدس بالغموض المطلق , في مسعى منها إلى ضم القدس الشرقية من خلال تطبيق عملية”الأسر لة « ، وذلك بتغيير واقع المدينة المحتلة لتوحيدها وفرض أغلبية سكانية يهودية عليها , وقد حددت الحكومة الإسرائيلية أشكال سياستها تجاه القدس بفرض سيطرتها على المدينة كلها ،وعدم التوصل إلى أية ترتيبات متبادلة فيما بينها وبين غيرها إلا فيما يتعلق بالأماكن المقدسة, وحصرها بالإدارة دون الإشارة إلى السيادة وبأن تدير كل ديانة أماكنها المقدسة « وبذلك ضمنت إسرائيل عدم تقديم تنازلات فيما يتعلق بانتقاص السلطة والسيطرة الواقعية على المدينة . المحامي د. خلدون ابو السعود/الحلقة الاولى القدس
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|