مفتاح
2025 . السبت 7 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قراءة البيان الختامي لقمة دمشق تكشف عن حقيقة مهمة وهي أن القمة عزلت نفسها عن الواقع الدولي والاقليمي المحيط بها، وبالذات التطورات المتسارعة التي لها علاقة مباشرة بما تضمنته أغلب بنود البيان الختامي لهذه القمة الذي حمل اسم “إعلان دمشق”، وهو اسم شبيه باعلان عربي آخر صدر عقب انتهاء حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991 وكان نصيبه من الفشل يفوق كثيراً نصيبه من النجاح.

“إعلان دمشق” الجديد تحدث عن السلام ومرجعياته وتحدث عن العراق وعن لبنان وقضايا أخرى منها المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، واعتمد ثلاث مبادرات أضحت عنواناً للعمل العربي المشترك هي: مبادرة السلام العربية، والمبادرة العربية الخاصة بالأزمة السياسية في لبنان ومبادرة صنعاء الخاصة بالمصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس”، لكن الاعلان لم يقف طويلاً أمام فهم حقيقة أن الإدارة الأمريكية التي يعوّل عليها في الوفاء بما اصطلح على تسميته “تفاهمات أنا بولس” هي إدارة تستعد للرحيل، وأن القمة العربية كان يجب أن تعي مغزى رحيل إدارة بوش على عملية التسوية وأن تبحث في النتائج المحتملة لرحيل هذه الإدارة على الاتفاقات والتفاهمات الخاصة بعملية السلام، والتي كانت إدارة بوش طرفاً فيها، كما لم تبحث في البدائل الممكنة، اهتمت فقط بتجديد الحديث عن مبادرة السلام العربية التي لم تعترف بها “إسرائيل” ولم تحترمها الولايات المتحدة حتى الآن، بدليل أن “تفاهمات أنا بولس” جاءت خالية تماماً من أي إشارة إلى هذه المبادرة ولم تهتم بغير “خريطة الطريق” كمرجعية لعملية السلام من دون المرجعيات الأخرى خاصة قرارات الأمم المتحدة.

إدارة بوش لم تحترم المبادرة العربية، وحكومة “إسرائيل” لم تعترف بها، والأحداث تتحرك و”إسرائيل” تعد المخططات.

أما قمة العرب فهي في موقف جامد من أحداث لم تعد جامدة، في حين أن حكومة “إسرائيل” تتفاعل بمرونة ووعي مع المستجدات من الأحداث وتجهز البدائل على نحو ما فعلت تسيبي ليفني نائبة وزيرة الخارجية التي صرحت في ورشة عمل مع كبار الخبراء والمستشارين في مراكز البحث التابعة لوزارة الخارجية، بأنها تدرك الآن، أكثر من أي وقت مضى، بأن المفاوضات مع الفلسطينيين لن تحقق الهدف منها كما أعلن عنه في أنا بولس والمتمثل في الوصول إلى اتفاق حول الحل الدائم حتى نهاية العام الحالي، وانتهاء ولاية الرئيس جورج بوش، وأفاد تقرير ورشة العمل هذه أن على “إسرائيل” ان تستعد للأيام التي ستلي رحيل إدارة بوش وضرورة التفهم بأن واقعاً جديداً قادماً إلى أمريكا بعد رحيل الإدارة الحالية، كما أفاد التقرير بأن هناك ضرورة “إسرائيلية” لفحص ودراسة سيناريوهات وامكانات اخرى يجب على “إسرائيل” العمل عليها منذ الآن، وان تختار ما هو الأفضل لها ولمصالحها.

هذا النوع من التفكير والتدبر ما زال غائباً عن العقل السياسي والاستراتيجي العربي الذي لا يزال أسير صراعات العرب مع أنفسهم أكثر من كونه أسير صراعاتهم مع أعدائهم بدليل الموقف الجامد والعاجز للقمة عن مراجعة مبادرة السلام العربية والجمود أمامها من دون طرح أي بديل، ربما لأن القادة العرب لا يملكون أي بديل وليسوا على استعداد لمراجعة ما سبق ان استراحوا إليه من خيار للتعامل مع الصراع العربي - الصهيوني وهو أن السلام هو “الخيار الاستراتيجي” الذي، بما يعني عدم الاستعداد للبحث بجدية في هذا الخيار ومراجعته.

دليل آخر، هو الموقف من الأزمة العراقية، ففي الوقت الذي تحدث فيه “اعلان دمشق” عن ضرورة انهاء الوجود الأجنبي وضمان الأمن والاستقرار والسيادة الكاملة للعراق، لم يهتم الاعلان بوجود مباحثات استراتيجية امريكية - عراقية على أعلى المستويات لوضع ما سمي ب “اعلان المبادئ” الذي وقعه الرئيس الأمريكي مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عبر ال “فيديو كونفرانس” موضع التنفيذ، وبالذات التوقيع على معاهدات أمنية ودفاعية وسياسية واقتصادية تؤمن وجوداً عسكرياً أمريكياً طويل المدى في العراق، وتؤمن سيطرة أمريكية على القرار السياسي والاقتصادي بل والثقافي العراقي، تجاهل العرب ذلك، كما تجاهلوا الواقع الايراني القوي في العراق الذي شجع الرئيس الايراني احمدي نجاد للحديث عن البديل الايراني لملء فراغ الانسحاب الأمريكي المتوقع من العراق، كما تجاهلوا نتائج زيارة انجاد لبغداد والاتفاقات التي تم التوقيع عليها خلال هذه الزيارة وتجاهلوا الحوارات الأمريكية - الإيرانية حول العراق.

تجاهل “اعلان دمشق” هذا كله، وتحدث فقط عن مواقف لا تجد من ينفذها ولا من يدافع عنها، تماماً كما هو حال مبادرة السلام العربية مع “إسرائيل” وكما هو حال “مبادرة صنعاء” الخاصة بالمصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” حيث غاب راعي هذه المبادرة الرئيس علي عبدالله صالح عن القمة، وحيث اغتالها كل من ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي وايهود اولمرت رئيس الحكومة “الاسرائيلية” كما اغتالها رجال السلطة الفلسطينية ممن أزعجهم احتمال حدوث هذه المصالحة التي سوف تغضب “إسرائيل” وأمريكا، وهم لا يقبلون ولا يتحملون مثل هذا الغضب.

والنتيجة أن العرب أصبح لديهم الآن بعد قمة دمشق ثلاث مبادرات يتيمة لا تجد من يحميها، وبعضها لا يجد من يترحم عليها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required