مفتاح
2025 . الإثنين 9 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتجاوز كل المحرمات، ويقف سداً منيعاً ومعرقلاً كبيراً للحوار الوطني الفلسطيني، فاعتقال حماس لأعضاء حركة فتح وإغلاق مكاتبها في القطاع بعيد انفجارات شاطئ غزة وسقوط قتلى وجرحى، وردود الفعل المضادة في الضفة الغربية، حيث تقوم أجهزة السلطة الفلسطينية باعتقال أعضاء من حركة حماس، هذا كله يقضي تماماً على أية بارقة أمل باستعادة الساحة الفلسطينية لوحدتها الوطنية، وإمكانية تشكيل حكومة واسعة من كل الفصائل والقوى.

منذ تفجر الخلاف سيئ الصيت والسمعة منذ حوالي عامين، وبعدما حسمت حماس الأوضاع بما صورته “انتصاراً” في غزة، وكان ذلك في 14 يونيو/حزيران 2007 وحتى هذه اللحظة، فإن كافة الأنظار تتجه إلى الخلافات الفلسطينية الفلسطينية والتي تطورت إلى انقسام فلسطيني حاد مؤلم ومرعب ويسبب الحزن الكبير للشعب الفلسطيني في كل بقاعه، وللعرب أيضاً من المحيط إلى الخليج، ولكل أصدقاء القضية الفلسطينية في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية لشعب كل ذنبه أنه يكافح في سبيل حقوقه وضد أعدائه منذ ما يزيد على قرن زمني. شعب لم تصل قياداته الى مستوى تضحياته ومآثره وطموحاته، لذا فبين كل مرحلة وأخرى تعود الأمور بين فصائله إلى مربع الخلاف الأول فيما بينها، وبدلاً من التركيز على مواجهة العدو من قبل الجميع، ينشغل الجميع بالخلافات الداخلية ويجري تحويل التناقضات الثانوية إلى أخرى تناحرية، حيث تنتقل الرؤى إلى مواقع جديدة، يتم بموجبها انتهاج الحسم مع من يفترض أنه صديق وفي الإطار الوطني، وبالتأكيد فإن الخلافات الداخلية تنعكس نوعاً من عمى الألوان فتختلط القضايا، والحصيلة هي معاناة طويلة يعيشها شعبنا.

ما حدث في غزة هو الفتنة بعينها، وبدلاً من البحث والتفتيش عن العامل “الإسرائيلي”، صاحب الباع الطويلة في استغلال الخلافات الفلسطينية وفي إذكاء نيرانها، وصب البنزين عليها، يجري كيل الاتهامات إلى الإخوة الذين من المفترض أنهم وطنيون، حتى من دون تشكيل لجنة تحقيق تكتب تقريراً بعد تحقيق تجريه فيما حدث، وإن كان من جرى اعتقالهم (مسبقاً) هم المذنبين فليحاكموا. لم تكمل حركة حماس عامها الأول في السلطة، الواقعة فعلياً تحت الاحتلال، حتى لجأت إلى التهدئة مع العدو الصهيوني، وهو ما كانت تمارس نقيضه إبان وجودها في المعارضة، وذلك إدراكاً منها (في ما بعد) للاختلاف الكبير بين وجود الفصيل في المعارضة ووجوده في السلطة حيث يتحمل مسؤولية جماهير غفيرة، وباتت حماس تلاحق وتعتقل كل من يقوم بإطلاق صاروخ (بدائي) على “الإسرائيليين”.

في المقابل، فإن نهج أوسلو، ألحق دماراً وأذى كبيرين بالقضية الفلسطينية، فاللاءات “الإسرائيلية” السابقة ما زالت هي هي، وستظل هي اللاحقة أيضاً، ووجود السلطة (الواقعة فعلياً تحت الاحتلال) هي من أجل حل الإشكالات الحياتية للفلسطينيين في الضفة الغربية، فالاستيطان تضاعف في ظل وجودها، والاعتقالات والاغتيالات وملاحقة الناشطين زادت وتائرها، وفي ظل وجود السلطة جرى ويجري بناء الجدار العازل وسرقة الأراضي وهدم البيوت تضاعف مرات ومرات، والمعتقلون في السجون “الإسرائيلية” ازدادوا عدداً، واللقاءات الكثيرة بين عباس وأولمرت لم تجدِ نفعاً، ولا زيارات رايس الكثيرة، ولا مفاوضات قريع ليفني في واشنطن ستعطي مردوداً حقيقياً على الفلسطينيين، بل ستعطي نتائج سلبية، وهو الوهم الذي يعيشه المجتمع الدولي في أن مفاوضات (سلام حقيقية) تجري بين الجانبين “الإسرائيلي” والفلسطيني، في الوقت الذي تستغل فيه “إسرائيل” ذلك أبشع استغلال وتفرض “حقائقها” الجغرافية والسياسية على الأرض، وبالتالي تتآكل الحقوق الوطنية ويجري تقزيمها عاماً بعد عام.

ما تتجاهله حركتا فتح (والسلطة من ورائها) وحماس، أن شعبنا لا يزال في مرحلة التحرر الوطني، وبالتالي فإن اشكال (السلطة) القائمة في غزة ورام الله، وبالإضافة إلى وهميتها الفعلية، فإنها ليست أكثر من إدارات محلية على قضايا حياتية للسكان (وهذا ما عرفت به “إسرائيل” أشكال السلطة بعد اتفاقيات أوسلو)، وهذا يخفف بشكل غير مباشر أعباء الاحتلال عن “الإسرائيليين”، وبالتالي يكون التساؤل: ما الجدوى من وجود السلطة/ السلطتين؟ كنا قد دعونا إلى حل هذه السلطة والعودة إلى مربع المقاومة الأول، والآن نجدد هذه الدعوة التي تكتسب أهميتها المضاعفة في هذه المرحلة بالتحديد. ونطالب بالحوار الوطني الفلسطيني الجامع والشامل بمشاركة كافة القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية، ولعل في التوافق الذي تضمنه إعلان القاهرة في مارس/آذار 2005 ووثيقة الحوار الوطني في يونيو/حزيران ،2006 وفي المبادرة اليمنية واتفاق صنعاء، ما يشكل أرضية خصبة للبناء عليها وتطويرها للخلاص من مآزق المرحلة الراهنة، ولكن للأسف ما يجري على أرض الواقع في قطاع غزة والضفة الغربية، ينسف الأسس التي يقوم عليها هذا الحوار، ويجعل من الدعوات إليه ليس أكثر من دعوات رومانسية بعيدة عن الواقعية للأسف. ما جرى في غزة، أجبر نواباً من حماس على إصدار بيان ينتقدون فيه حكومتهم ويطالبون بوقف الاعتقالات والمداهمات، ويشددون على احترام القانون وحقوق الإنسان. وما يجري في الضفة الغربية حدا بمنظمات فلسطينية وحقوقية كثيرة إلى اصدار بيانات استنكار لما يحدث من اعتقالات ومداهمات.

لذا فإن الوضع الفلسطيني في أزمة متفاقمة ومتعاظمة تدريجياً، والمشروع الوطني الفلسطيني هو الآخر في مأزق تزداد وتائره يوماً بعد يوم، والحصيلة لكل ذلك حالة يأس قد تفترس الفلسطينيين في كل مواقعهم الجغرافية.

وتقتضي المسؤولية الوطنية للفصائل الوطنية الفلسطينية الحوار والوحدة الوطنية، وليس عيباً ولا كفراً أن يفشل فصيل (فتح) في رؤيته للتسوية، وخصوصاً أنه على أبواب انعقاد مؤتمره الوطني، وليس خيانةً أيضاً أن تفشل حماس في تصورها لمشكل السلطة، وإنعكاس ذلك على استراتيجيتها المقاومة، وأن يعود الجميع إلى نهج القواسم المشتركة المستندة إلى المقاومة ضد العدو الصهيوني، ففشل البرنامجين للفصيلين المذكورين يحتم البحث عن طريق ثالثة.

الفلسطينيون بحاجة إلى عقد مجلس وطني فلسطيني جديد، منتخب حيثما يمكن اجراء الانتخابات، ونحن بحاجة ماسة إلى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية التي من المتوجب أن تضم كافة الفصائل والقوى وفقاً للتمثيل النسبي، والمشروع الوطني بحاجة إلى ازاحة كل الغبار الذي اعتراه لسنوات طويلة، والقضية الفلسطينية بحاجة إلى استعادة ألقها، بالتفاعل مع بعدها القومي العربي، وصداقاتها الدولية ومن دون ذلك ستظل قضيتنا تعاني من التقزيم.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required