مبدئياً يمكن القول إن أولمرت الذي يزور واشنطن ويلتقي بالرئيس بوش، قد حقق الأهداف التي تقف وراء زيارته، واعتقد انه يمكن تلخيصها بهدفين: الأول، الحصول على دعم الإدارة الأميركية له لمواصلة العمل على رأس الحكومة لبضعة أشهر كحد أدنى، والثاني، ربما يحتاج اولمرت إلى ضوء اخضر أميركي للبدء بعملية عسكرية عدوانية واسعة ضد قطاع غزة، أصبحت تفاصيلها جاهزة ولم يبق سوى تحديد ساعة الصفر.
فالتصريحات التي استبقت لقاء اولمرت بالرئيس بوش، توحي بأن الإدارة الأميركية غير قلقة بشأن الأزمة السياسية في إسرائيل وإنها ترغب في استثمار حاجة أولمرت تحت ضغط الأزمة، للحصول منه على تعهدات بتحقيق انجاز ما على صعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هي الأخرى، أكدت أن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق سلام هذا العام، وما كان يمكن لها أن تقول ذلك لو أنها تشك في استمرار أولمرت على رأس الحكومة ليس لأنه صاحب رؤية واضحة، وإرادة قادرة على اتخاذ القرار، ولكن لان مصيره مرتبط بتحقيق تقدم في المفاوضات. على هذا الأساس سنراقب تراجع التصريحات الساخنة التي تصدر عن مسؤولين إسرائيليين في الحكومة خصوصاً، وتطالب اولمرت بالاستقالة، وسيكون ذلك مؤشراً على أن الإدارة الأميركية ستتدخل لدى أطراف التحالف الحكومي في إسرائيل من اجل تجاوز الأزمة. على كل حال فان أولمرت الذي يبدي اصراراً قوياً على متابعة عمله من موقع رئيس الحكومة، لم يتسلم حتى الآن لائحة اتهام رسمية، والأرجح أن تتأخر كثيراً مثل هذه اللائحة ولربما تختفي من أجندة القضاء الإسرائيلي الذي يتجه نحو إطالة أمد التحقيقات واستهلاك المزيد من الوقت لصالح أولمرت. فالقضاء الإسرائيلي لا يتمتع بالاستقلالية والنزاهة المطلوبة وهو ليس بعيداً عن التأثر بالعوامل السياسية، وقد لاحظنا ذلك خلال التحقيقات التي أجرتها لجنة فينوغراد بشأن فشل الحرب التي خاضتها حكومة اولمرت على لبنان العام قبل الماضي، إلى أن جاءت النتيجة لصالح أولمرت. وبالرغم من أن لقاء الرئيس محمود عباس اولمرت في القدس قبل سفر الأخير إلى واشنطن، قد اكتسى إعلاميا طابع الاحتجاج وإثارة المشاكل إلا أن نتائجه الحقيقية ستتضح بعد عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى تل أبيب. في هذا الإطار تثير العطاءات الاستيطانية التي جرى الإعلان عنها للبناء في القدس، شكوك وغضب الكثيرين، ليس الفلسطينيين فقط، وإنما أيضا على المستوى الدولي، غير أن ثمة من يهمس بأن تصعيد الاستيطان يقف وراءه بعض الوزراء الذين يعملون على إحراج رئيس الحكومة، وقطع الطريق على إمكانية استمراره. هذا لا يعني أن اولمرت لم يكن مسؤولاً عن السياسة الاستيطانية التصعيدية التي تشكل عقبة كبيرة وقاتلة للمفاوضات، لكنه قد لا يكون راغباً في التصعيد الاستيطاني الأخير، حتى لا يُغضب الفلسطينيين، ويُضعف مصداقيته لدى الإدارة الأميركية. اولمرت اشتكى مؤخراً وعلناً من أن وزير دفاعه ايهود باراك يعمل من خلف ظهر الحكومة، لتحقيق اتفاق تهدئة مع حركة حماس بمبادرة ووساطة مصرية، وذلك على خلفية موقفه الذي يطالب اولمرت بالاستقالة أو الدعوة لانتخابات مبكرة. في مطلق الأحوال يبدو أن الثمرة المرة الأكيدة من وراء زيارة اولمرت لواشنطن، والغطاء الذي يمكن أن يحصل عليه لمواصلة العمل كرئيس حكومة، هو ارتكاب عدوان واسع وصعب على قطاع غزة، فذلك أيسر السبل للتغطية على فشل المفاوضات، وأيضا لتخفيف حدة تأثير الأزمة عليه وعلى حكومته. المؤشرات كثيرة وواضحة، فلقد اجل اولمرت اجتماع المجلس الأمني المصغر الذي كان سيبحث في التهدئة، فضلاً عن انه ألغى زيارة عاموس جلعاد للقاهرة بغرض متابعة مفاوضات التهدئة. الأسباب الإسرائيلية غير واضحة وغير مقنعة، إذ يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن غموض حركة حماس إزاء التهدئة، فيما حماس تنازلت فعلياً عن معظم الشروط وقبلت بمعادلة تهدئة مقابل تهدئة لكن ذلك لم ينفع مع الإسرائيليين. ويبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى، ذلك أن الأزمة لا تزال قوية في إسرائيل، وتستدعي مثل هذا الغطاء، وحيث أصبح معروفاً أن الفلسطينيين يدفعون كالعادة ثمن الأزمات الداخلية الإسرائيلية. وفي الواقع فان ثمة سباقاً محموماً بين موعد العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وبين المحاولات الجارية لتحريك عجلة الحوار الفلسطيني من اجل إنهاء الانقسام عبر تفعيل الدور العربي. وإذ لا تسجل الأطراف الفلسطينية المعنية بموضوع الحوار سواء عبر لجنة وساطة عربية أو غير ذلك، لم تسجل جديداً يذكر على مواقفها السابقة فان ثمة ما يلفت النظر في تصريح الرئيس محمود عباس يوم الأحد الماضي والذي قال فيه "إن السلطة تفكر بطلب تدخل دولي أو عربي لوضع حد لمأساة قطاع غزة". وبصراحة ما لم يتم عديل موقف حركة حماس بما يسمح ببدء الحوار بناء على المبادرة اليمنية التي أقرتها أيضاً القمة العربية الأخيرة فان شيئاً لن يتحرك نحو تفعيل الحوار، الذي يبدو انه مؤجل موضوعياً وحكماً إلى ما بعد العملية العسكرية الإسرائيلية التي ستخلق حقائق جديدة تستدعي تدخلات فاعلة وقوية قادرة على مساعدة طرفي الأزمة للمعالجة، أُسوة بما شهدته الأزمة اللبنانية. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|