عندما تدرج الوزيرة رايس، بناء المستوطنات الإسرائيلية في خانة المشكلة؛ يكون تصنيفها في محله. ولو أنها لا تكتشف، بذلك، حقيقة مفقودة. مع أن توصيفها، جاء بعبارات ملتوية، كالعادة. لكن التشخيص، في أفضل حالاته، ليس أكثر من نصف الطريق إلى المعالجة. النصف الثاني، الأهم، يبقى في تحديد وصفة الدواء. وهذا يحتاج إلى طبيب.
إذا امتنع هذا الأخير - واشنطن، في هذه الحالة - عن القيام بالمهمة؛ عندئذ يكون تشخيصه مثل قلّته. بلا جدوى. بل يكون بمثابة تلكؤ مليء بالاستفزاز.كلام الوزيرة، قبل وصولها إلى المنطقة، بأن (الاستمرار في بناء المستوطنات قد يؤذي مفاوضات السلام)؛ يأخذ أهميته من كونه تصويبا، ولو خجولا، نحو مصدر التخريب. لكنه مكرور ويغلب عليه طابع رفع العتب. أو ذرّ الرماد في العيون. سبق لأكثر من مسؤول ورئيس أميركي، أن نطق به، أو بمثله. مفرداته رخوة. يخاطب إسرائيل بلغة العتب الرقيق. ولا مرة طلع من هذه الصيغة. لا شجب للاستيطان ولا إدانة. وطبعاً لا تضعه واشنطن في مقام العمل غير المشروع. ولا حتى بالتلميح. كانت ولا تزال تتلطّى وراء وضع هذا الملف في قائمة (القضايا النهائية التي ينبغي بحثها والتوافق حولها، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي). موقف كان عملياً بمثابة إجازة مرور لتوسيع الاستيطان، الذي شهدت حركته مؤخراً حالة من الانفلات غير المسبوق. وفي القدس بالذات. خاصة وأن الإدارة الأميركية امتنعت عن القيام بأية خطوة من شأنها حمل الحكومة الإسرائيلية على، حتى البدء بمفاوضات جدّية. ناهيك بضرورة مواصلتها لتبلغ خواتمها ضمن مدى زمني؛ تحدّد مرارا وتكراراً، في أوسلو، ثم في خارطة الطريق وأخيراً في أنابوليس. كله بقي حبراً على الورق.احتضنت واشنطن ذرائع تل أبيب، باستمرار. ووفّر ذلك لها الغطاء للانتقال من تصعيد إلى آخر، ضدّ الشعب الفلسطيني؛ وبما ضمن لها وضع الملف الأمني في الواجهة. في ظله، مارست لعبة المراوغة، الضليعة في فنونها. أدخلت المفاوضات في دوامة، حكمت عليها باستحالة وصولها إلى نتيجة، مثل تلك التي طالما تحدث عنها ووعد بها، الرئيس بوش ووزيرته رايس.العلّة مزمنة وطريق الخلاص منها معروف. إسرائيل احتلت وقضمت الأرض، ثم أقامت عليها المستوطنات؛ للاحتفاظ بها.التوصل إلى تسوية سلمية يستوجب عودة الأرض إلى أصحابها. في أقله يتطلب وقف عملية سرقة الأرض والبناء، طيلة فترة التفاوض. وهذا أضعف الإيمان. إسرائيل زعمت بأنها تطرح المستوطنات على طاولة المفاوضات. زعم خادع. فهي لم تسمح بعد بانطلاقة هادفة للمفاوضات. المخرج من الحلقة المفرغة، يكمن في حملها على مغادرة هذا الالتفاف الماكر. وحدها واشنطن، التي تمسك بأنبوب أوكسجين الرئة الإسرائيلية، يمكنها القيام بهذا الدور. كل كلام آخر هراء. المستوطنات مشكلة، فعلاً. لكن اكتفاء واشنطن بتصنيفها كمعوّق للسلام؛ هو مكمن المشكلة ولبّها. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|