لعل الاهم من اغلاق مؤسسة الاقصى في ام الفحم على ايدي القوات الاسرائيلية امس الاول هو ذلك العدوان السافر على الذاكرة الفلسطينية حيث نهبت اسرائيل اثناء حملة الاغلاق المئات من الوثائق التاريخية النادرة التي لا يمكن ان تعوض او تستبدل، فالمؤسسة يمكن ان يعاد افتتاحها غدا، ولكن اسرائيل لا يمكن ان تعيد الوثائق النادرة لان هذا هو هدفها الحقيقي من الحملة.
وتذكرنا هذه الاستباحة الاسرائيلية الجديدة ضد الذاكرة الفلسطينية بحرب اسرائيل المستمرة التي لم تهدأ منذ ما قبل اغتصاب فلسطين في عام 1948 ، فاسرائيل ما فتئت تحارب الفلسطينيين على اسماء اماكن البلدات والقرى وعلى الازياء والطعام وعلى رواية التاريخ وحتى على الاماكن المقدسة فاحتلت اكثر من نصف الحرم الابراهيمي في الخليل منذ سنوات واعتبرته تابعا لها ، وها هي تطوق الاقصى وتحاصره للسيطرة عليه بدعوى ان الهيكل المزعوم موجود اسفله. فالحرب الاهم بالنسبة لاسرائيل هي تلك التي تستهدف الذاكرة ورواية التاريخ.. وهنا تكمن خطورة ما حدث امس الاول في مؤسسة الاقصى. لقد سرقت اسرائيل في غارتها المباغتة على مؤسسة الاقصى عشرات الاف الوثائق من ابرزها مستندات خاصة بمشروع «المسح الشامل للاوقاف الاسلامية والمسيحية» في فلسطين التاريخية. وصادرت الوثائق الخاصة باوقاف المدن الكبرى مثل يافا وحيفا وعكا واللد والرملة في القرنين الاخيرين ، اضافة للارشيف الذي يوثق من خلال عشرات الاف الصور لانتهاكات اسرائيل ضد المسجد الاقصى. كما وضعت اسرائيل يدها على وثائق «الطابو» والارض عن الفترة العثمانية الخاصة بالاوقاف الاسلامية والمسيحية.. ومعروف ان هذه الوثائق تؤرخ للذاكرة الفلسطينية وتوثق للحق الفلسطيني مما يجعلها بالفعل كنزا لا يقدر بثمن. وسؤالنا هو: ألم يكن بمقدور مؤسسة الأقصى التي نحترم جهودها ونقدر مساعيها لتأكيد الحق الفلسطيني أن تودع نسخاً من هذه الوثائق النادرة في مؤسسات أخرى ، أو حتى أن توصلها الى مراكز الأبحاث العربية خارج فلسطين.. فهذه الوثائق ملك للأمة بأسرها والحفاظ عليها واجب لا يعلوه واجب. ألم يكن يعلم مسؤولو مؤسسة الأقصى أن هذه الوثائق النادرة ليست في مأمن من الأطماع الاسرائيلية؟ وهل يعقل أنهم خدعوا بمزاعم الديمقراطية الاسرائيلية؟ ألم يدركوا أن الذي يحول بين القوات الاسرائيلية وسرقة هذه الوثائق التاريخية في أي وقت هو مجرد توقيع ما يسمى بوزير الدفاع على أمر تفتيش للمؤسسة؟، على العموم ، ليس من المجدي الآن تبادل اللوم والعتب ، فقد فازت اسرائيل بالقيمة الكبرى وأصبحت وثائق فلسطين النادرة والتاريخية وحجج «الطابو» في حوزتها.. وعلى مؤسسة الأقصى أن تحاول الآن اعداد فهرس بهذه الوثائق ، واحالة الأمر للدول العربية والاسلامية لاثارة القضية في المحافل الدولية والمطالبة باعادة هذه المستندات النادرة وممارسة كل الضغوط على اسرائيل لتسليم هذه الوثائق للطرف الفلسطيني ، فهذه الموجودات التاريخية ليست خططا حربية حتى تتذرع اسرائيل بأنها تهدد أمنها أو مصالحها. وختاما ، فان استباحة مؤسسة الاقصى هو فصل من فصول العدوان الاسرائيلي المتواصلة على الذاكرة الفلسطينية ، بل لعله أبشع هذه الفصول وأكثرها فداحة ، الامر الذي يستدعي تدخلا عاجلا للدول العربية والاسلامية. عن صحيفة الدستور الأردنية اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|