مما لا شك فيه أن هناك أهدافاً محددة ومعينه لكل دولة أو سلطة أو نظام سياسي، وهذه الأهداف يتم رسمها وفقاً لمصالح وإحتياجات تضمن توفير المناخ الطبيعي والحياة الكريمة ومستقبل واضح المعالم للمواطن الذي يعيش في كنف هذه الدولة أو هذا النظام السياسي.
وبالتأكيد فإن رسم سياسة المستقبل تتم على أساس تأمين كافة الخدمات الضرورية للحياة لإشعار المواطن بأهميته بالمجتمع لكونه العنصر الأساسي وأحد أعمده الدولة وهو مصدر العطاء، كما أن رسم سياسة المستقبل تتم على أساس مهم وهو التغيير في النمط المعيشي للمواطن وتأتي معاكسة تماماً لمعاناته وتأتي لتوفر النواقص التي شعر بها خلال المعاناة خاصة إذا كانت تجربة المعاناة كتجربة شعبنا ومعايشته للاحتلال على مدار نصف قرن ويعيش في وطن بدون أي مقومات. وإذا تحدثنا لنخصص التجربة الفلسطينية فإنها الحالة النوعية التي تحتاج لكل فعل إيجابي من شأنه إحداث التغيير إلى الأفضل، لأنه يحتاج لشيء يوازي تضحياته التي قدمها خلال السنوات الطويلة الماضية وكانت بالنسبة له تجربة قاسية دفع خلالها الثمن الغالي سواء من الناحية البشرية حيث قدم خيرة قادته وأبناءه شهداء من أجل الوطن وبناءه واستقلاله أو المال كونه تعرض للتدمير والتخريب وهدم البيوت والإقتصاد وكل مقوم من مقومات الحياة الاقتصادية، وهذا بالتالي يحتم التركيز على أن يكون المستقبل المرسوم لهذا الشعب يعطيه القناعة بأن المرحلة القادمة هي مرحلة الأمل بدل اليأس.. مرحلة البناء بدل الهدم.. مرحلة نسيان الشعور بالنقص والتطلع لبناء الذات وبناء وطن نشعر بأنه جزء منا. فمنذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 بدأت ملامح بناء المستقبل تتضح شيئاً فشيئاً برغم البطيء في التنفيذ أحياناً وبرغم كُل عوامل النقص التي نتجت عن الإتفاق الذي وقعته "م.ت.ف" مع إسرائيل والذي لم يعطي الشعب الفلسطيني الحرية الكاملة في الإشراف على أرضه ومقومات حياته الضرورية كالمياه والتجارة وحرية الإقتصاد وهذا بالتأكيد كان له هدف واضح لدى إسرائيل وهو جعلنا ندور في نفس الحلقة ليبقى مستقبلنا مرهونا بيد إسرائيل وأي تقدم يجب أن يكون مقابل التنازل عن مطالب سياسية أو مطالب تتعلق بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولو أخدنا المرحلة التي تلت إندلاع إنتفاضة الأقصى فإنها شكلت المرحلة الأخطر في حياة شعبنا وكانت بمثابة إنطلاق مشاريع تهويد المستقبل الفلسطيني من خلال قيام إسرائيل بإستغلال أحداث إنتفاضة الأقصى وخاصة بعد أن تحولت من إنتفاضة شعبية إلى إنتفاضة مسلحة وعملت إسرائيل على سرقة جزء كبير من الأرض بهدف إقامة الجدار، وعمدت إلى إختراع مئات الحواجز والمعابر المتنقلة على حدود الضفة الفلسطينية وكذلك أخذت مبادرة جريئة نحو تهويد القدس في ظل الصمت العربي والإسلامي والعجز الفلسطيني على مقاومة هذه الإجراءات. لقد تأثرت الحياة الفلسطينية سلباً من جراء إنتفاضة الأقصى والتي كان من المفترض أن يتم إعاد النظر فيها وفي طريقة إدارتها بالتوازي مع مخططات الإحتلال التي تأخذ كل إجراء ذريعة للتصعيد والقتل والتدمير على كافة المستويات وهذا ما دللت عليه إسرائيل خلال عدوانها المتواصل سواءاً من ناحيه قتل الشباب الفلسطيني بأعداد هائلة أو تجريف الأراضي الزراعية بهدف ضرب الإقتصاد أو هدم البيوت والمنشآت الرسمية والمدنية والحيوية بهدف القضاع على ما تبقى من رموز الدولة وبخاصة الإستهدافات المتكررة لمواقع ومراكز الأجهزة الأمنية الفلسطينية والوزارات والمؤسسات. ومع إستمرار المسلسل الإسرائيلي والإنتقال إلى مربع الخلاف والصراع الفلسطيني الداخلي فإن الأمور تتجه نحو السوداوية مجدداً لكون الصراع الداخلي الفلسطيني كان ولا يزال هدفاً إسرائيلياً إستراتيجياً سعت وتسعى إليه إسرائيل منذ اليوم الأول لإحتلالها فلسطين، وبالتالي فإن هذا الصراع والخلاف أثر ويؤثر على المستقبل الفلسطيني بشكل عام ويخفض من مستوى التطلعات الفلسطينية حيث أصبحت التطلعات اليوم نحو فك الحصار وفتح المعابر بعد أن كانت الدولة الفلسطينية الأهم في الأجندة السياسية الفلسطينية إلى جانب القدس واللاجئين، وبالتأكيد فإن الموقف العالمي تغير بإتجاه المعاكس نتيجة هذا الخلاف وبالتالي يصب ذلك في خانه اللادعم للقضية الفلسطينية. إن كُل هذا الحراك سواءاً على مستوى الصراع مع إسرائيل وما وصلت إليه الأمور سواءاً من ناحية المفاوضات أو حتى من ناحية المقاومة وحساباتها التي يجب أن تكون واضحة أمام أصحاب القرار لنرى ما هي الخطوات القادمة نحو العلاقة مع هذا الإحتلال، وهل سنبقى أسرى لمفاوضات لن تعطينا حتى لو جزء من حقنا، أم نبقى مع مقاومة قد تصبح يوماً سلبية على مستقبلنا الوطني والقومي. إننا نتطلع لأن يكون الفكر الفلسطيني واحد، ويكون الجهد الفلسطيني واحد متوافق على إستراتيجية مستقبلية تضمن المستقبل لهذا الشعب الجريح والذي إكتوى بنار الإحتلال تارة ونار الإقتتال الفلسطيني الداخلي تارة أخرى، لهذا ندعو كُل الشرفاء والأحرار في هذا الوطن للتغلب على المصالح الحزبية الضيقة وجعل مصلحة الوطن الفلسطيني الكبير هي الأساس لضمان بناء مستقبل على الأقل لأجيالنا القادمة ولأطفالنا نأمل بأن يكون طريقه ليس إلى المجهول. عن شبكة أمين اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|