مفتاح
2025 . السبت 7 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ترتفع أصوات عربية لسحب المبادرة العربية للسلام ، نظراً لولادتها مريضة ومعاقة وغير مكتملة النمو وذلك لغياب الإجماع العربي عليها ، وغياب الآليات لتطبيقها وترجمتها على أرض الواقع ، في ظل غياب أوراق الضغط العربية المؤثرة من أجل معالجتها من مرضها الذي أصبح مزمناً ومستعصياً على الحل ، وما زالت في الحضّانة جنيناً غير مكتمل النمو يصارع الموت ، ويبدو أنها ماتت دماغياً وأعلنت وفاتها على لسان الأمين العام لجامعة الدول العربية ، وبعد ذلك تم التراجع عن إعلان الوفاة في مؤتمر القمة العربي بالرياض في العام المنصرم ، وتجددت الآمال العربية بشفائها في مؤتمر أنابوليس. ولو عدنا لتاريخ ولادتها الحقيقي عندما كان المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ولياً للعهد وأطلقها عام 1982 ، وبقيت في الحضانة وغرفة الإنعاش وبموجب شهادة ولادة مع وقف الإعلان الرسمي والشرعي عنها ، وكانت الولادة الرسمية والشرعية لها والإعتراف بها شرعياً من العرب في مؤتمر القمة العربي ببيروت عام 2002م. وتبناها العرب رسمياً منذ ذلك التاريخ. ولكن اسرائيل والولايات المتحدة لم تعترف بالتبني العربي الشرعي لها ، وقال عنها شارون حين إعلان التبني إنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به في استهانة واضحة وصريحة بالشرعية العربية ، ولرفع العتب فقد أشير اليها باستحياء في مؤتمر أنابوليس إشارة هامشية باعتبارها مرجعية لا يؤخذ ببنودها كاملة ولا تترك كاملة. بمعنى أن تختار اسرائيل ما يناسبها منها وهو التطبيع أولاً بعد القفز عن بنودها الأخرى وترحيلها وتركها للزمن. من هنا وبعد مؤتمر أنابوليس وتعثر المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وذلك بالإجراءات العملية المناهضة لها على الأرض من قبل اسرائيل بالعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني وافتعال الصدامات في جناحي الوطن والتصفية الجسدية للمناضلين وقتل الأبرياء في حرب أحادية الجانب من جيش مدجج بالسلاح ضد شعب أعزل ، وذلك للتغطية على الإستطان الذي تسارعت وتيرته بعد أنابوليس بشكل محموم ، فقد يئس العرب من هذه المبادرة التي تترنح بين الموت والحياة ، ونادى بعض العرب بإماتتها بالموت الرحيم ، وسحبها لعدم بعث الحياة الطبيعية فيها وترجمتها على أرض الواقع تمشي ملكاً. ولكن السؤال المطروح على العرب ، وفي حالة سحبها وإلغائها ما هو البديل؟ سؤال مشروع يحتاج الى الإجابة. هل البديل إطلاق مبادرة جديدة مخففة تقبل بها اسرائيل وتعلن صراحة إلغاء حق العودة؟ أو أن يكون التخلي عن السعي العربي لاحتوائها ومحاولة حلها بأدنى المطالب العربية والفلسطينية المقبولة طبقاً للمعادلات التي تحكمها في هذا الظرف ، وبالتالي إتاحة الفرصة لإسرائيل للإستفراد بالطرف الفلسطيني والذي بفقدانه الدعم العربي المنقوص أصلاً سيزيد الموقف الفلسطيني ضعفاً على ضعف مقارنة بالطرف الإسرائيلي ، ويفتح الباب مشرعاً لإسرائيل لتتمدد على حساب الأرض العربية والحقوق العربية. وهذا السؤال من منطلق الخيار الإستراتيجي العربي اليتيم للسلام والذي يعتمده العرب حيال هذه الأزمة والمرض العضال الذي يغزو الجسم العربي كله ويفرخ الأزمات والأورام في الجسم العربي ، حيث لا يوجد خيارات مطروحة من العرب لمعالجة الأزمة القديمة المستحكمة المستعصية عن الحل. وهذا التخلي عن الأزمة وترك طرفيها يتصارعان لوحدهما برعاية أمريكية منحازة وحكم اوروبي غير مؤثر وأمم متحدة مكبلة بسياسة القطب الأوحد.

وفي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة ، ومن منطلق عمومية القضية وليس خصوصيتها ، وعدم السماح لعدوى وبائها بالإنتشار الشامل والكامل في الجسد العربي لتضرب القلب والدماغ بعد أن ضربت الكلى والرئتين والكبد ، حيث امتدت وأصابت الكيانات العربية المجاورة وغير المجاورة ولم يعد ينفع الحجر الصحي عليها وحصرها في خاصرة الأمة (فلسطين) فوصلت لأرض الرافدين وتهدد دول الخليج العربي واستفحلت في لبنان وتهدد سوريا وتفاقمت في غزة وتهدد الأمن القومي المصري ركيزة الأمن القومي العربي وانتشرت واستشرت في الجسم العربي متجهة للقلب والدماغ. إن على الدول العربية وفي حالة سحب المبادرة أن تهييء للفلسطينيين إحياء الخيارات المناسبة لإجبار اسرائيل على الإنصياع للقرارات الدولية وتطبيقها تماماً كما يتم فرضها على العرب وتنفيذها حرفياً كما طبقت على العراق بفرض التفتيش الدولي وتخطت ذلك بعدوان أنجلوأمريكي غربي غير مشروع على سيادة بلد عربي أساسي وفاعل وعضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ، واحتلاله رغم المعارضة الدولية له ، وكما طبقت على سوريا التي دخلت قواتها الى لبنان بناء على رغبة وايحاءات دولية وقرارات عربية شرعية ، وأصبحت غير شرعية وخرجت منه بقرارات شرعية دولية مزاجية ومغتصبة من الهيمنة الأمريكية ومتماشية مع الرغبة الإسرائيلية ومتطابقةٍ مع المصلحة الإسرائيلية بقوة الهيمنة والسيطرة الأمريكية على الأمم المتحدة ، وكما طبقت على لبنان وأهملت من الجانب الإسرائيلي الذي ما زال يحتل مزارع شبعا ومرتفعات الجولان السورية.

المطلوب من الدول العربية دعم الفلسطينيين الذين سعوا للسلام بجدية ومسؤولية عالية يوم أن أعلن عرفات في الأمم المتحدة أنه يحمل غصن الزيتون بيد والبندقية باليد الأخرى ، وخاطب المجتمع الدولي قائلاً "لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي". ولكن اسرائيل وبالدعم الأمريكي اللامحدود أسقطته بتعنتها ومراوغتها وعدوانها المستمر على الإنسان والأرض ، وأسقطت عرفات القادر على صنع السلام والذي كان يحمل هذا الغصن بكلتا يديه بعد أن ألقى البندقية جانباً بموجب اتفاق اوسلو الذي انقلبت عليه اسرائيل. وليس مطلوباً من الدول العربية خوض الحروب العسكرية إنما إتاحة الفرصة للفلسطينيين بممارسة حقهم الطبيعي والمشروع في المقاومة المسلحة والشعبية من على كل الأرض العربية وأينما وجدوا. المطلوب إعادة البندقية للمقاوم الفلسطينني التي جُيِّرت لصالح الخيار الإستراتيجي للسلام. والمطلوب من الدول العربية التي أبرمت إتفاقيات سلام مع اسرائيل أن توقف التعامل الدبلوماسي والسياسي معها بسحب سفرائها المعتمدين لدى اسرائيل حيث ثبت عدم جدوى هذه العلاقات الدبلوماسية معها في إزالة حاجز اسرائيلي واحد ينغص حياة المواطن الفلسطيني باستغلال هذه العلاقات الجليدية. ولا يُطلب من هذه الدول إلغاء اتفاقيات السلام ، بل المطلوب تجميد العلاقات الدبلوماسية معها. ووقف الإتصالات والتوقف عن التطبيع وإحياء المقاطعة العربية الإقتصادية مع اسرائيل. اسرائيل تعودت أن تأخذ ولا تعطي ، وأن تسحب الموقف العربي للإقتراب منها دون أن تتقدم خطوة نحو العرب متمترسة ومتدثرة بغطاء القوة الأمريكية العسكرية والدبلوماسية والدعم المادي والمعنوي اللامحدود. والمطلوب توجيه رسالة من مؤتمر قمة عربي طاريء واستثنائي لهذا الغرض الى اللجنة الرباعية الرباعية الراعية لعملية السلام يعلن سحب المبادرة ويبين الأسباب ويعلن للعالم دعمه المطلق للشعب الفلسطيني في ممارسة المقاومة بكل أشكالها ضد المحتل الجاثم على أراضيهم ويؤكد دفاعه عن الحق الفلسطيني المغتصب ، وكذلك الإعلان عن حق سوريا ولبنان في اتخاذ الإجراءات التي يرونها مناسبة لاستعادة حقوقهم المغتصبة وأراضيهم المحتلة والتعويض عن سنوات الإحتلال التي سرقت فيها اسرائيل الموارد العربية وقتلت المواطنين العرب في الأراضي المحتلة وأخرت تنمية المجتمعات العربية تحت الإحتلال وتطورها وصادرت ممتلكاتها بدون وجه حق مخالفة ومتجاهلة القوانين الدولية والمعاهدات الدولية في حق الشعوب المحتلة والأراضي المحتلة بالقوة ، حق تلك الشعوب المحتلة أراضيها في الإحتفاظ بمقدراتها وأملاكها وعدم تغيير المعالم الجغرافية للأرض ورعاية مواطنيها والمحافظة على حقوقهم المدنية والمعيشية والتنموية. فإن لم يبادر العرب الى مقاطعة اسرائيل ويعلقون الجرس لباقي دول العالم كما حصل مع جنوب أفريقيا ، فمن سيبادر الى هذه الخطوة. إن إقامة السلام في المنطقة مصلحة عالمية ينشدها العالم كله ولكنه مكبل بهيمنة القطب الأوحد المنحاز بالكامل لاسرائيل ، ويحتاج الى خطوة عربية عملية جادة ومصممة ومدعومة بآلية تنفذ بحذافيرها. لماذا يخشى العالم اسرائيل التي لم تقدم له إلاّ الأزمات والنموذج الإستعماري الإستيطاني على حساب أرض بقتل وتشريد شعبها ، ذلك النموذج المرفوض من كل الشعوب وعلى رأسها الشعوب المتعاطفة مع اسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة. وهل يقبل شعبٌ في العالم أن تأتي عصابات من أشتات العالم وتقول أنها صاحبة حق مزعوم في أرضه لمرور أجدادهم ذات يوم مضى وانقضى على تلك الأرض لتقيم عليها وطناً قومياًُ لشتاتها بالقتل والتشريد؟ وهل تقبل اسبانيا مثلاً أن يطالب العرب بأرضها لإعادة بناء دولتهم الأندلسية الأموية علي أرض اسبانيا لأنهم حكموها في حقبة تاريخية خلت؟

أما أن يسحب العرب المبادرة بدون تقديم البدائل الناجعة الفاعلة فسوف يثلج هذا العمل قلب اسرائيل ، وتعتبره عجزاً على عجز ، وسوف تطلق عليه المثل القائل "قُصُر ذيل يا أزعر" أو "إلّي مش قادر يطول العنب بيقول عنّو حامض". ويجب أن تبدي المنظومة العربية صرامة وعزماً وتصميماً وتطبيقاً فعلياً متكاملاً لمقررات هذه القمة الإستثنائية لتكون مقدمة لحل المشاكل والمعضلات العربية السياسية والإقتصادية والثقافية التي ترتبت على هذه القضية المتقادمة والمستعصية على الحل.

وعلى القيادة والفعاليات الشعبية الفلسطينية والأطياف السياسية أن تدرس هذه البدائل منذ الآن وتضع الخطط والإستراتيجية الوطنية المناسبة والفعالة لمقابلة فشل مفاوضات السلام ، في عمل متناغم ومنظم وملتزم بتعليمات القيادة السياسية التي تدير المفاوضات والعلاقات الدولية ، ويعتمد على قواعد الوحدة الوطنية والكتمان في قضاء الحوائج الوطنية مع استمرار البحث عن الوسائل غير باهظة التكاليف برفع شعار المقاومة بكل أشكالها العلنية والسرية وشعار السلام القائم على القرارات الدولية التي صدرت لصالح القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في تقرير المصير ، مقاومة علنية شعبية في فعاليات شعبية سلمية وحضارية منظمة ، ومقاومة مسلحة تحت الأرض تكيل الضربات الموجعة والمؤثرة لإسرائيل دون استثارة التعاطف الدولي معها بتركيز المقاومة في الأراضي المحتلة بعد عام 1967. واستهدافها المستوطنين اليهود على الأراضي المحتلة بعد 67 ، والجيش الإسرائيلي الذي يثبت الإحتلال أينما وجد ، وتجنيبها المدنيين اليهود داخل الخط الأخضر كأهداف معلنة واستراتيجية مدعومة بإعلام هادف يعكس المطاالب المشروعة للشعب الفلسطيني ويركزعلى الوحدة الوطنية لكل أطياف المقاومة وعلى وحدة المطالب الشعبية المشروعة ، ويسلط الأضواء على الجرائم الإسرائيلية باستهداف المواطنين العزل من الفلسطينيين وعلى معاناتهم اليومية في تحصيل لقمة العيش من الحواجز والأسوار العازلة والإعتقال وتجريف الأراضي والممتلكات ، ويجب العمل على إلزام اسرائيل بكامل مسؤولياتها على الأراضي المحتلة حسب المعاهدات الدولية. واعتماد الصبر والحكمة في معالجة تبعات المقاومة المسلحة المرشدة الفاعلة ، وكتمان هوية أبطالها وشهدائها بعدم الإعلان والظهور المسلح للملثمين. وذوبان كل أسماء الجبهات والحركات والفصائل في مسمىً واحد على سبيل المثال "الجبهة الوطنية لتحرير فلسطين" مغطاة بعباءة واحدة هي القيادة الموحدة لفعاليات المقاومة الفلسطينية من أجل دحر الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على قاعدة القرارات الدولية وبدون إعلان أسماء القادة الميدانيين للمقاومة المسلحة. بدءاً بالقرار رقم 242 وقرار المحكمة الدولية بحق الجدار العازل كمرحلة آولى ، وانتهاءً بقرار التقسيم عام 1947 والقرار رقم 194 لاستيعاب الشعب الفلسطيني بالشتات كمرحلة ثانية. ولا مانع من تعليق القرار رقم 194 دون إلغائه وإبقائه قائماً وتأجيل بحثه في مفاوضات نهائية لتحديد الحدود الدائمة على أساس قرار التقسيم بعد قيام الدولة على حدود مؤقتة على الأرض التي احتلت عام 1967وتشكيل الحكومة الوطنية وذلك للحيلولة دون تمدد اسرائيل وابتلاعها مزيداً من الأراضي. فصعود السلم درجة درجة بخطوات محسوبة أكثر أماناً ووثوقاً بجلب النتائج من القفز مرة واحدة من الدرجة السفلى الى الدرجة العليا التي تحتمل مخاطر كثيرة وعالية ربما تفشل الصاعد عليه وتودي بمنجزاته.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required