مفتاح
2024 . الخميس 9 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في أقل من أسبوعين وبالتزامن مع شهر رمضان، الذي من المفترض أن تهدئ فيه النفوس وتتصالح مع نفسها، صًدم المجتمع الفلسطيني بمقتل 4 نساء على أيدي أقربائهن، بصورة بشعة ولا إنسانية، حيث وقعت جريمتين في كل من مخيم الشاطئ في غزة، وفي طولكرم، وأخرى في الخليل، وكانت الرابعة مقتل زوجة يوم الإثنين الماضي على يد زوجها في بيت لحم، حيث قام بنحرها في منطقة المدبسة في سوق بيت لحم القديم على الملأ، نتيجة لخلافات عائلية، إذ أن الزوجة منفصلة عن زوجها وتقيم مع ذويها منذ فترة طويلة، وقد أدت خلافاتهم المتكررة إلى انتزاع أطفالهم الثلاثة، وإيداعهم في مركز للرعاية تحت إشراف الشؤون الاجتماعية، والحقيقة أن الأطفال الثلاثة ويعانون من أمراض مختلفة، هم ذاتهم الذين تناقلت وسائل الإعلام خبر إلقائهم في الشارع من قبل ذويهم العام الماضي بسبب الخلافات بينهم.

وقد بدا واضحاً السخط والصدمة التي خلفتهما هذه الجريمة البشعة، على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر الناس هذه الجريمة وطالبوا بإسقاط أشد العقوبات بالقاتل، الذي ذُكر أنه كثيراً ما كان يتعرض لزوجته ويضربها ويعذبها وأنه لم يكن سوي الأخلاق، بل حتى أنه قبل الواقعة بيوم كانت قد اشتكته للشرطة، التي أخذت عليه تعهدا ًبعدم التعرض لها.

لكن وكيف يحيمها الحبر على ورق، وقد أسقط الجلاد حكمه عليها، دون رحمة أو شفقة ودون أن تشكل له تلك الورقة أي رادع.

إن جرائم قتل النساء في مجتمعنا ما زالت تراوح مكانها، وباتت تُنفذ بدافع عنف خالص تجاه المرأة، استغلالاً لضعفها وقلة حيلتها، وما تكشفه اليوم جريمة بيت لحم مؤشر خطير على مستوى العنف الموجه ضد النساء، ودون أي غطاء أو ستار، فلم يتوان القاتل عن تنفيذ جريمته في وضح النهار ومع سبق الإصرار والترصد، في مشهد إجرامي منسلخ عن مجتمعنا الفلسطيني وثقافته، ووسط سوق أمام حشد من الناس، لم يملكوا أن يقفوا أمام الطعنات القاتلة التي وجهها إلى عنق وبطن زوجته، فأرداها قتيلة مضرجة بدمائها، وهو بجريمته هذه لا يستهدف زوجته فحسب، بل أيضاً أبناءه الثلاثة الذين حرموا من أمهم وسيعلمون يوماً ما، أن السبب هو والدهم، فأي مأساة تلك؟!!

والجديد والمختلف في مثل هذه الجريمة هي الجرأة التي سمحت للقاتل بالإقدام على فعلته أمام الناس، كما أن تكرار هذه الحوادث هو مؤشر خطير على ارتفاع مستوى العنف في مجتمعنا نتيجة الفقر والعوز وما يخلفه من ضغوط اجتماعية ونفسية، يدفع ثمنها بالنهاية المستضعفين من نساء وأطفال.

إن مستوى العنف والأسلوب التي باتت تُقتل فيه النساء في مجتمعنا إنما يعبر عن مدى الاستخفاف بحياتها وبشخصها، ومدى الاستهانة بالتعرض لها والاعتداء عليها، وتحت ذرائع وحجج مختلفة هذه المرة ولم تقتصر على ما يُسمى بجريمة الشرف التي تجد تعاطفا ًمجتمعياً مع القاتل، كما في جريمة مخيم الشاطئ في غزة التي وقعت في 18 تموز الماضي، أو بحجة مختلفة كما حدث بعدها بأيام في طولكرم عندما قتل الأب أبنته أمل الأخرس لأنها ادعت نجاحها في امتحان الثانوية العامة، وبعد أن علم الأب كذبها قتلها، بالإضافة لحادثة مقتل فتاة في منطقة الخليل الأسبوع الجاري، على يد والدها نتيجة الضرب المبرح.

وهنا لابد من مطالبة الجهات المسؤولة بإنزال أقصى وأشد جزاء بالجاني، حتى يشكل ذلك رادعاً لكل من تسول له نفسه بالتعدي على الآخرين أو سلب حياتهم، والتعامل بحزم وشدة مع كل مجرم، بدون تساهل أو تهاون، وإلا وغير ذلك فإن مجتمعنا سيشهد حالة من الفوضى الخارجة عن القانون، عندما لا يطبق بالشكل المفروض، وعندما لا يكون رادعاً لمجرمي هذا المجتمع، وهذا يسري على المجرمين أو على المقتصين الذين قد يحاولون أخذ ثأرهم بأيديهم، عندما لا تتحقق العدالة.

لذا لا بد من تطبيق كافة القوانين التي تحمي المرأة وحقوقها، وأهمها حقها في الحياة، كما يتوجب على مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية والمجتمعية العمل بشكل حازم وجاد لمحاصرة ظاهرة العنف في مجتمعنا، والوقوف على أسبابها ومحاولة معالجتها، والسعي من أجل تطبيق اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، ومحاربة كل القوانين المجحفة بحق النساء.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required