مفتاح
2025 . الأحد 8 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

““إسرائيل” تغرق في بحر من الشوفينية والظلام الذي يكتسح كل شيء أمامه. الكوابح تتآكل، والعمى واللاحساسية اللتان ميزتا المجتمع “الإسرائيلي” في السنوات الأخيرة تتفاقمان، بفعل الدعوات للقتل، وفرض العقوبات الجماعية، والانتقام والتدمير”.

لا، هذه الكلمات ليست ابنة اليوم، إنها أطلقت عشية الحرب على لبنان العام ،2006 ثم خلالها في 30 يوليو/ تموز من العام نفسه. صاحبها، الكاتب اليساري- الليبرالي “الإسرائيلي” جدعون ليفي الذي تعرض حينذاك إلى حملات عنيفة اقتربت من اتهامه بالخيانة، واتهمته بالمس بمعنويات كل “الإسرائيليين”. وهذا أمر طبيعي عندما نتذكر أن “إسرائيل” في الواقع “جيش له شعب” وليست شعباً له جيش.

الآن، تعيش الدولة العبرية في 2008 إجواء مطابقة لتلك التي وصفها ليفي في ،2006 فالمناورات العسكرية - المدنية الضخمة التي تجري منذ الأحد الماضي، لا تستند إلى تعزيز جهوزية “الإسرائيليين” للحرب فحسب، بل أيضاً إلى تعبئة غرائزهم ومشاعرهم وضخها في المجهود الحربي. الخوف والتخويف من الصواريخ الحاملة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والرؤوس التقليدية، لها اليد العليا في كل عملية التعبئة هذه، فيما تتكفل التيارات الدينية والأحزاب “العلمانية”، في اليسار كما اليمين، بحقن المجتمع “الإسرائيلي” بهرمونات التطرف والتعصب والشوفينية.

“امسحوا عن وجه الأرض كل قرية أو بلدة ينطلق منها صاروخ”، كان الشعار الرئيسي في ،2006 والآن وفي يوم 2008 تجري كل الاستعدادات على قدم وساق لممارسة عملية “مسح” مشابهة، البداية كانت غزة قبل نحو شهر حين قتلت الطائرات “الإسرائيلية” 130 مدنياً فلسطينياً خلال خمسة أيام (كجزء من استراتيجية العقاب الجماعي)، لكن البدايات لا تبقى مجرد بدايات إلى وقت طويل.

لقد أشرنا قبل أيام في هذه الزاوية إلى أن الاستعدادات “الإسرائيلية” للحرب، او الحروب، تثير الإعجاب، خاصة حين نلحظ “اللااستعدادات” في الضفة العربية. هذا كان التحليل العقلاني للتطورات الراهنة، لكن هناك تحليلاً آخر لا عقلاني: إنه ذلك الولع الذي يبدو انه لا ينضب للمجتمع “الإسرائيلي” بالحرب والقتل والتدمير والعنف.

أي مجتمع في العالم وفي التاريخ يعيش في حالة حرب متواصلة منذ 60 عاماً؟ إسبارطة نفسها، التي كانت مجتمعاً عسكرياً بالكامل ويعتبر الحرب السياسة الوحيدة القابلة للتعامل مع المجتمعات البشرية، كانت تتعب أحياناً من الحروب، فتسترخي في ظل هدنات طويلة مع أثينا وغيرها. وألمانيا النازية التي سارت على درب إسبارطة، كان هدفها من حروبها الأوروبية والعالمية فرض “السلام الجرماني” لا ديمومة الحروب.

وحدها “إسرائيل” تخوض الحرب من أجل الحرب. وحدها “إسرائيل” لا تجد وحدتها “القومية” عبر السلام مع الأعداء، بل في البقاء في حال عداء معهم. وحتى حين تبرم السلام مع طرف ما، تبدأ فوراً في الاستعداد للحرب، هذا ما حدث، مثلاً، حين أبرمت الدولة العبرية السلام مع الدولة المصرية. فهي سارعت إلى وضع استراتيجية مثلثة الرؤوس تستند إلى: التجهيز لحرب محتملة معها “في حال سيطر الأصوليون على السلطة في القاهرة” (كما يقول المخططون “الإسرائيليون”)؛ عرقلة كل أو أي جهد مصري لتحقيق التقدم الصناعي - التكنولوجي؛ وأخيراً مواصلة فرض الحجر الصحي على أي محاولة من مصر لاستعادة ولو جزء من دورها القيادي في المنطقة العربية. هذا بالطبع من دون التذكير بالحروب التي أدى إليها السلام “الإسرائيلي” في أوسلو، وما قد يؤدي إليه لاحقاً سلام وادي عربة من تهديدات لبقاء الكيان الأردني.

“إسرائيل” تكون في حرب حين تخوض الحرب، وتكون في حرب حين تخوض السلام. بالسيف قامت وبالسيف تعتقد أنها قادرة على مواصلة القيامة. هذه ليست دولة لا طبيعية ولا حتى غير طبيعية. إنها مجرد آلة قتل للانتقام من 2000 سنة من التاريخ.

كيف تنتقم؟

دققوا مجدداً كلمات جدعون ليفي في 2006.

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required