مفتاح
2025 . الإثنين 9 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
فاجعة بكل المقاييس هي الحالة الفلسطينية المتواصلة تشرذما وانقساما وتراجعا.. إنها الحالة شبه المجانية التي يكون فيها الكلام على غير هديه، وهي الحالة التي يدير فيها السياسي ظهره لشعبه المحتل فلا يسمع سوى صدى صوته ومريديه ليس إلا.. ومن منا لم يشعر في لحظات ما بأنه حتى الكتابة ورفع الأصوات المتألمة والمناشدة ما عادا ينفعان في زمن صار فيه لقتلة الشعب الفلسطيني الملطخة أيديهم بدماء أطفال ونساء فلسطين الكلمة الفصل في زمان ومكان اللقاء وجدول التقاط الصور التذكارية..

زمن صار فيه للاحتلال تأثيره على السياسي الذي لم يعد يعرف بأن الخجل المطلوب من دماء ومعاناة هذا الشعب تتطلب النزول قليلا عن الكبرياء الفارغ في العلاقة مع الذات.. زمن صارت فيه المطالبة بالتوقف عن عبثية اللقاءات خيانة والتنازل والتراجع شيم وطنية.. زمن صارت فيه ممارسة السياسة أكثر أنواع المناكفة قذارة وسقوطا في زمن يسقط فيه الوطن رويدا رويدا وشبرا بعد شبر في براثن التهويد والسرقة المنظمة للأرض وتدمير البيوت والحصار والزج بالمزيد في معتقلات العار..

فاجعة بكل المقاييس..

فهل من الحكمة والسياسة أن يجري كل الذي يجري تحت عباءة الوطنية هنا والتخوين هناك؟ بينما وتحت أنوفهم تمتد أصابع الاحتلال في استمرار الحصار بجدار لم تحرك السياسة المنشغلة بتلك المناكفات ما يمكن أن تحركه بعد قرار لاهاي منذ سنوات أربع.. وهل من الذكاء الاستمرار بما يسمى التفاوض وكأن شيئا لا يحدث على الأرض..

لقد سئمنا كل هذه الترهات والخزعبلات التي تشغل المتحكمين بالقرار التنفيذي أن يديروا الظهر لبعضهم البعض بينما شعبهم يعيش حالة محرقة متنقلة من زمن إلى آخر.. سئمنا انشغال أصحاب المناصب بالصعود أكثر نحو أعالي الشجر والأبراج.. سئمنا كل هذا الذي يجري تحت بند الحفاظ على الكراسي والمناصب.. سئمنا أن يتم المتاجرة بمعاناة أبناء فلسطين على مذبح الحكم..

موت في غزة.. وهو ليس ككل موت.. ويا ليتها أنصتت تلك السياسة "الراكبة لرأسها" لكل النداءات والصرخات قبل أن يصير المشهد إلى ما يصير إليه.. ليتها توقفت لحظة لتدرك أن كل قطرة دم فلسطينية ستزيد من قتامة المشهد.. مشهد مُفرح بالتأكيد لهذا الاحتلال الذي باتت عقليتان متحكمتان بالقرار ترى التناقض معه ثانويا، نقبل الدخول معه في تهدئة من ناحية ونستمر في القبلات واللقاءات وحفلات توديع أحد ارهابييه في الأمم المتحدة من ناحية أخرى.. بينما نتشدق بتلك "المصلحة الوطنية العليا" التي يُغًيب عنها أصحابها الأصليين ومؤسساته التي يتغنى بها هؤلاء المحتكرون لكل التعريفات والتصنيفات..

موت في غزة يختزل كل المشهد.. بل يسرق كل المشاهد.. من نعلين وبلعين إلى الأغوار.. من الحاجز إلى المعتقل.. موت تسهله ذاكرة تختصر القضية في احتكار مقرف لمعاني "المصلحة الوطنية".. مشهد يختزل فلسطين فيما تراه عقلية الكارثة المكررة للسياسة الفئوية التي ترى فلسطين مجرد "محاصصة" يقتسمها طرفان يتناقضان بكل شيء ويتفقان على كل شيء..

فاجعة وخيبة هي هذه السياسة.. فاجعة وكارثة أن يُسال الدم لغير هدف.. وأن يتحول الحصار إلى ملهاة سياسية تزيد من حالة اللامبالاة المتسللة إلى "الحصون" و "الخيم".. والقلاع تنخر بأعمدتها كل صنوف الحط من قيمة الإنسان الفلسطيني الذي قدم ويقدم كل ما يملك في طريق حريته..نعم، الحط من قيمته في مشاهد الخزي المتكرر إعتقالا وردحا واستخفافا وتجويعا وحصارا..

ويبقى لهذا الشعب القول الحر في فضاءات حريته التي صنعها دما ودموعا وآهات وإرادات كنست ما كنسته ونفضت ما نفضته من غبار الذل والعار: لكل هؤلاء الذين تملكت منهم حالة العجز أن يفسحوا الساحة.. لكل هؤلاء الذين تعبوا وأضاعوا البوصلة أن يغادروا خنادقهم الفئوية.. ولكل المتحذلقين المحولين لفلسطين إلى إقطاعية خاصة بهم أن يعيدوا قراءة انفجار قادم وسيل جارف لن يترك في طريقه أي ممن لطخ وجه فلسطين المقاومة والباحثة عن حرية لوثها العقل المنشغل ببوصلة الأخر ومواعيد البيت الأبيض أو غيره!

هذا الرماد الذي تختزنه غزة يختزل كل الجمر الذي يقبض عليه شعب فلسطين.. وحذار حين ينفجر الغضب الشعبي بوجه كل هذا الذل والهوان الذي صار فضيلة وبيانا سياسيا عند قيادات لم تعد تعرف من معاني القيادة إلا ضيق الأفق.. ومن الاحتلال مسألة ثانوية.. أو وجهة نظر يجري التعامل معها وفق أهواء أكثر ضيقا ومخادعة!

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required