نسمع في الآونة الأخيرة بعض الأصوات النشاز الخارجة عن جموع الشعب الفلسطيني ، تطالب بكسر الحدود الدولية بين مصر وفلسطين واجتياحها ، بدعوى فك الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وتأتي هذه المطالبة إما مباشرة بالمطالبة بكسر الحواجز واجتياح الحدود مع مصر عند رفح الفلسطينية ، أو بصورة غير مباشرة بالتلميح وليس التصريح ، وتشكل هذه التصريحات أيًا كان مطلقوها خروجًا عن رأي الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني عامة ، وشعبنا المحاصر في قطاع غزة خاصةً ، الذي يكن كل التقدير والاحترام والعرفان بالجميل لمصر الشقيقة رئيسًا وحكومة وشعبًا . لقد كانت مصر على مدار التاريخ الحضن الدافئ للشعب الفلسطيني وخصوصًا أبناء قطاع غزة ، والحامية له ، والمدافعة عن حقوقه الوطنية ميدانيًا في ساحات القتال وسياسيًا في الساحة الدولية ، ومهما قدم الشعب الفلسطيني لمصر ، فلن يسد جزءًا بسيطًا مما قدمته مصر لفلسطين وشعبها . لقد ضحت مصر الشقيقة بأبنائها الأبطال ، واقتصادها الذي كان يشهد له بالاقتصاد الأمثل في العالم العربي قبل دخولها الحروب من أجل فلسطين ، وعرضت أمنها القومي للخطر عدة مرات ، وتم احتلال أراضيها ، وتدمير منشآتها الإستراتيجية والمدنية ومصانعها الوطنية من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية ، واستشهد عشرات الآلاف من أبنائها من أجل فلسطين ، وفتحت أبوابها وجامعاتها لطلبة فلسطين بالمجان حتى من رسوم التسجيل البسيطة جدًا التي كان يدفعها الطالب المصري ، فقد أعفى الطالب الفلسطيني منها ، ونجد أن الغالبية العظمى من قيادات العمل الوطني الفلسطيني لكافة الفصائل والمنظمات الوطنية والإسلامية هم خريجون من الجامعات المصرية وبالتعليم المجاني لهم . ولو سطرنا بعضًا مما قدمته مصر لفلسطين وعلى سبيل المثال لا الحصر سنذكر ما يلي : 1. خاضت حرب فلسطين عام 1948 ، ضد المنظمات اليهودية على أرض فلسطين واستشهد الآلاف من أبناء الجيش المصري الأبطال والمتطوعين المصريين على أرض فلسطين ، واستبسل أبطالها في القتال ، بالرغم من ضعف الأسلحة المتوفرة لديهم مقارنة بما هو متوفر لدى اسرائيل، ونذكر هنا حصار الفالوجة والذي استمر عدة أشهر ، حيث رفض قائد الجيش المصري في تلك المنطقة آنذاك الصاغ (الرائد) جمال عبد الناصر الاستسلام ، وظل صامدًا إلى أن أجبر اسرائيل على فك الحصار ، وعادت القوات المصرية إلى مصر دون أن تستسلم لاسرائيل، رغم الصعوبات الجمة التي تعرضت لها أثناء حصارها ، وبقى قطاع غزة أمانة لدى مصر إلى أن تم احتلاله في نكسة حزيران عام 1967 . 2. بعد أن قامت «ثورة 23 يوليو » عام 1952 التي قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، كان من ضمن مبادئها الأساسية تحرير فلسطين ، وتعرضت مصر للعدوان الثلاثي الغاشم عام 1956 ، واستشهد الآلاف من أبنائها ، واحتلت أراضيها حتى خط قناة السويس ، وبقيت مصر تناضل وتقاوم الاحتلال البريطاني الفرنسي الإسرائيلي ، إضافة إلى نضالها في الساحة الدولية إلى أن أجبرت قوات العدوان على الانسحاب والجلاء عن مصر . 3. بعد انتهاء العدوان الثلاثي وتحقيق النصر السياسي عام 1956، قامت مصر بإنشاء وتشكيل جيش التحرير الفلسطيني في قطاع غزة ودربته تدريبًا عسكريًا على أحدث فنون القتال ، إضافة إلى قيادة بعض ضباطها الأبطال عمليات المقاومة من قطاع غزة أمثال الشهيد البطل مصطفى حافظ والبطل أحمد عبد العزيز والمئات غيرهم . 4. قررت مصر في نفس الفترة معاملة أبناء الشعب الفلسطيني عامة وخصوصًا أبناء قطاع غزة ، معاملة إخوانهم المصريين ، في التعليم العالي والتملك ، بل كانت الامتيازات والإعفاءات التي حصل عليها أبناء قطاع غزة بالذات أكثر من المصريين أنفسهم ، والشواهد على ذلك ، فقد قدمت مصر ما يزيد عن 2000 مقعد دراسي سنويًا لأبناء الشعب الفلسطيني في الجامعات المصرية إضافة إلى تملك الشقق بالأسعار الزهيدة والأقساط المريحة جدًا لمدة 20 سنة في مصر وخصوصًا منطقة مدينة نصر التي امتلك الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني الشقق بها . 5. خاضت مصر حرب عام 1967 من أجل فلسطين وحدثت النكسة بعد أن تم احتلال أراضيها لكامل شبه جزيرة سيناء وإلى طول خط قناة السويس ، وفي هذه الحرب فقدت مصر بالكامل أسلحتها الحربية ، الأرضية ، وسلاحها الجوي ، وبعضًا من سلاح البحرية . 6. فقدت مصر أعظم رجالها الأبطال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وهو يسعى لحماية الشعب الفلسطيني عام 1970 عندما جمع الأشقاء على أرض مصر ، وبعد جهود مضنية قام بها ، نجح في دفعهم لتوقيع اتفاق القاهرة ومات بعد توقيع الاتفاق مباشرة . 7. خاضت مصر حرب عام 1973 من أجل تحرير الأرض ودعم المقاومة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وقدمت الآلاف من الشهداء في هذه الحرب التي انتصرت بها . 8. حتى في ظل الخلافات أحيانًا مع القيادة الفلسطينية فقد كانت مصر ، الحامية الأولى والدرع الواقي للشعب الفلسطيني وقيادته ، حيث كان لها دورًا كبيرًا في إنقاذ رجال المقاومة في لبنان عام 1982 ، والخروج بأسلحتهم إلى تونس ، واستقبلت مصر الرئيس ياسر عرفات على أرضها وهو في طريقه إلى تونس . 9. دعمت مصر القيادة الفلسطينية في كافة المحافل الدولية ، وكانت الناصح الأمين لها قبل توقيع أي اتفاقيات مع الدولة العبرية بما يحقق المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، وخصوصًا في المفاوضات التي تلت اتفاقيات أوسلو عام 1993 وما بعدها حتى الآن . 10. أقامت مصر الجنازة الرسمية العالمية للزعيم الراحل القائد ياسر عرفات على أرضها والتي حضرها معظم قادة العالم وبعدها قامت الطائرات العمودية المصرية بنقل جثمانه إلى رام الله . 11. وأخيرًا وليس آخرًا وبالرغم من كل المخاطر التي قد تتعرض لها ، فقد خرقت مصر كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية المبرمة معها وخصوصًا حول معبر رفح الدولي بين مصر وفلسطين ، وسمحت للحجاج الفلسطينيين بالسفر عبر معبر رفح لأداء فريضة الحج وعودتهم سالمين للقطاع ، وبعد ذلك سمحت مصر لأبناء قطاع غزة بكسر الحصار واجتياز حدودها والسماح بدخول المواد التموينية وغير التموينية إلى قطاع غزة ، بدون التعرض لأحد من العائدين والمغادرين من وإلى مصر من قطاع غزة ، رغم ما تعرضت له من احتجاجات ومعاقبات أمريكية وإسرائيلية ، وبالرغم أيضًا مما قام به بعض الفلسطينيين من أعمال غير مقبولة على الأراضي المصرية ، ولكن مصر بقيت على عهدها ووفائها للشعب الفلسطيني . إن كل ما ذكر هو على سبيل المثال فقط وليس الحصر ، فهل يعقل أن تأتي حاليًا بعض الأصوات النشاز والتي تطالب إما صراحةً أو بالتلميح بخرق الأمن المصري والاعتداء على سيادة مصر على أرضها ؟!!. إن كافة أبناء شعبنا الفلسطيني يرفضون هذه الأصوات النشاز ، والجميع يدرك أن من فرض الحصار على قطاع غزة اسرائيل ، وليس مصر الشقيقة حامية الظهر الفلسطيني، وأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قائم دون الحاجة لمنحه بعض المبررات ليستغلها إعلاميًا في الساحة الدولية ضد الشعب الفلسطيني ، دون مواجهة هذه الحرب الإعلامية بالحقائق والأدلة على الممارسات الاسرائيلية بكافة أنواعها بما فيها الحصار ، والتي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني . وعلى الجميع أن يعرفوا أن أمن مصر وسيادتها على أرضها وحدودها هو خط أحمر فلسطيني لا يسمح بتجاوزه مهما كانت الأسباب. . المهندس/ حاتم عطا أبو شعبان عضو المجلس الوطني الفلسطيني القدس
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|