مفتاح
2025 . الأحد 8 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
في ذكرى ما اصطلح على تسميتها بالنكبة تنتابنا مشاعر متناقضة، إحساس بالحزن والألم لما آلت إليه القضية الوطنية من ضياع للأرض وتشتيت للشعب، وغضب ونقمة على الذين كانوا السبب من عرب وعجم، وفي نفس الوقت إحساس بالفخر والعزة لأن شعبنا بالرغم من انقضاء ستين عاما من النكبة ما زال ثابتا وصابرا ولم يستسلم أو يرفع الرايات البيضاء، سواء صمود أهلنا في داخل الوطن السليب داخل وخارج الخط الأخضر أو أهلنا في الغربة والشتات، هذا الصمود والصبر حتى وإن كان على المكاره هو الذي يمنحنا الأمل بالمستقبل ويجعل الاحتفالات الإسرائيلية بالنصر وبما يسمونه عيد استقلالهم احتفالا وهميا يسوده القلق والخوف و تستنفر فيه كل الأجهزة الأمنية والجيش حتى يمر بسلام لان إسرائيل تدرك أنه نصر غير مكتمل ما دام أصحاب الحق يعيشون بين ظهرانيهم وفي أرضهم المحتلة وما دام الصغار لم ينسوا حتى وإن مات الكبار.

عندما نقول ما اصطلح على تسميتها بالنكبة لوصف ما جرى في أيار 1948، لأن مصطلح النكبة لا يعبر عن واقع ما جرى -كما هو الأمر بالنسبة لوصف ما جرى في حزيران عام 1967 بالنكسة- ما جرى هزيمة بكل ما تعنيه الكلمة، هزيمة عسكرية للجيوش العربية التي ذهبت تحت ادعاء محاربة المنظمات اليهودية وهزمتها هذه الأخيرة شر هزيمة حيث أن الهروب من المعركة أو عدم قتال الجيش وهو في ساحة المعركة هو هزيمة إن لم تكن عسكرية فسياسية ، ولأن الأنظمة العربية لا تريد أن تعترف بمسؤوليتها عما جرى فتسمي ما جرى بالنكبة بمعنى أنها نتيجة القضاء والقدر،ولا راد لقضاء الله !، وبالتالي لا تتحمل المسؤولية عنه، وللأسف هذا هو ديدنها بل العقل السياسي العربي في تفسير وتشخيص الحروب والمواجهات التي يخوضونها، فمفاهيم النصر والهزيمة دائما ملتبسة والمسؤولية غير واضحة أو تلقى على الخصم الخارجي، الجيوش العربية لا تنهزم لان الاعتراف بالهزيمة يعني المحاسبة والقادة العرب لا يُحاسَبون.

لا نريد أن ننكأ الجراح ولكن الأنظمة العربية هي التي أضاعت نصف فلسطين في حرب 48 وأضاعت بقيتها في حرب 67، وبالتالي فمسؤولية أخلاقية وقانونية وقومية تلقى على عاتق هذه الأنظمة، ولا يكفي أن تصف الأنظمة ما جرى بالنكبة أو النكسة أو التآمر الخارجي لتسقط عن نفسها المسؤولية، وعندما نطالبها اليوم بالاعتراف بالمسؤولية فلا نريد أن تعيد لنا ما ضيَّعت بل على الأقل أن توقف تدخلها السلبي في شؤوننا الوطنية وتُمكن شعبنا من مقومات الصمود والمواجهة الوطنية وتكف عن الادعاء بأنها حاربت وضحت وخسرت المال والجنود من اجلنا، مع كامل التقدير والاحترام للجنود والمتطوعين العرب الذين قاتلوا واستشهدوا بنية وحس قومي وديني صادق.

إن كنا ننتقد الأنظمة العربية على تقاعسها ويمكن أن ننتقد أيضا القوى والأنظمة الإسلامية وبطبيعة الحال القوى الدولية، فهذا لا يعني إسقاط المسؤولية الذاتية، مسؤوليتنا كفلسطينيين عما جرى قبل عام 48 حيث تصارعت القيادات السياسية التقليدية على المناصب وابتعدت عن الجماهير ووضعت بعض القيادات ثقتها بالأنظمة العربية وبعضها ببريطانيا، أو نسقط المسؤولية عما جرى بعد 48 حيث عشنا ولم نزل أزمة مشروع وطني وأزمة قيادة ونظام سياسي وبعض القيادات تعيد أخطاء الماضي بالتخلي عن استقلالية القرار الوطني والارتهان بمحاور خارجية.

تحميل المسؤولية للآخرين يأتي من باب العتب أو المحاسبة عما يفترض أن يكون و الشيء المفترض أو ما يجب أن يكون هو الإحساس بالمسؤولية القومية عند الأنظمة والجماهير العربية والإحساس بالمسؤولية الدينية عند الأنظمة والحركات والجماهير الإسلامية، ولكن إن غاب البعد القومي والديني عن الأنظمة والحركات العربية والإسلامية فلا شيء يلزمهم بالتحرك لنصرة قضيتنا أو قد يفهموا هذين البعدين بطريقة مخالفة لفهمنا لهما، ما داموا يشعرون بان إسرائيل لا تشكل خطرا داهما وراهنا عليهم وأن المصلحة الوطنية أو الأيدولوجيا القومية أو الدينية كما يفهمها كل منهم أهم واسبق بالرعاية والاهتمام من المصلحة الفلسطينية، ألم يقل القوميون بأن (الوحدة طريق التحرير) ؟وألم تقل بعض الجماعات الإسلامية اليوم بأن (العدو القريب أولى بالجهاد من العدو البعيد)؟ وألم تر بعض الجماعات الإسلامية بأن كابول وقندهار والشيشان واليمن أحق بالجهاد من القدس وأرسلت عناصرها للقتال هناك ؟ الخ.

اليوم وفي ظل الوضع العربي والإسلامي والدولي الذي لا يترك لنا كثيرا من الأمل بالمراهنة عليه، علينا أن نؤكد بأن (ما حك جلدك مثل ظفرك)، نعم نحن مع البعدين العربي والإسلامي لفلسطين ولكن لا أحد من العرب والمسلمين في ظل الواقع الراهن مستعد للقتال من اجل فلسطين، وقد أصبح مزيد من الأنظمة والنخب السياسية العربية مقتنعا بان إسرائيل لا تشكل خطرا وجوديا عليها وبالتالي لا داعي لمعاداتها، وفي واقع الحال فإن الخطر والتهديد المباشر واقع على الشعب الفلسطيني، على وجوده الوطني والثقافي والهوياتي، نقيض وجود إسرائيل دولة وعقيدة وهوية هو الشعب الفلسطيني وليس الأمة العربية أو الأمة الإسلامية، فهذه أيديولوجيا وليست واقعا منظما ومهيكلا اليوم في مشروع واحد موحد.

إن كانت إسرائيل لم تسقط من حساباتها الخطر القومي والإسلامي كاحتمال مستقبلي وتعمل بجد بالتحالف مع واشنطن على تحييد هذا الخطر أو وأده في المهد، إلا أنها تدرك أن نقيضها الراهن والمستقبلي هو الشعب الفلسطيني بهويته وثقافته ووجوده في أرضه، الخطر على المشروع الإسرائيلي هو المشروع الوطني الذي وضعت أسسه حركة فتح ومنظمة التحرير، مشروع الدولة والهوية والثقافة الوطنية وليس المشروع القومي ولا المشروع الإسلامي، فهذان المشروعان قد يكونا مساعدين للمشروع الوطني ولا يمكن أن يحلا محله، وبالتالي فإن من يحمل المشروع الوطني ويعبر عنه هو المؤتمن على القضية الوطنية، ومن هنا نلاحظ أن المؤامرة كانت وما زالت على منظمة التحرير وحركة فتح تحديدا لأنها حاملة فكرة المشروع الوطني نقيض المشروع الإسرائيلي.

هذه ليست مناسبة للعويل والبكاء بل ذكرى حدث ما زال حاضرا فينا ، ذكرى تتطلب وقفة مراجعة ومحاسبة للأحداث الجسام التي مرت بها قضيتنا الوطنية، وقفة تستدعي من النخبة السياسية امتلاك الشجاعة الأدبية والأخلاقية لممارسة النقد الذاتي، مراجعة وتقييم لما جرى في الأردن عام 1970 ومراجعة للوجود في لبنان وطبيعة العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين وخصوصا أن الأحداث بلبنان اليوم قد تجر بعض القوى اللبنانية لتوظيف الوجود الفلسطيني في معركتها، وقفة لتقييم مسلسل التسوية والنتائج المترتبة على وجود السلطة، وقفة لتقييم انتفاضة الأقصى ،تقييم سبع سنوات من الموت والدمار وعبثية السلاح والصواريخ والصراع على السلطة، تقييم لما جرى في غزة وآفاق الفصل ما بين الضفة وغزة الخ.

حكومة المشروع الوطني، حكومة كل الشعب وكل الوطن،فالخوف اليوم لم يعد على أراضي الداخل بل على الضفة والقدس وعلى الوطن كفكرة وهوية وثقافة ،وهنا تكون مسؤولية النخب السياسية اكبر واخطر،الأرض قد تضيع بالحرب ويمكن استردادها بالحرب أو بتسوية،ولكن إن ضاع الوطن كهوية وانتماء من قلوب الفلسطينيين فلا مجال لاستعادته أو استعادة الأرض.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required