يبدو ان مصير العملية التفاوضية سيتقرر خلال اليومين القادمين، وفي واشنطن تحديداً، زيارة العاهل الاردني الخامسة عشرة ابان ادارة بوش، والتي كانت آخرها قبل شهر واحد للبيت الأبيض، وبشكل مفاجئ، تحمل في طياتها الكثير، الدعوة وجهت للملك عبد الله من قبل الرئيس بوش، لا جديد في ذلك سوى ان العاهل الاردني يصل الى البيت الأبيض نيابة عن "معسكر الاعتدال" العربي ويتحدث بلسانه، بعد ان تكرس هذا المحور قبل ايام قليلة في اجتماع مؤتمر التسعة 6+2+1- مع ان الحضور كان عشرة مع الولايات المتحدة الاميركية، والذي يضم دول مجلس التعاون الخليجي والاردن ومصر والعراق، مؤتمر المنامة لم يعقد كما يظهر على هامش مؤتمر جوار العراق الذي عقد بعده بيوم واحد في الكويت، انه مؤتمر قائم بذاته ولدوعٍ مختلفة، اهمها منح هذا المحور الطابع الرسمي الملك عبد الله سيتحدث في البيت الأبيض، نيابة عن مصر والسعودية تحديداً، اي قيادة هذا المحور، ووصول العاهل الاردني في نفس الوقت الذي يصل فيه الى واشنطن الرئيس الفلسطيني أبو مازن له أكثر من دلالة، اذ ان هذه الاتصالات السريعة والمفاجئة تهدف إلى تقييم العملية التفاوضية وربما اتخاذ مواقف صريحة وجريئة منها، تعكس من دون شك قلق الجانب العربي من انهيار العملية التفاوضية بسبب التعنت الاسرائيلي وعجز ادارة بوش عن الضغط على اسرائىل لافساح المجال امام نجاح هذه العملية قبل نهاية هذا العام ورحيل جورج بوش عن البيت الأبيض. منذ مؤتمر أنابوليس حتى اليوم، لم تشهد هذه العملية اي تقدم، بل على العكس شهدت المزيد من العقبات التي سببتها الاجراءات الاسرائيلية المتعلقة بالاستيطان واستمرار الحصار بدعم اميركي واضح، ما اضعف الموقف الفلسطيني الضعيف أصلاً وجعل الايام تمر دون ان يتحقق أي شيء لا على صعيد توافقات بشأن قضايا الحل النهائي ولا القضايا الاجرائية كوقف الهجمات وازالة الحواجز، المبعوث الاميركي ديفيد ولش الذي وصل هذا الاسبوع الى المنطقة استمع الى شكاوى من دون ان يستمع الى آمال بتحقيق رؤية بوش لخارطة طريق يتم بموجبها اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائىل، كما يظهر ان الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري قبل اسبوعين لواشنطن، لم تجعل احمد ابو الغيط اكثر تفاؤلاً، وهو الامر الذي انعكس بشكل واضح في مؤتمر المنامة قبل يومين، وجعل اقطابه يرسلون بمبعوثهم، الملك عبد الله الى واشنطن للقاء الرئيس الاميركي، والتحدث معه بلغة جازمة حاسمة، تحتم بضرورة ان تضغط الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح وجريء على اسرائيل، والتوصل الى نتائج ملموسة وواقعية خلال ايام، والاّ فان العاهل الاردني، وباسم هذه المجموعة، سيقترح على الرئيس بوش، تأجيل او الغاء زيارته المرتقبة لاسرائىل الشهر القادم، اذ ان هذه الزيارة، بدون نتائج ملموسة ستفسر بانها دعم لاسرائىل في عرقلة المسيرة التفاوضية، خاصة وانها تأتي في أوج احتفالات اسرائيل بذكرى اغتصاب فلسطين. وعلى الأرجح ان الرئيس الفلسطيني لن يكون بعيداً عن هذه المطالب، التي ستأخذ بالاعتبار رفض اسرائيل المتوقع لعقد مؤتمر موسكو لمناقشة كافة قضايا وملفات الصراع العربي الاسرائيلي، الجولان وجنوب لبنان اضافة الى الملف الفلسطيني، الرفض الاسرائيلي حتى الآن لهذا المؤتمر، لا يمكن تفسيره الا باصرار الدولة العبرية على التوقف عند اختتام مؤتمر أنابوليس، خاصة وان اسرائيل رفضت ايضاً، المقترح المصري بمؤتمر يعقد في شرم الشيخ، يضم الى جانب مصر كلاً من السعودية والاردن وفلسطين واسرائيل، مؤتمر قمة خماسي يحث الخطى لانجاح العملية التفاوضية، اصرار اسرائىل على عدم المشاركة يكشف نواياها المكشوفة فعلاً، بانها ليست في وارد المضي قدماً من الناحية العملية في المسيرة التفاوضية، معتبرة ان الاوضاع الحالية، خاصة لجهة الوضع الفلسطيني الداخلي، هي انجاز مهم لا ينبغي التضحية به على مذبح العملية التفاوضية. المساومة مع الرئيس الاميركي لا بد من ان تطرح المسألة الايرانية على بساط البحث، فاذا ارادت واشنطن ان تكسب حربها الدبلوماسية او الحربية مع ايران، فهذا يتطلب دعماً عربياً، وواشنطن التي حاولت خلال الاسبوعين الماضيين ان تعيد العراق الى عروبته شكلاً من اشكال عدم اخضاع العراق للقومية الفارسية صاحبة النفوذ الواسع فيه، حديث اميركا عن "الخليج العربي" بعد سنوات طويلة من الحديث عن "الخليج الفارسي"، والحملة المركزة على مقتضى الصدر وميليشياته بحجة ما يتلقاه من دعم ايراني، ومشاركة فاعلة من حكومة المالكي في هذه المواجهات، فيما يكشف عن ابتعاد عن النفوذ الايراني، كلها مؤشرات على استعادة العراق لعروبته، هذه المرة من البوابة الاميركية، ليس حباً بالعراق والعرب، ولكن تصفية حسابات مع طهران بالدرجة الاولى، والعرب سيتحملون مسؤوليتهم، وسيعيدون فتح سفاراتهم في العاصمة العراقية رغم "الارهاب" ولكن ليس بدون ثمن، والمقابل معروف للجميع، ضغط اميركي على اسرائيل بهدف التوصل الى اتفاق اطار - على الاقل- قبل نهاية العام الجاري او بداية العام القادم. ومع اقتراب موعد مغادرة بوش النهائية للبيت الابيض، يدرك القادة العرب ان قدرته على الضغط على اسرائيل، حتى لو رغب، باتت محدودة للغاية، الاّ انهم يدركون بالمقابل، ان بوسع الرئيس الاميركي مقابل الاستجابة لعدة مطالب اسرائيلية ان ينجح في عقد صفقة مع حكومة اولمرت بحيث تتخلى عن تصلبها لصالح تمرير بعض قضايا الحل النهائي بحيث يمكن من خلال ذلك التوصل الى اتفاق اطار، يمكن الاطراف المعنية من القول ان العملية التفاوضية قد تكللت بالنجاح، الاّ ان حكومة اولمرت لها حسابات مختلفة، اذ انها تدرك بدورها، ان التوصل الى مثل هذا الاتفاق قد يشكل نهاية أكيدة لها واقرار انتخابات برلمانية طارئة، لن ينجح فيها كاديما، الاّ اذا توفرت ظروف ملائمة لدمجه مع حزب العمل لمواجهة ليكود نتنياهو.. عندها يبدأ الحديث عن صفقة ممكنة!!
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|