...في شهر آذار من سنة 1976م قامت سلطات الاحتلال الصهيونية بمصادرة آلاف الدونومات ( 60الف دونم) من الأراضي العربية الفلسطينية في منطقة الجليل الأوسط من قرى عرابة البطوف ،سخنين ،ودير حنا ،وذلك في مخطط صهيوني يهدف إلى تهويد ارض الجليل العربي حيث أصدرت قرارا بتاريخ 13/2/1976م يقضي بإغلاق منطقة المل(منطقة رقم 9) ومنع المواطنين العرب من دخولها ،( استخدمت هذه الأراضي بين سنوات 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية من قبل الاحتلال البريطاني) ، وكذلك صدرت بتاريخ 1/3/1976م وثيقة متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية التي عرفت ب( وثيقة كينغ) سيئة الصيت والسمعة، كاقتراح عنصري يسعى لتهويد منطقة الجليل العربي ، واتخاذ إجراءات سياسية عنصرية إزاء معاملة الأقلية العربية في إسرائيل، ومن اخطر بنود هذه الوثيقة هو تكثيف الاستيطان اليهودي في الجليل ، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية!!!، ولتضييق الخناق الاقتصادي على العائلات العربية عبر ملاحقتها بالضرائب، وإعطاء الأولوية للمهاجرين لليهود في فرص العمل ، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي والمعرفي ، وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم ،وعلى اثر تلك السياسة الحاقدة قررت الجماهير العربية في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م ، الاحتجاج وبصوت عال على هذه الإجراءات التعسفية والقمعية الصهيونية ، وإعلان الإضراب العام والشامل في صفوف الجماهير العربية هناك ، وهبت تلك الجماهير هبة رجل واحد تصميما ودفاعا عن البقاء والكرامة في ارض الآباء والأجداد ، في مظاهرات سخط وغضب عارمة ضد سياسة سلطات الاحتلال العسكرية ،المتمثلة في مصادرة وتهويد الأراضي العربية وتحت شعار( نحيا هنا ونموت هنا ) ،وبعد الدعوة للإضراب العام التي دعت إليه لجنة الدفاع عن الأراضي العربية ، اتخذت السلطات الإسرائيلية الرسمية ممثلة بالحكومة قرارا بكسر إرادة الجماهير الفلسطينية وقمع الإضراب بالقوة العسكرية المفرطة ، وتناغم مع هذا القرار الرسمي تحذير من نقابة العمال الإسرائيلية الهستدروت ، تهدد فيه العمال العرب بقطع مصدر رزقهم وباتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم ، وكذلك قرر أرباب العمل اليهود طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شاركوا في الإضراب أو المظاهرات الاحتجاجية ، كذلك بعث مدير عام وزارة المعارف الإسرائيلي تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب ، ورغم ذلك كله عمت المواجهات القرى والمدن العربية في الداخل الفلسطيني ، ووقعت صدامات بين المتظاهرين العزل وقوات شرطة وجيش الاحتلال المدججة بالسلاح والعتاد ،في اليوم الأول 29/3/1976م وفي اليوم الثاني 30/3/1976م ، سقط على اثر تلك المواجهات ستة شهداء وعشرات الجرحى برصاص قوات الاحتلال ، في أول مواجه وتحد علني لسياسة الاحتلال من قبل العرب الفلسطينيين بعد النكبة وهزيمة الانظمة العربية على يد عصابات الهقانا والشتيرن الصهيونية،وبعد قيام دولة إسرائيل على الجزء الأكبر من ارض فلسطين التاريخية ،والشهداء الذين ترجلوا هم : خيري ياسين من قرية عرابة ، ورجا أبو ريا ، وخضر خلايلة ،وخديجة علي شواهنة من بلدة سخنين ، ومحسن طه من كفر كنا ، ورأفت قاسم الزهيري من عين شمس ، وخاض المواطنون العرب إضرابا سلميا احتجاجا على هذه السياسة العنصرية الشوفينية البغيضة ،التي تهدف فيما تهدف إلى تضييق الخناق على من تبقى من أبناء الشعب العربي الفلسطيني صامدين وبكل شموخ وسؤدد على أرض الاباء والاجداد، لكي تجبرهم هذه الاجراءات القمعية على الرحيل عن أرضهم ووطنهم الذي لا وطن لهم سواه ،وكان الرد الصهيوني على الاضراب سريعا ولم يتأخر قيد أنملة، وكيف يتأخر وجيش الاحتلال في اشد الشوق إلى ارتكاب مجزرة جديدة بحق الناس العزل من كل سلاح ، إلا من إيمانهم وتمسكهم بعدالة قضيتهم ، إذ اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي معززة بالدبابات والمجنزرات القرى العربية الفلسطينية في منطقة البطوف وارتكبت بدم بارد مجزرة ضد المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني ، مما أيقظ في النفوس روح الانتماء الوطني الصادق ، إلى الأرض والإنسان والجذور ، وساهم ذلك بشكل كبير وواضح في بث روح الوحدة والتعاضد والتكاتف بين أبناء الشعب الواحد والجسم الواحد ، لصد هذا العدوان الهمجي وهذه الهجمة الشرسة ، حيث أدرك الجميع أن العدو واحد، والكل مستهدف ، والعدو لا يفرق بين أبناء الشعب الواحد ، ويتعامل معهم ككل واحد ، لا فرق بين مسلم أو مسيحي أو درزي ، بل ويعتبر في احسن الاحوال أن العربي الجيد هو العربي الميت ، ولا يريد أي تواجد لغير شعب الله المختار!!! ،مهما صغر حجمه أو قل شانه على هذه الأرض التي سماها ارض الميعاد!!! . ...ومنذ ذلك اليوم والفلسطينيون في الداخل وغزة والضفة والشتات ومعهم كل احرار العرب والعالم ، في كل مكان تواجدوا فيه على ارض المعمورة ، يحيون هذه المناسبة الخالدة ما بقي الدهر ، ولسان حالهم يردد لن ننسى ولن نغفر مهما طال الزمن ، ومذ ذلك التاريخ أصبح هذا اليوم رمزا نضاليا ويوما تاريخيا سطر بدم فلسطيني قاني ، آثر الصمود والمواجهة والتحدي بكل عنفوان آبيا حياة الذلة والخنوع والركوع ،فأصبح يوم الأرض يوما للعزة والكرامة والغضب ،ورمزا فلسطينيا بامتياز، وحدثا تاريخيا يعتز به ليس الفلسطينيون وحدهم بل والعرب والأحرار في العالم اجمع. ... فمبكرا ادرك الفلسطيني ان الأرض هي جوهر الصراع ولب القضية والمشروع الصهيوني برمته قام على الاستيلاء على الأرض وتهويدها واغتصابها من أصحابها الشرعيين وطردهم وتشريدهم في كل المنافي ، وطمس أي اثر حضاري أو معلم عربي يدل على ان هذه الأرض كان يسكنها ومنذ الازل شعب كنعاني نما وترعرع وابدع ،اسمه الشعب العربي الفلسطيني ، تمهيدا للاستيلاء عليها وفرض الأمر الواقع ونسيانها ، ولكن هيهات فقد أصبح الشعب الفلسطيني أكثر وعيا وإيمانا وتمسكا بأرضه ووطنه وقضيته العادلة ، وواصل نضاله الدؤوب معمدا بالدم والجراح ، رغم كل التحديات والصعاب والخسائر، وهو اليوم أكثر تصميما على مواصلة مشواره النضالي ، حتى الوصول إلى نيل حقوقه الغير قابلة للمساومة او التفريط ، المتمثلة في بناء مشروعه الوطني ودولته الديمقراطية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس العربية. ...في يوم الارض الخالد مازالت اماني شعبنا في التخلص من نير الحتلال ، وتحقيق ما يصبو اليه في الاستقلال والتحرر ليس بالقريب ، وقضيتنا الوطنية وشعبنا يتعرضان لاخطر المؤامرات التي تتجلى (انصع )اوجهها سوداوية في الانقسام السياسي والجغرافي مابين جناحي الوطن ، واستمرار الحصار الظالم والعدوان بجميع تجلياته كبناء المستوطنات ، وتوسيع القائم منها ، والاستمرار في بناء جدار الضم والفصل العنصري ، وتنكر الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لاستحقاقات السلام العادل والشامل وفقا لقرارات الشرعية الدولية،مدعومة من الإدارات الأمريكية جمهورية كانت ام ديمقراطية ، وفي ظل صمت عربي مطبق كصمت القبور ، وفي ظل غياب دور نزيه من دول العالم المؤثرة في مسرح الاحداث. ...وامام ذلك كله مطلوب منا في يوم الارض الخالد ، وتخليدا للدماء الزكية التي سالت انهارا وروت تراب الارض في يوم الأرض ، نطالب القيادة السياسية للشعب الفلسطيني بذل كل الجهودالصادقة والمخلصة من اجل انهاء حالة العداء والانقسام والجمود القاتل في الساحة الفلسطينية ، والتنبه إلى مخططات الاحتلال ،مستغلا هذه الحالة المميتة في الانقضاض والاجهاز على ما تبقى من روح المقاومة المتقد دوما ، والتهام ما تبقى من الارض الفلسطينية في توسيع وبناء مزيدا من المستوطنات ، ومتنكرا لحق شعبنا في الحرية والاستقلال والدولة وارجاع الاجئين طبقا لقرار المم المتحدة 194. ...في الذكرى الثانية والثلاثون ليوم الارض مهمتنا الرئيسية ، العمل على رأب الصدع الدامي في الساحة الفلسطينية ، واستعادة الوحدة لجناحي الوطن ، عبر حوار وطني جماعي ينطلق من تغليب المصلحة الوطنية على ما دون ذلك ، ولمواجهة الأخطار المحدقة بنا من كل جانب .
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|