لا يختلف اثنان من الفلسطينيين على إدانة حادث التفجير الذي وقع مؤخرا على شاطئ غزة، وتقدير مخاطره وانعكاساته السلبية على الوضع الداخلي الفلسطيني، في ظل حالة الانقسام التي تمر بها الساحة الفلسطينية.
ومما لا شك فيه ان حالة الاحتقان الراهنة، هي نتاج لحالة المراوحة وعدم الاستقرار التي يمر بها النظام السياسي الفلسطيني، وعدم حدوث تقدم جدي نحو الحوار الوطني الشامل، الذي يقود إلى المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام الشاذة. إضافة لعدم وجود جهود عربية فاعلة لحل الخلافات الفلسطينية، وافتقار المبادرة اليمنية لقوة الدفع العربية القادرة على تحريكها وإلزام الأطراف الفلسطينية المتنازعة بها، من قبل أطراف عربية فاعلة ومؤثرة في الوضع الفلسطيني.. فالتوافق العربي الذي تحقق لحل الأزمة اللبنانية وتوج باتفاق الدوحة، والذي كان الدافع الرئيسي له الخوف من حدوث فتنة مذهبية في لبنان، تمتد تأثيراتها إلى الدول العربية كالعراق ودول الخليج ودول عربية أخرى، غير متوفر الآن في الحالة الفلسطينية، والجهود المصرية المبذولة –رغم أهميتها ودورها في نزع فتيل الأزمات الفلسطينية المتلاحقة - لا تكفي وحدها لحل الأزمة المتفاقمة بين حركتي "فتح" و"حماس"، إذا لم تقترن يجهد سوري فاعل وداعم لإنهاء الخلافات الفلسطينية، خاصة وان سوريا تملك الكثير من أوراق الضغط اللازمة لإنهاء هذا الملف الشائك والمعقد. ولا يوجد شيء يشجع الإطراف العربية على المضي قدما في جهودها لتحقيق المصالحة الفلسطينية، بسبب تزمت المواقف وإصرار البعض على فرض رؤاه الخاصة، فالسعودية مثلا التي رعت اتفاق مكة وبذلت جهودا كبيرة من اجل التوصل إليه وإنجاحه، ليست على استعداد لمواجهة الفشل مرة أخرى، رغم الملاحظات الكبيرة على هذا الاتفاق. الحادث المروع الذي وقع في غزة، سواء تم تنفيذه على يد طرف فلسطيني آخر أو على أيدي الموساد الإسرائيلي، الذي يمتلك وحده القدرات والإمكانيات الكافية لتنفيذ تلك المهام، ولا استبعد هنا الخلافات الداخلية بين أجنحة "حماس"، فان النتيجة واحدة وهي إضعاف الموقف الفلسطيني والإبقاء على حالة الانقسام الراهنة التي لا تخدم سوى إسرائيل. لقد أخطأت قيادة "حماس" حين استبعدت الدور الإسرائيلي في عملية الاغتيال هذه، وسارعت إلى توحيه أصابع الاتهام إلى حركة "فتح"، قبيل استكمال التحقيقات وامتلاك أدلة دامغة على تورط حركة "فتح" بهذه العملية، خاصة وان إسرائيل قتلت احد ابرز كوادر كتائب عز الدين القسام في مدينه الخليل، في الوقت الذي كانت فيه "حماس" منشغلة بأحداث غزة. وقد أعطت التصريحات الانفعالية الصادرة عن بعض قادة "حماس" في غزة، والتي اعتبر بعضها يوم الحادث "يوما فاصلا" في العلاقات الداخلية الفلسطينية، الضوء الأخضر لأجهزة الأمن التابعة لحكومة إسماعيل هنية لشن حملة اعتقالات واسعة شملت المئات من أنصار وكوادر حركة "فتح" الذين جرى نقلهم لمراكز التحقيق والاعتقال التابعة لهذه الأجهزة، ومداهمة عدد كبير من الجمعيات والمؤسسات التابعة لحركة "فتح" ومصادرة ممتلكاتها، وكذلك بعض المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير. ولم يسلم الصحفيون الفلسطينيون من بطش هذه الأجهزة، حيث جرى اعتقال عدد من الصحفيين وإغلاق بعض المؤسسات الصحفية العاملة في غزة، بدعوى التحيز في نشر وتغطية الأخبار، وكذلك جرى منع الصحف الفلسطينية الصادرة في القدس ورام الله من التوزيع في غزة. خلاصة القول إن حركة "حماس" استغلت هذا الحادث المأساوي لضرب وإضعاف حركة "فتح"، وإضعاف التنظيمات المناوئة لها في غزة مثل "جيش الإسلام" شريكها الرئيسي في عملية خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، مع لجان المقاومة الشعبية. وكذلك قطع الطريق أمام الجهود الهادفة لبدء الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، والضغط على قيادة "فتح" لبدء حوار ثنائي مع "حماس" وفقا لشروطها الخاصة، على قاعدة اتفاق مكة وإعلان صنعاء وليس المبادرة اليمنية. وقد جاء تحرك الرئيس محمود عباس وزيارته لمصر ولقائه بالرئيس مبارك، والذي جرى خلاله الاتفاق على بدء الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، لقطع الطريق على كافة المحاولات الهادفة لعرقلة وتقويض الحوار. إسرائيل دخلت على خط الأزمة الراهنة بين "حماس" و"فتح" لتأجيج الخلافات بينهما، حيث نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلا عن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي خبرا يقول: "ان الرئيس محمود عباس هدد بحل السلطة الفلسطينية إذا أطلقت إسرائيل سراح وزراء ونواب حماس المعتقلين لديها ضمن صفقة شاليت"..!! وقد نفى ناطق باسم الرئاسة الفلسطينية هذا الخبر جملة وتفصيلا، مؤكدا سعي الرئاسة لإطلاق سراح رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك المعتقل حاليا لدى إسرائيل، والذي تدهورت حالته الصحية مؤخرا نتيجة وجوده في السجن. والمؤسف ان حركة "حماس" تلقفت هذا الخبر، وبدأت ببثه على شاشة الفضائية التابعة لها، وفي صحفها ومواقعها الالكترونية.. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|