مفتاح
2024 . الإثنين 20 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لا تتوقف الحفريات الإسرائيلية بالمطلق سواء في بلدة سلوان أو البلدة القديمة... وحتى أسفل المسجد الأقصى ومحيطه...

يعملون على مدار الساعة...

وكل وسائل الحفر مسموحة: من معدات ثقيلة.. وجرافات .. و"بواجر"... وحتى مواد كيماوية يذيبون بها صوان القدس العتيقة.. وحجارة سلوان الصلدة...

طواقم الحفر متعددو الجنسيات من تايلانديين وأثيوبيين وروس.. وحتى عمالة عربية رخيصة يحظر على الجميع التصريح بما يجري في باطن الأرض...

يمكن للكيماوي أن يذيب الصخر والحديد... هل يمكنه أن يطمس تاريخ المكان وهويته...!

في المكان يفككون قصورا وعمارة.. ألم تسمعوا ب"دار الإمارة الأموية"... باتت حجارتها أثر بعد عين.. كل حجر بوزن طنين أو خمسة أطنان... بتلك الحجارة شيدوا مسارح إسمنت.. ومن بعضها بنوا حدائق إسمنتية.. وعلى جدارها العالي تاريخ مزعوم مخترع عن بقايا عهد بائد يقولون أن في ذلك الزمان كان لهم هيكل.. رواية يصدقها "الغشيم" بتاريخ الأرض وجغرافيتها..

هنا كان العماليق... وأحفاد العماليق يملأون الأرض في سلوان وفي أكناف القدس العتيقة... فكيف ل"الغشيم" بعد أن يصدق...

وفي المحيط تتلوى الأنفاق وعلى سطح الأرض تعلو جسورهم والمتاحف.. ومصليات نسائهم تنهب الهوية وتصادر قداسة المكان...

لقد بنوا على أنقاضنا كنيسا ل"الخراب"... وها هم يعدون العدة لبناء كنيس آخر أسموه "جوهرة إسرائيل" فلتعدوا كم شيدوا من كنس ومتاحف... وكم علوا في البنيان...

إنه الوعد كما حدث الكتاب...

قال كبيرهم الذي علمهم السحر: سنبني في قلب المدينة متحفا ثالثا...

بني المتحف وشيد الكنيس وعلت عشرات المعابد الأخرى... ظلت القدس تزهو ب"صخرتها" العظيمة.. وظل سماؤها يردد صدى الآذان، فيما أجراس كناسها تقرع فرحا بميلاد المسيح..

في أقصى غرب ساحة البراق ، قبالة المسجد الأقصى من الجهة الغربية أقاموا ما أسموه المتحف الثالث:..!

تذكر مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في شأن المتحف المذكور ما يلي: " على بعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى ، داخل مبنى مملوكي قديم بني بين حارتي المغاربة والشرف داخل البلدة العتيقة، استولوا عليه بعد هدم حارة الشرف خلال عام 1968، وأنشأوا داخل هذا المبنى المملوكي مركزا توراتيا عرف بمعهد إيش هاتوراة ( نار التوراة ) تأسس عام 1974 على يد الحاخام نوح واينبرغ، ويُعنى هذا المعهد بنشر الثقافة العبرية المزورة، وتغيير تاريخ القدس واستقطاب سواح العالم للتعاطف مع اليهود، وقد أقام هذا المعهد 26 فرعا في العالم واستطاع أن يستقطب أعدادا هائلة من الأجانب ويجند مجموعات من المؤيدين لإقامة المعبد.

قام مركز "نار التوراة" خلال السنوات الماضية بجمع تبرعات من يهود العالم ودعاة الفكر الصهيوني لإقامة متحف يكون الأكبر من نوعه في المنطقة والأضخم والأقرب من المسجد الأقصى، فوضعوا تصورا لبناء متحف سمي بمتحف الهيكل الثالث لقربه من هضبة بيت المقدس ( جبل الهيكل كما يدعون ) وللرسالة التي سيؤديها هذا المتحف ولقرب موعد بناء الهيكل الثالث ، فكانت تكلفة هذا المشروع تزيد عن 20 مليون دولار تبرع بأغلبها الممثل الأمريكي كيرك دوجلاس وابنه الممثل مايكل دوجلاس لصالح المعهد.

يتكون هذا المتحف الضخم من سبع طبقات: اثنتان فوق الأرض بالإضافة إلى سقف المبنى، وخمس طبقات داخل الصخر أسفل مستوى الساحة العلوية من حارة الشرف، وتبلغ المساحة الكلية لهذا المتحف ( متحف الهيكل الثالث ) أربعة دونمات ونصف 4,565 م2، ويوجد داخل قاعاته المتعددة والمتفرقة ما يقارب الـ 800 مقعد وتطل 40 % من واجهة المتحف على حائط وساحة البراق، ويضم هذا المتحف في داخله عددا كبيرا جدا من الغرف والقاعات وصالات الطعام والاحتفالات والعرض السينمائي، وقاعات المؤتمرات والتعليم ومعارض تتركز في بث مفاهيم بناء الهيكل المزعوم ، وعرضا تاريخيا عبريا موهوما وباطلا في مدينة القدس.

تبلغ مساحة سقف المتحف ما يزيد عن نصف دونم 510 أمتار مربعة، ويطل مباشرة على حائط البراق والمسجد الأقصى بواجهته الأطول، وقد أقيم فوق سقف هذا المتحف عدة حفلات زواج وبلوغ لليهود، وكانت قبة الصخرة داخل المسجد الأقصى هي خلفية منصة حفل الزواج، في خطوة ترويجية واضحة لتهويد المسجد الأقصى، وقد جهز السقف لجعله كنيسا يهوديا أو منصة احتفال أو صالة زفاف حسب الحاجة، و يكون المسجد الأقصى المشهد الواضح فيها.

ومن أبرز ما وضع في سقف المتحف هو ذلك المجسم الإلكتروني المتنقل والأكبر للهيكل، وضع هذا المجسم في شهر 8-2009 في وسط سقف المتحف، ويعد هذا المجسم الأخطر على الإطلاق بين مجسمات المعبد كلها كونه لا يبعد سوى أمتار قليلة عن المسجد الأقصى.! ويتم توضيح المزاعم التوراتية وطقوس المعبد وشرحها على هذا المجسم تفصيلا وخاصة أن هضبة بيت المقدس ( جبل ا لمعبد كما يزعمون ) تقع خلفه مباشرة.! ويسعون من خلال هذا المتحف لتهويد المشهد البصري ليس لمدينة القدس فحسب إنما يتعداها إلى ما بعد المدينة المقدسة وحتى ما بعد فلسطين!!، فقد قامت بتزويد سقف المتحف بتلسكوبين متطورين جدا بلغت تكلفتهما 54 ألف دولار، وتهدف من خلال هذين التلسكوبين وضع السائح والزائر للمتحف في مشهد بانورامي انطلاقا من حائط البراق مرورا بالجامعة العبرية المقامة فوق جبل المشهد ومرورا بجبل الزيتون وصحراء الضفة وحتى البحر الميت وجبال مؤاب في الأردن.!

وبجانب المسجد الأقصى أقاموا موائد لاحتساء المشروبات الروحية، يقيمون ، ولوضعها أمام المسجد وجعل خلفية هذه المائدة المسجد الأقصى متعمدة إبراز تلك المشروبات والأقصى خلفها مباشرة!!.

وفي مشهد آخر أصبحت قبة الصخرة قلب المسجد الأقصى خلفية لحفلات زفاف يهودية فوق سقف هذا المتحف، إذ يتم نصب منصة الزفاف فوق سقف المتحف وإقامة حفلات الزفاف فوقه وحفلات البلوغ عند الإسرائيليين.!

تكلفته 180 ألف دولار يتسع لأربعين شخصا بشكل نصف دائري يحيط بقبة المتحف لجعله مكانا هاما لمشاهدة حائط البراق ( المبكى كما يزعمون )، ومن ثم بث الأكاذيب والتاريخ المزور حول المسجد الأقصى وحائط البراق. و جهز المكان نفسه لجعله كنيسا يهوديا تقام فيه الصلوات ويرفع فيه تابوت الشريعة أمام المسجد الأقصى، ويرتدي المتدينون اليهود التفلين والطاليت وهم يقفون أمام جبل بيت المقدس.

في هذا المستوى يوجد مجموعة من الغرف الصغيرة، و قاعتي عرض وتعريف بحائط البراق وتاريخ الشعب اليهودي بنظرة توراتية مزورة، ويوجد داخله أيضا عدة قاعات للاجتماعات والطعام، كما يتخلله منفذ يطل على ساحة البراق حتى يتم ترسيخ مشهد التهويد الذي يبث في عقول الزوار خلال العروض التزويرية.

ومن أبرز ما وضع داخل هذا المستوى من المتحف ما يلي: تلك القاعة الكبيرة الموجودة في جنوب المتحف والتي تحتوي على عدد كبير من المقاعد وقد بلغت تكلفة إقامة هذه القاعة 432 ألف دولار، وتستخدم هذه القاعة لعرض ما يدعي اليهود بأنه تاريخ الدولة العبرية منذ آلاف السنين، ويتم داخلها تدريب الزوار على صلاة البكاء أمام الحائط ليخرجوا بعد ذلك فيطبقوه فعلا أمام حائط البراق.!

كما يحتوي هذا المستوى من المتحف على عدد من غرف الاجتماعات الخاصة بكبار المتبرعين ورجال الدولة العبرية، وغرف الطعام وكذلك غرف الراحة، والتي تطل مباشرة على حائط البراق وعلى المسجد الأقصى!.

وفي قاعته الكبيرة قد ضم المتحف مجموعة لوحات جدارية زجاجية دونت فيها أسماء المتبرعين لإقامة هذا المتحف وأسماء عائلاتهم ونبذة عنه، كما أن متحف الهيكل الثالث يحتوي على سلسلة زجاجية ضخمة يبلغ طولها 3.5م تقريبا وعرضها مترين، قد صنعت من الزجاج على شكل الماء والنار كرمز لمركز نار التوراة وقد تدلت هذه السلسلة من قبة المتحف البارزة وحتى المستوى السادس. كما وزع في الجهة الغربية من هذا المستوى عدد من المراحيض ودورات المياه لخدمة زوار المتحف.

أما المستوى السادس من المتحف، فيعتبر المستوى الأرضي بالنسبة لحارة الشرف، أي ما يعرف ب"حارة اليهود" اليوم بعد أن هدمت حارة الشرف وأبيدت وحل محلها الحي اليهودي. يدخل السواح والزوار من مدخل كبير وضخم وضع لهذا المتحف من الحي المطل عليه، وكان له دور كبير في تهويد المنطقة فقد صمم هذا المدخل بما يناسب المعتقدات التوراتية ووضعت أمامه شجرة زيتون معمرة. ويوجد داخل هذا المستوى كسابقه عددا من الغرف والقاعات لتدريب أبناء الدولة العبرية الغاصبة على طقوس المعبد ومزاعم التوراة، كما يحتوي هذا المستوى على قاعة كبيرة للاحتفالات واستقبال الشخصيات والزوار تقع مباشرة أسفل سلسلة المتحف بلغت تكلفتها ما يزيد عن مليون دولار.

في حين يقع المستوى الخامس منه أسفل مستوى الحي اليهودي بأربعة أمتار، ويتكون من قاعة عرض وندوات ومؤتمرات، وقاعة كبيرة تم دمجها وتحويلها إلى مطعم سياحي ضخم، وصالة احتفالات كبيرة تطل مباشرة على حائط البراق ويتخللها مرقص تقام فيه حفلات الرقص مطلة على حائط البراق.!

ويطل المستوى الرابع في المتحف على المستوى الثالث إذ ينخفض عن مستوى الحي اليهودي تقريبا 12 مترا، وأبرز ما بداخل هذا المستوى من القاعات هي تلك القاعة التي تتوسطه والتي تكفل في بنائها الممثل كيرك دوجلاس وابنه الممثل مايكل دوجلاس، فدعي هذا المستوى باسمهم وجعلت القاعة الكبيرة داخل المستوى لتكريس دعمهم للمعبد، ولإقامته على أنقاض المسجد الأقصى ولنشر الثقافة العبرية حول المعبد ونشر أعمال كلا الممثلين. جزء من قاعة كريك دوجلاس مع الملاحظة أن المقاعد في القاعة تم استبدالها.!

أما المستوى الثاني منه فيطل هذا المستوى على ساحة حائط البراق وهو محفور بالصخر الطبيعي، وقد تم فتح مخرج صغير له يطل مباشرة على حائط البراق ويوجد داخله قاعات الاستقبال وشاشات عرض واسعة وبرامج الاحتفالات داخل المتحف، وقد بلغت تكلفة قاعة الاستقبال فيه مليوني دولار.

في حين أن المستوى الأول والأخير من متحفهم هذا عبارة عن تسوية وفيه مولدات الكهرباء وخدمات المتحف الأخرى...."

القصة لم تنته بعد..

هم يواصلون العمل...

قبل أسابيع قليلة انتهى الحفر باطن الأرض قرب مغارة سليمان خارج أسوار البلدة القديمة وأطلت علينا بوابة ضخمة أسفل سور البلدة القديمة بدت مثل فم التمساح...

سألنا العامل المحلي هناك: ماذا تفعلون..؟ وما هذه الفتحة الواسعة في أسفل بطن السور... ؟ قال بهدوء: مخرج طوارئ للمغارة.. أي لمغارة الكتان أو ما يطلقون عليها "مغارة سليمان"...

سألناه: هل بمقدورنا الاقتراب أكثر لنرى حقيقة ما يحدث...؟

قال: لا يمكنكم ثم مضى بهدوء وبصمت.. وترك خلف صمته جبل من الأسئلة أضعاف ما قذفته أعمال الحفر من باطن المغارة من حجارة وأتربة بلون سور القدس...

كما مضى صاحبنا.. يمضي الكل هنا بهدوء.. وعلى الوجوه علامات استفهام وسؤال.. وفي الجبين يرتسم الغضب... لعل الكل يسأل: ماذا يفعلون...؟ بل ماذا يريدون...؟

أحدهم يختصر المشهد كله: يحنو على طفل لما يبلغ الثالثة من عمره... يحضنه ويمشي... !

لأول مرة يتنابني الشعور بالخوف والقلق... ماذا يفعلون...؟

ماذا يريدون...؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required