مفتاح
2025 . الأحد 8 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
ما نقل عن شعور الرئيس محمود عباس بالغضب إزاء خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش في الكنيست، بعد شعوره بالإحباط قبل أيام، بعد زيارته لواشنطن، مع استمرار عدم جدية المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يؤكد أن لا حل يلوح في الأفق، لا على الجبهة التفاوضية بين رام الله وتل أبيب، ولا حتى على الجبهة الأمنية بين غزة وإسرائيل.

وإذا كان الملف اللبناني قد خطف الأضواء والاهتمامات خلال الأسبوعين الأخيرين، بحيث صار الموضوع الفلسطيني جزءا من حالة واقعية، لا يتعايش الفلسطينيون فقط معها، كما هي، بل ربما تذهب المنطقة بأسرها إلى الدخول في حالة ما من التعايش مع ما هو قائم، وبذلك فإن الجهود الدبلوماسية والنشاطات السياسية باتت غير مرشحة لإحداث اختراق ما، في المدى المنظور على الأقل، بما يحمل في طياته أن تمر الأيام والأسابيع والأشهر المتبقية من هذا العام، كتحصيل حاصل، دون تغير ذي أهمية، لا يضع حداً فقط لحالة الانقسام الداخلي، بل بما يضع هدف إقامة الدولة الفلسطينية الموحدة في الضفة وغزة والقدس على رف التأجيل، إن لم يكن في خانة المستحيل.

أي حظ تبقى إذا وأية فرصة ممكنة، بلغة السياسة التي لا تعرف النوايا الحسنة طريقها إليها، حتى في حال وجودها، لرؤية الرئيس الأميركي نفسه، حول حل الدولتين؟ دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جوار دولة إسرائيل القائمة، خاصة أن الرئيس الأميركي نفسه يحضر نفسه الآن لمغادرة البيت الأبيض، الذي سكن فيه ثمانية أعوام، لم يفعل خلالها شيئاً يذكر، سوى إقدامه على احتلال العراق، ودفع المنطقة (الشرق الأوسط) بأسرها إلى الدخول في حالة من التوتر والفوضى "الخلاقة"، بحيث باتت بحاجة إلى سنوات وربما أكثر لحلها.

وإذا كان الرئيس الأميركي صاحب فكرة حل الدولتين، لم يجترح حلاً ممكناً على أساسها في عهده الذي استمر ولايتين متتاليتين، فإنه لم يكن في الحقيقة أول من اخترع هذه الفكرة، التي تعود في جوهرها إلى قرار تقسيم فلسطين منذ العام 1949، والذي لم يؤد صدوره منذ تلك السنين الطويلة إلى تنفيذ الشق الخاص بالفلسطينيين، في الوقت الذي كانت فيه واستمرت دولة إسرائيل في الوجود، فإن عدم تنفيذ حل الدولتين، في آخر صورة له، رؤية الرئيس بوش، لا يمنع ولا يؤثر في الحقيقة لا على وجود دولة إسرائيل ولا على استمرارها كدولة تحتل أراضي الدولة الأخرى، الشق المكمل لرؤية الحل.

تتعدد الأسباب السياسية التي تحول دون ذلك التحقق، لكنها في الجوهر تكاد تكون واحدة، وتستند في احد جانبيها إلى أن إسرائيل لا تجد غضاضة ولا تهديداً لوجودها كدولة، دون تحقيق هذا الحل، فيما الجانب الفلسطيني، ومعه كل تحالفاته الراهنة والسابقة، ما زال عاجزاً عن فرض مثل هذا الحل، هكذا باختصار ودون الخوض في التفاصيل.

وعادة ما يدفع الدول والقوى السياسية لاتخاذ القرارات السياسية الحاسمة عدة عوامل أو دوافع، منها ما هو استراتيجي ومنها ما هو راهن، خاصة أن إسرائيل دولة محكومة بمؤسسات، وتخضع حكوماتها لاعتبارات إستراتيجية وسياسية، مرتبطة بالتعدد السياسي والوحدة الأمنية الداخلية، وهكذا ما لم تجد إسرائيل نفسها أمام "تهديد" استراتيجي مترافق مع ضغط سياسي راهن، فإنه من المتعذر عليها أن تقبل بحل سياسي، تعتبره كل قواها السياسية "تنازلاً" بهذا القدر أو ذاك.

وكما اشرنا في مقالة سابقة، فإنه إن لم تجد إسرائيل نفسها أمام خيارات، أفضلها بالنسبة لها، حل الدولتين، فإنها لن تستجيب له ولن تقدم عليه، حيث كان يمكن لخيار استراتيجي من نمط الدولة الواحدة مثلاً، مترافقاً مع ضغط سياسي ميداني، يجعل من احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس عبئاً أمنياً/سياسياً/ وحتى اقتصادياً، أي احتلالاً مكلفاً، فهي لن تعيد حساباتها الاحتلالية، ولن تجد ما يغريها للإقدام على حل الدولتين بما يتضمنه من إقامة دولة فلسطينية على أراضي 67، حتى لو كان الثمن التطبيع الشامل مع العالمين العربي والإسلامي، كما حاول النظام العربي أن يغريها بذلك عبر المبادرة العربية.

أسوأ ما في الأمر الآن أن البدائل أمام إسرائيل صارت أفضل بالنسبة لها، وأسوأ بالنسبة للفلسطينيين، فهي بدل أن تكون أمام اختيار إما الدولة الواحدة أو الدولتين: إسرائيل وفلسطين، على الأرض التاريخية بين النهر والبحر، تجد نفسها الآن أمام اختيار حل الدويلتين، خاصة في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، دويلة في غزة، تدفع إسرائيل باستمرار لأن يكون مجالها الحيوي، وربما ارتباطها ومستقبلها وعمقها الجغرافي سيناء/ مصر، ودويلة (متصلة) حسب المفهوم البوشي نفسه، أي مجموعة كانتونات، تتصل فيما بينها عبر شبكة طرق، كما طرح قبل بضع سنوات ارئيل شارون، يبحث لاحقاً مستقبلها وشكلها الخارجي، حكم ذاتي، أو إدارة مشتركة مع الأردن..الخ.

أي أن إسرائيل تدفع باتجاه أن يستمر الفصل قائماً بين غزة والضفة، وأن تتحول المنطقتان إلى "كيانين" ليس بالضرورة أن يجمعهما نظام سياسي واحد أو موحد، وهي - أي إسرائيل - ليست في عجلة من أمرها للتوصل إلى حل، ما دامت لديها القدرة الميدانية والواقعية على دفع الأمور بهذا الاتجاه، مستفيدة من عوامل إقليمية وفلسطينية داخلية مواتية فضلاً بالطبع عن الدعم الدولي، الأميركي خاصة، وتفهم الإدارة الأميركية في عهد جورج بوش، وحتى في عهد خليفته المرتقب، والذي يبدو انه على الأرجح سيكون الجمهوري جون ماكين.

بعيداً عن الشعارات فإن جزءاً فاعلاً ومهماً من القوى السياسية بوعي أو دونه تذهب في هذا الاتجاه المفضل لدى الإسرائيليين، وهذا اخطر ما في الأمر، وهو العائق الرئيسي الذي يحول دون تحقيق الهدف الذي كان جامعاً أو محدداً للفلسطينيين على المستوى الرسمي على الأقل، ويرجح أن تذهب الأمور باتجاه السيناريو الأفضل للإسرائيليين والأسوأ بالنسبة للفلسطينيين - حل الدويلتين الفلسطينيتين، بدل حل الدولتين: إسرائيل وفلسطين.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required