ما هو مُعلن وما هو معروف من نتائج المفاوضات الجارية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لا يغطي جرعة التفاؤل التي أعلن عنها الرئيس بوش وأعادت التأكيد عليها السيدة رايس والتي وصلت الى حدود درامية مفاجئة على لسان الرئيس ابو مازن، حيث عبر عن ثقته بالتوصل الى حل قبل نهاية هذا العام. وما هو معلن ومعروف عن هذه النتائج لا ينسجم مع الأفعال والممارسات الاسرائيلية وخصوصاً في القدس الشرقية، حيث تعلن القيادات الاسرائيلية أن ما تقوم به وما تنوي القيام به لا يتعارض مع عملية السلام، ولا يتعارض مع خارطة الطريق، وهي تمعن في عزل المدينة وتهويدها وتغيير معالمها الديمغرافية، ولا ينسجم مع استمرار الاستيطان في الضفة، حيث أعلنت مجموعات السلام الاسرائيلية أن الاستيطان تضاعف بعد مؤتمر انابوليس وان الاستيطان في العام 2007 قد فاق الاستيطان في العام 2004 بـ "11" مرة فقط. وما هو معلن ومعروف عن هذه المفاوضات وعن نتائجها لا ينسجم مع التقارير متعددة المصادر والتي تفيد بان المفاوضات تسير ومند عدة شهور بوتائر متسارعة وعبر قنوات مختلفة وأن مجموعها قد زاد على 55 محطة تفاوضية وأن اكثريتها عُقدت بين السيد احمد قريع ( ابو علاء) والسيدة ليفني، وأن الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء اولمرت هما الوحيدان اللذان يعرفان بهذه المفاوضات وبالنتائج التي تم التوصل اليها. ويحار المرء في كيفية الاجابة على عشرات الاسئلة والتي باتت تُطرح في الشارع الفلسطيني، على مين نرد يا جماعة الخير؟ من نصدق؟ كيف نكون امام حل في ظل هذا الكم الهائل من التناقضات؟ كيف سيأتي الحل اذا كانت المفاوضات الجارية ليست مخالفة لعملية السلام ومقررات انابوليس وخارطة الطريق؟ واي حل هذا الذي سيهبط علينا من السماء في ليلة ما فيها ضوّ قمر؟ وهل هو حل للحل ام حل للتفاوض اللاحق؟ وهل هو حل مؤقت ام حل دائم؟ أم حل مؤقت مرهون بشروط حل دائم لا تتوفر الآن؟ وانما حل سيأتي بعد الحل الحالي وقبل نهاية العام الحالي؟؟؟ ثم لماذا يطرح الكونغرس الاميركي حقوق " اللاجئين اليهود" الآن وما علاقة ذلك بقضية اللاجئين الفلسطينيين؟ ولماذا تتحدث السيدة ليفني عن ضرورة وجود برامج مالية محددة لتعويض المستوطنين الذين سيرحلون من الضفة ولا تتحدث عن المستوطنين في القدس الشرقية؟؟ لم اجد تفسيراً لكل هذا الكم الثقيل من الاسئلة وكل هذا التناقض بين معلن الاقوال ومعلن الافعال، وبين الخطاب المفرط في تشاؤمه والخطاب المفرط في تفاؤله.. بين ما هو معروف عن المفاوضات وبين ما هو خفي وسري ومكتوم منها الا التفسير التالي: يبدو ان المفاوضات وبغض النظر عن القنوات والآليات وعدد المحطات وما تم انجازه وما سيتم انجازه حتى نهاية العام، وبغض النظر عن الخطاب الاعلامي الذي يرافق هذه المفاوضات ويغطيها او يغطي عليها، هذه المفاوضات قطعت او هي على وشك ان تقطع الشوط الرئيسي فيها.. ويبدو ان هذه المفاوضات مقسمة الى مرحلتين: الاولى: مرحلة الترتيبات المباشرة، وأما الثانية فهي الترتيبات البعيدة المدى او الحل النهائي. في المرحلة الاولى يتم الاتفاق على مبادئ ومراحل قيام الدولة وفي الثانية يتم تنفيذ هذه المبادئ. في الاولى تحدد الولاية الجغرافية للسلطة على الاراضي الفلسطينية وفي الثانية يتم بسط السيادة الفلسطينية عليها. في الاولى يتم الانسحاب من المناطق الفلسطينية المأهولة للمرة الثالثة او الرابعة بما في ذلك المدن وربما كامل منطقة "ب" وبعض المناطق من "سي" ويتم التواصل الجغرافي بينها دون التحكم الفلسطيني بمداخلها ومخارجها، وفي الثانية تتحول هذه المداخل والمخارج الى حدود رسمية برقابة اسرائيلية ودولية. في الاولى يسلم الأمن في حدود الولاية الجغرافية المتصلة للسلطة الفلسطينية وفي الثانية يتم وضع ترتيبات أمنية نهائية بين (الدولتين). في الاولى يتم ازالة المستوطنات العشوائية ويتم ازالة بعض المستوطنات المعزولة والتي ليس لها اي طابع أمني وفي الثانية يتم ضم الكتل الاستيطانية وتشبيكها بالكامل مع الولاية الجغرافية الاسرائيلية وتخرج من محيط الولاية الجغرافية الفلسطينية. في الاولى يتم الاتفاق على "عمل" رسمي للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية وفي الثانية يتم ربط مدينة رام الله بممر آمن مع الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية وتبقى المدينة وكل غلافها الخارجي تحت السيادة الاسرائيلية. في الاولى يتم الحديث عن حق العودة الى الضفة وغزة وعن حق التعويض وفي الثانية تدوّل قضية اللاجئين ويصار الى وضع آليات دولية ملزمة باشتراك فاعل من دول المحيط العربي والمجتمع الدولي. في الاولى يتم الاتفاق على حجم ونوعية الاراضي القابلة للتبادل وفي الثانية يتم تنفيذ التبادل للأرض وربما لبعض التجمعات السكانية. في الاولى لا يتم الحديث عن الاتصال بين الضفة والقطاع وفي الثانية يتم الاتفاق على ذلك بعد تغيير الواقع السياسي فيه. في المرحلة الاولى الدور العربي هو المباركة وفي الثانية هو المشاركة. في الاولى مركز الثقل الاساسي من معيشة السكان الفلسطينيين وفي الثانية بعض "حقوقهم" السياسية. في الاولى يبقى غور الاردن تحت السيطرة الاسرائيلية وفي الثانية توضع ترتيبات لتواجد فلسطيني ما بما في ذلك عدة مئات من الأمتار على البحر الميت. في الاولى لا حديث عن حدود دائمة وفي الثانية يتم تحديد الحدود بعد استكمال الجدار والترتيبات في الغور وضم الكتل الاستيطانية واجراء تبادل الاراضي وربما بعض السكان. لا تسمى المرحلة الاولى بالحل المؤقت وانما تسمى المرحلة الاولى من الحل النهائي. في الاولى يُنص على "الحقوق" وفي نهاية المرحلة الثانية تعرض الاتفاقية على مؤتمر دولي وربما على الامم المتحدة. السقف الزمني للمرحلة الاولى يعتمد على الانجاز وعلى مدى التزام الطرف الفلسطيني وقد تحدد بعدة سنوات وقد لا تستغرق الا بضعة شهور، أما الثانية فسيوضع لها سقف ومراحل وجدول زمني ملزم للأطراف. ما سيتحدد من "حقوق" في المرحلة الاولى هو سقف نهائي وما سيتم الاتفاق عليه هو نهاية المطالب الفلسطينية. هذا حل لا يدوم ولن يبقى، وهو حل لأزمات القيادة وليس لحقوق الشعب، ذلك لأنه لا يبقى ولا يدوم إلا وجه الله والحل العادل. الايام
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|