بنيامين بن اليعازر هو وزير البنى التحتية في الحكومة الإسرائيلية، وعضو مجلسها الأمني المصغَّر. في مناخ "التدريبات الدفاعية"، التي تجريها إسرائيل، تحسُّباً واستعداداً لاحتمالات وقوع حرب، والأولى من نوعها منذ حرب 1973، قال، على ما نقلت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية، إنَّ إسرائيل، في حال شنَّت إيران هجوماً عسكرياً عليها، ستردُّ "ردَّاً قاسياً"، و"ستُدمِّر إيران". وقال أيضاً: "إنَّ إيران لن تقوم بمهاجمة إسرائيل؛ لأنَّها تَفْهَم معنى مثل هذا العمل، فشنِّها هجوماً على إسرائيل سيؤدِّي إلى ردٍّ إسرائيلي قاسٍ، ينجم عنه دمار الأمَّة الإيرانية". وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، قال بن اليعازر كل هذا في اجتماعٍ عُقِد في وزارته. ومع أنَّ بن اليعازر استبعد، للسبب الذي ذَكَر، قيام إيران بمهاجمة إسرائيل، فإنَّه أوضح أنَّ طهران، "التي تُدْرِك حجم قوَّة إسرائيل"، ما زالت "تَسْتَفِز" الدولة اليهودية بتسليحها حليفها السوري وحزب الله اللبناني؛ و"على إسرائيل مواجهة هذا الأمر". حتى الآن، لم يَصْدُر عن بن اليعازر، أو عن الحكومة الإسرائيلية، ما ينفي، أو يؤكِّد، أو يوضِّح، ما نُسِب إليه، إعلامياً، من أقوال. وحتى الآن أيضاً لم يَصْدُر عن طهران ما يوضِّح موقفها مِمَّا قاله بن اليعازر، على ما ذَكَرته وسائل الإعلام الإسرائيلية. كان الأمر عاديَّاً لو أنَّ بن اليعازر اكتفى بقوله إنَّ إسرائيل ستردُّ ردَّاً قاسياً في حال شنَّت إيران عليها هجوماً عسكرياً؛ أمَّا أن يقول إنَّها، أي إسرائيل، "ستُدمِّر إيران"، أو أنَّ ردها القاسي سيؤدِّي إلى "دمار الأمَّة الإيرانية"، فهذا ليس بالأمر العادي؛ لأنْ ليس غير معنى أن تردَّ إسرائيل بـ "ضربة نووية"، ولو كان الهجوم العسكري الإيراني (المستبعَد) بأسلحة تقليدية، كصواريخ أرض ـ أرض على وجه الخصوص. وكان ممكناً، أيضاً، أن ننظر إلى الأمر على أنَّه عادي، أو بين العادي وغير العادي، لو أنَّ بن اليعازر هدَّد بـ "تدمير إيران"، أي بتوجيه ضربة نووية إليها، إذا ما شنَّت على إسرائيل هجوماً بأسلحة كيميائية، أو بيولوجية، أو بالنوعين معاً، ما دامت غير ممتلكة بعد لأسلحة نووية. وليس لديَّ شكٌّ في أنَّ إسرائيل قد أرسلت إلى إيران، في طريقة ما، رسالة تُخْبِرها فيها أنَّها تملك فعلاً ترسانة نووية، وأنَّها لن تتورَّع عن استخدامها ضد إيران في حال تعرُّضها لهجوم عسكري إيراني كبير، وموجِع، ولو كان بأسلحة غير نووية. وهذا إنَّما يعني أنَّ سبباً مشابها للسبب الذي حَمَل الولايات المتحدة على إلقاء قنبلتين ذرِّتين على هيروشيما وناكازاكي في اليابان (غير النووية) يمكن أن يَحْمِل إسرائيل على فعل الشيء نفسه ضدَّ إيران، فـ "القنبلة النووية الإسرائيلية" ليست سلاحاً للردع والتخويف فحسب، وإنَّما للاستعمال، ولو ضدَّ من لم يهاجمها بسلاحٍ مماثِل. وهنا، مكمن الخطر الأعظم، في هذا الكلام المنسوب إلى بن اليعازر؛ ولا بدَّ من مناقشة أبعاده، وتحديد موقف منه، في مجلس الأمن الدولي، فمواجهته بغير ذلك قد يغري إسرائيل باللجوء إلى "المحرقة النووية" في مواجهة أعداء لها لا يملكون شيئاً من السلاح النووي. هذا التهديد غير العادي، أي "النووي" ضِمْناً، الذي أطلقه بن اليعازر، إنَّما يعني، إذا ما أخَذْنا بعين الاعتبار "صلته السببية" بتلك "التدريبات الدفاعية"، أنَّ حرباً جديدة توشك أن تندلع (ولن تكون، كلِّياً أو جزئياً، حرباً إسرائيلية ضدَّ إيران) وأنَّ إسرائيل قد قرَّرت تحذير إيران من مغبَّة أن تشارِكَ فيها ضدَّها، أي ضدَّ الدولة اليهودية، فالولايات المتحدة قد توجِّه ضربة عسكرية كبيرة لإيران، قد تَدْفَع طهران إلى إطلاق صواريخ على إسرائيل؛ وعليه كان لا بدَّ، إسرائيلياً، من هذا التحذير، وفي هذه اللهجة (النووية). وإسرائيل قد تشن حرباً ضدَّ حزب الله اللبناني وسورية (وقطاع غزة) فتضطَّر إيران إلى المشارَكة فيها بإطلاق صواريخ على إسرائيل، فكان لا بدَّ، أيضاً، من توجيه هذا التحذير، أو الإنذار، إليها. ويكفي أن تشرع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تتحدَّث عن حلٍّ نهائي لا يمكن قبوله فلسطينياً في الوقت الحاضر حتى نَفْهَم حديثها هذا (أي حديث "الخطوط الحمراء" إسرائيلياً) على أنَّه إشارة إلى أنَّ "العربة"، أي هذا "الحل"، قد أُحْضِرت، وإلى أنَّ "الحصان" الذي سيجرها، أي الحرب بنتائجها التي تتوقَّعها وترغب فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، آتٍ عمَّا قريب، فـ "أنابوليس"، الذي لم يؤدِّ إلى شيء حتى الآن، إنَّما عبَّد الطريق إلى "حرب"، يُتوقَّع لها، أمريكياً وإسرائيلياً، أن تتمخَّض عن نتائج، تُعبِّد الطريق إلى حلٍّ نهائي، لا يمكن قبوله فلسطينياً وعربياً في الوقت الحاضر، وكأنَّ "الشرق الأوسط الجديد"، الذي تسرَّعت رايس إذ توقَّعت أن يُوْلَد من رحم "حرب تموز ـ آب"، يراد له الآن أن يُوْلَد من حرب على نطاق الشرق الأوسط، فـ "السلسلة" لا تُقطَّع حلقة حلقة، وإنَّما بضربة واحدة، ومرَّة واحدة، و"الهوَّة السحيقة" لا يمكن اجتيازها خطوة خطوة، وإنَّما بقفزة واحدة لا غير.
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|