من دون التطرق الى النظام السياسي الفلسطيني كله، علينا بداية تقبل أننا كفلسطينيين لم نعش حالة ديموقراطية بمفهومها السياسي، ترسي مركب التحرر الوطني على شاطئ الأمل وإنجاز الدولة الوطنية المستقلة، أي إنجاز كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. ومن مفهوم غياب الالتقاء والتوحد نحو الهدف، أي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، عانى النظام السياسي الفلسطيني كل أشكال الضعف والتشتت، منذ الستينات وحتى اليوم، حكمته مصالح ذاتية فئوية، مثلتها كبرى المنظمات («فتح») التي جمعت داخل صفوفها أفراداً وقادة من كل شرائح المجتمع الفلسطيني، وتحت قيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية (وما زالت) مارست نقيض الديموقراطية وأشكالها الائتلافية والمؤسساتية، وبعد 1982 سارت في التفرد ذاته وفق عقلية تملك القرار الفلسطيني وعلى القياس ذاته (والنظام السياسي) توحدت «حماس» مع ذاتها أي على آيديولوجية دينية وعلى وقع فشل «فتح» المتعدد الوجوه، السياسية منها وحتى المقاومة، حملت أجندة التحرير كبرنامج انتخابي لتعبر من خلاله منذ 1988 ثم 1996 عن أنها الجهة المخولة لقيادة «العمل الوطني» الفلسطيني، وبعدها لم تكن الصدمة أو التغيير في الأجندة، وللأمانة أوضحت حركة «حماس» بصراحة عن أجندة ثانية تصب في الاتجاه ذاته وعلى طريق «فتح»، وان اختلفت الاساليب، فمن رفض كل ما يناقض التحرير الشامل لفلسطين التاريخية إلى القبول بأوسلو وبالمفاوضات السياسية، فدخلت اللعبة السياسية بعد 2005 (حوار القاهرة) لتصبح في 2006 الحزب الأول داخل المجلس التشريعي، وعلى النهج ذاته شكلت حكومتها من اللون الواحد كما حال تفرد «فتح». إذاً ماذا بعد سيطرة سلطة «حماس» على غزة وسلطة «فتح» على الضفة الفلسطينية؟ وماذا عن مشروع آلون والحل الإقليمي لقضية فلسطين؟ نرى أن القائم اليوم على الأرض تجسيد له. من جهة إن فشلت «حماس» فلتعد غزة الى حضن اسرائيل، وإن فشلت «فتح» اقامة حكم ذاتي في الضفة الفلسطينية، أما اللاجئون فتحل قضيتهم داخل مؤتمر اقليمي. لا السلطتان ولا الدولتان، بمفهوميهما، ستعيدان الحقوق، لقد حوصرنا من قبل الاحتلال وحوصرنا من قبل «حماس» و «فتح»، ودفع المجتمع الفلسطيني بشرائحه المختلفة وبخاصة العلمانية والليبرالية والتقدمية منها، وعلى أيدي الاحتلال وتردي النظام السياسي الفلسطيني أثماناً باهظة طالت الأرض والإنسان والمستقبل في ظل الوضع القائم موهوم بسلام ما يشير باتجاه «حماس» أو «فتح» وبالنتيجة قد تضيع الحقوق الوطنية التي تراجعت كمشروع استراتيجي لنضال الشعب الفلسطيني، وإبقاؤها في الوعي، يقظة حاضرة. أما مستقبل الشراكة الحمساوية والفتحاوية، وطالما يحكمها التفرد والذاتية، فإن حقوقنا الوطنية وإنجازها محكوم عليها سلفاً بالتغييب، فحضور النظام السياسي الفلسطيني اليوم انقسامي، والشراكة في الصراع ضد الاحتلال غائبة، لا بل خطيرة على وعينا الذي ينتظر فلسطين، الدولة الديموقراطية، ذات السيادة. أيضاً من دون القراءة المعمقة للخطابين إلا أنهما ما زالا يريدان المحاصصة وفق معادلة «الشراكة» متجاهلين أن الاتفاقات التي جرت بينهما وبرعاية عربية كاتفاق القاهرة ثم مكة ثم المبادرة اليمنية، كما حال مبادرة السنغال اليوم، لم ولن تنجب هدوءاً بل جرت إلى اعتماد قوة السلاح وقسمة الأرض ما بين غزة ثم الضفة، فأضاعتا وحدة الصف الفلسطيني وأعطتا إسرائيل حرية التصرف وفرض الأمر الواقع الاستيطاني، ثم تهويد القدس وإعلانها «عاصمة إسرائيل الأبدية». * كاتب فلسطيني
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|