تشكل التهدئة الشاملة الخيار المشترك أو الخيار المصلحة بين جميع أطراف الصراع العربي “الإسرائيلي” هذه المرة، ولعلها المرة الوحيدة التي تلتقي فيها مصلحة الجميع في خيار مشترك. حتى القوى الإقليمية والدولية المعنية تعمل في هذا الاتجاه. فحركة حماس من ناحيتها وهي تضع نفسها في صف خيار المقاومة، وترفض الالتزام بشروط الرباعية الدولية والدخول في مفاوضات مباشرة مع “إسرائيل”، معنية بالتهدئة الشاملة من منطلق عدد من الاعتبارات، أولها أن التهدئة تتيح الفرصة أمام خيار البقاء والصمود وتأكيد سلطتها، وهو ما تحتاج معه الى تهدئة ورفع للحصار وفتح للمعابر ولو جزئيا، وهو ما سيسجل على أنه انتصار سياسي يمكن أن يبنى عليه في خطوات قادمة، وثانيا التهدئة الشاملة توفر للحركة تجنب الدخول في مفاوضات مباشرة مع “إسرائيل” ولو لفترة زمنية قد يلعب فيها عنصر الزمن عاملاً مهماً يتضح فيه إلى أين ستتجه التحولات والتحالفات الإقليمية والدولية وما إذا كانت ستصب في صالح الحركة أم لا. من ناحيتها، مؤسسة الرئاسة في حاجة إلى خيار التهدئة الشاملة لأن خيارها الاستراتيجي هو المفاوضات، وتأكيد المقاومة السلمية، ولكي تتوفر لهذا الخيار مقومات الاستمرارية على أمل الوصول إلى نتائج نهائية تؤكد صدقية خيارها وجدواه فلسطينياً، ومن ثم تكون الرئاسة قد أوفت بخياراتها السياسية ويبقى الأمر متروكاً للشعب الفلسطيني خياره في الاختيار ما بين قيام الدولة أو الاستمرار في الوضع الراهن.. هذا الخيار في حاجة إلى تهدئة على الأرض، والحيلولة دون استمرار العدوان “الإسرائيلي”، لأنه لا يستقيم الاستمرار في التفاوض وهناك عدوان وخسائر بشرية ومادية سواء في غزة أو غيرها من المدن والقرى الفلسطينية. أما “إسرائيل” فهي، وعلى الرغم من تفوقها عسكرياً، في حاجة للتهدئة أو على أقل تقدير وقف لإطلاق الصواريخ، انتهاء بخيارها البعيد المدى وهو فك الارتباط الكامل بقطاع غزة. ف “إسرائيل” ورغم اعتبارها غزة كياناً معادياً وخطراً فإن هدفها الملح الآن هو وقف إطلاق الصواريخ ووقف العمليات داخل “إسرائيل”، ولذلك كانت عملية القدس ذات مغزى كبير في هذا السياق، فهي تدرك عجزها عن مواجهتها ووقفها، وقد تكلفها بقاء الحكومة، وثانياً إدراكها ان خيار الاجتياح الشامل سيكلفها ثمناً باهظاً وقد لا يكون مضمون النتائج، وثالثاً من مصلحتها الاستمرار في العملية التفاوضية أيضاً لأن الظروف السياسية السائدة فلسطينياً وإقليمياً ودولياً ما زالت تعمل لصالحها، وبالتالي قد تدفع للحصول على أفضل النتائج التفاوضية وقد تفتح لها أبواب الدول العربية، ومن ثم قد يشكل هذا برنامجاً سياسياً لأولمرت وحزبه في حال الدخول في عملية انتخابية مبكرة. فحزب كاديما ليس له برنامج سياسي واضح، وكل ما يملكه رؤيته لأحادية الانسحاب كما حدث في غزة. ورابعاً قد توفر له التهدئة الاستمرار في بناء جدار الفصل وإطلاق سراح أسيرها شاليت الذي يمثل عبئا على حكومتها. وخامساً وهذا هو الأخطر فإن “إسرائيل” لن تخسر شيئا لأنها تتحكم في قواعد اللعبة السياسية الفلسطينية وتحركها كيفما شاءت. على الصعيد الأمريكي، وعلى الرغم من موقف واشنطن المعادي لحركة حماس، إضافة الى تبنيها الموقف “الإسرائيلي”، فإنها في حاجة إلى التهدئة للدفع بخيار المفاوضات إلى الأمام، وهذا قد يفسر لنا زيارة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، ووزيرة الخارجية الأمريكية للمنطقة، لعل الرئيس الأمريكي يتمكن في نهاية عهده من تحقيق إنجاز يتمثل في إقامة “الدولة الفلسطينية” كما وعد.
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|