في مدينة عمان، وفي ندوة "مشاركة المرأة في الحياة العامة"، التي نظمها "اتحاد المرأة الأردنية"، بتاريخ: 18-20 أيار 2008، بالتعاون والشراكة مع KVINFO/DENMARK""؛ شكَّلت الديمقراطية، هاجساً مشتركاً، لدى المشاركات والمشاركون في أعمال الندوة، حين أكَّدوا من خلال أوراق العمل المتعددة، ومن خلال الشهادات، ومن خلال النقاش في مجموعات، أن غياب الديمقراطية، يؤثر سلباً على تقدم أوضاع المرأة العربية، ويؤثر سلباً بالضرورة، على تقدم المجتمع العربي وازدهاره. هدفت الندوة إلى وضع برنامج عمل، وآليات متابعة؛ الأمر الذي استدعى تقسيم المشاركات والمشاركين إلى ثلاث مجموعات: المرأة في المنظمات غير الحكومية، والمرأة في الأحزاب السياسية، والمرأة في مراكز صنع القرار. ناقشت المجموعة الأولى، الدور السياسي للمنظمات غير الحكومية، وأهمية تجسيد الديمقراطية ضمن أنظمتها الداخلية. تحدَّثت المشاركات من الدول العربية، عن العوائق التي تواجهها مشاركة المرأة السياسية، داخل المنظمات غير الحكومية، وأولها ما تتضمنه أنظمتها الداخلية، من وجوب عدم التدخل بالسياسة، بالإضافة إلى تبعيتها للدولة: وزارة الخارجية، أو وزارة الإعلام، أو وزارة الثقافة. واقترحن تكثيف حملات الضغط، لمناصرة الجمعيات التي تُحل، كما اقترحن تعميق التحالف بين المنظمات غير الحكومية، وبين المنظمات الحقوقية. وعلى العكس تماماً أكَّدت Vicki Therkildsen، عضو البرلمان الدنماركي، على أن المنظمات غير الحكومية، تلعب دوراً كبيراً، في زيادة انخراط المرأة في السياسة، وأنها لا تخضع لترخيص من الدولة أساساً، الأمر الذي ينسجم مع كونها منظمات غير حكومية. كما أشارت إلى أن بلادها تضمن حق تكوين الجمعيات غير الحكومية، وحق التجمع، انسجاماً مع حرية التعبير، مؤكدة على أن الديمقراطية تبدأ بالمنظمات غير الحكومية. وناقشت المجموعة الثانية، أوضاع المرأة في الأحزاب السياسية، ومدى وجود آليات ديمقراطية داخل الأحزاب؟ تحدَّثت المشاركات عن معوقات قانونية، حيث لا يوجد في بعض الدول العربية قانون أحزاب، أو قانون للحريات العامة، ولا تنص الدساتير الوطنية، في دول أخرى، على التعددية الحزبية، بالإضافة إلى عمل بعض الدول العربية، بقانون الطوارىء. وتحدثن عن معوقات اجتماعية، وأهمها خلو برامج الأحزاب، من عناصر جاذبة للنساء، وعدم الاهتمام الحقيقي بالشباب، بالإضافة إلى عوامل الفقر، والأمية، والنزاعات المسلَّحة، والعنف ضد المرأة، مع التركيز على أثر الموروث الاجتماعي. واقترحن تكثيف المطالبة برفع القيود عن المعوقات القانونية، وأهمها حق تكوين الأحزاب. ناقشت المجموعة الثالثة، المعوقات الاجتماعية والثقافية والسياسية، التي تحدّ من وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار، وأولها عدم وجود تعريف لمشاركة المرأة في صنع القرار، وقصور مؤشرات القياس، وعدم امتلاك الموارد الاقتصادية، بالإضافة إلى ضعف الحياة السياسية وسيادة القانون، حيث تسود الطائفية والقبلية والعشائرية، كما تسود العقلية الأبوية، حيث التقسيم التقليدي لأدوار المرأة؛ الأمر الذي يتبيَّن بوضوح في المناهج التربوية، كما أشرن إلى المد الأصولي، وتراجع التيارات الليبرالية. ***** رغم تطور المفاهيم التنموية، فيما يتعلق بمشاركة النساء السياسية، مع المتغيرات العالمية، والإقليمية، والوطنية؛ إلاّ أن تحديات مشاركة المرأة السياسية تزداد صعوبة؛ الأمر الذي يستدعي وقفة جدية أمام هذه التحديات، لتفكيكها، وإعادة تعريف بعض المصطلحات، التي شوّهت مع سوء استخدامها، وأولها مفهوم الديمقراطية. يبدو أن علينا، وباستمرار، تأكيد ما هو أولي وبديهي، من أن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا تنتعشان في بلاد مستعمرة، وأن ادعاء العمل بالديمقراطية، بالتركيز على آلياتها دون مضمونها، يشكل خطراً جسيماً، يسيء إلى مبادىء الديمقراطية، ويعطي سلاحاً فتاكاً لأعدائها. وأن حرية المرأة وتمكينها، ترتبط بشكل جدلي، بالخلاص من الاحتلال والوصول إلى الموارد، ثم السيطرة عليها؛ الأمر الذي يؤدي إلى الإحساس بالأمان الشخصي والإنساني معاً. كما أن علينا أن نشكِّل أجساماً ضاغطة، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، فيما يخص حقوق الإنسان، بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص، وخاصة بعد إعلان الأهداف الإنمائية الثمانية للتنمية (القضاء على الفقر والجوع، وتعميم التعليم الابتدائي، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتخفيض معدل وفيات الأطفال، وتحسين صحة الأمهات، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز والملاريا وغيرها من الأمراض، وكفالة الاستدامة البيئية، وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية)، والذي خرج عن اجتماع ملوك ورؤساء العالم، في مطلع القرن، حيث أكَّد على مساءلة دول العالم، وهي الدول الأعضاء ال 191، في الأمم المتحدة، والتي تعهدت بالوفاء بهذه الأهداف بحلول عام 2015. ويبقى التساؤل مفتوحاً: ما هي آليات مساءلة الدول التي لا تفي بتعهداتها؟ كيف نعيد ثقة العالم بالشرعية الدولية، وقراراتها؟ كيف يوظف أحرار العالم قرارات الأمم المتحدة الخاصة باحترام حقوق الإنسان؟ وكيف تستفيد النساء من قرارات الأمم المتحدة التي تنصفهن، والتي تعهدت دول العالم على تنفيذها، مثل قرار 1325، وقرار إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة؟ وكيف يمكننا أن نطرح قضية تحقيق المساواة بين الجنسين، بوصفها قضية لا تعني النساء وحدهن؛ بل تعني المناضلين من أجل حرية أوطانهم، والمناضلين من أجل التغيير الديمقراطي؟!
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|