مفتاح
2024 . الخميس 12 ، كانون الأول
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ضمن زاوية (ضيافة مفتاح) نستضيف الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت في قراءة للمشهد الإسرائيلي بعد فوز جو بايدن وإعادة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما حملته هذه الهزيمة من طابع دراماتيكي على إسرائيل أمنياً وسياسياً خاصة مع توجه الولايات المتحدة إلى إعادة بناء تحالفاتها السابقة مع الخارج.

وتوقع شلحت ألا يقوم بايدن بإلغاء أي قرارات أساسية اتخذها ترامب في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، أو الاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان، ولكنه سيتوجه لإعادة التوازن إلى حد ما إلى العلاقات الأمريكية مع إسرائيل والفلسطينيين.

بايدن وحل الدولتين

أشار شلحت إلى أن تداعيات هزيمة ترامب على إسرائيل ستكون ذات طابع دراماتيكي، نظراً للفجوة الكبيرة بين موقف ترامب وبايدن حيال السياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة الأمريكية. وتوقع شلحت بناءً على ما أورده الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية إلى احتمالية تقليص موازنة الأمن الأمريكية ما سيؤدي إلى تراجع الضغوط الممارسة على النظام الإيراني والعودة إلى ما توصل بـ"سياسة الإذعان" التي انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما وتتوجت بتوثيق الاتفاق النووي عام 2015، وبالتوازي فالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية أما احتمالات شتى ولكن من غير المرجح أن يقوم بايدن بإلغاء قرارات أساسية اتخذها ترامب مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بضم الجولان، ولكن من المتوقع أن يحاول إعادة التوازن مع إسرائيل والفلسطينيين.

وقال شلحت أن القراءة في تصريحات الحكومة الإسرائيلية ترجح أن علاقة بايدن – نتنياهو أو أي رئيس حكومة قادم لن تكون في مستوى علاقة ترامب، خاصة أن بايدن قد يتجاهل بعض عناصر خطة ترامب "صفقة القرن" بما في ذلك منح الضوء الأخضر لضم مناطق من الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية"، والتزامه بحل الدولتين من الناحية الرسمية.

وزير الخارجية الأمريكي المقترح في إدارة بايدن أنتوني بلينكن تحدث مؤخراً عن رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء القضية الفلسطينية وشدد على تأييد بايدن لحل الدولتين مشيراً إلى أنه "سيحافظ على التعاون العسكري والاستخباراتي بين الدولتين وسيعمّقه، وسيضمن التفوق العسكري الإسرائيلي. وسيدعو كلاً من إسرائيل والفلسطينيين إلى عدم القيام بخطوات أحادية الجانب تمس بفرص العودة إلى مخطط الدولتين، وهو سيجدد دعمه للسلطة الفلسطينية، وسيعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وسيحول المساعدة الإنسانية والاقتصادية إلى الفلسطينيين، لكن بشرط وقف دفع رواتب إلى المتورطين في عمليات إرهابية".

الولاية الثالثة لأوباما؟

توقع شلحت أن تتجه إدارة بايدن إلى "معالجة الروح الأمريكية" وفقاً لمعايير حددها الحزب الديمقراطي بسبب الانقسام والتوتر العنصري الذي وصل إلى ذروته في ظل إدارة ترامب، وآثار تفشي فيروس كورونا الذي ضرب المواطنين الأمريكيين وسبب أضراراً اقتصادية جمة، وهو ما سيؤثر على أولوية السياسة الخارجية إلا في حالة الأمن القومي وتحقيق الرفاهية الأمريكية.

وأشار إلى إمكانية قراءة التوجهات الاستراتيجية لبايدن من خلال إدارة أوباما التي شغل فيها منصب نائب الرئيس في حينه، فقد دعمت إدارة أوباما الثورات العربية، وعملت إدارة أوباما على تسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين حتى أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على قرار يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وعدم استخدام حق النقض على خلاف التوقعات، والقيام بدعم السلطة الفلسطينية اقتصادياً ضمن رؤية الإدارة بأن تسوية الصراع سوف يجلب الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي عارضته إسرائيل بشدة.

ومن متابعته لتحليلات الأوساط المقربة من نتنياهو أشار شلحت إلى أن فوز بايدن خيّب أمل نتنياهو الذي رغب بفوز ترامب بولاية ثانية ولكنه لم يتنظر كثيراً كي يؤكد على أن الإدارة الأمريكية المقبلة سيكون خطها السياسي يحمل إصراراً عنيداً على مصالح دولة "إسرائيل"، في المحصلة العامة لا يختلف أصحاب التحليلات على أنه مع إدارة بايدن أيضاً ستظل الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل حليفاً مهماً، إن لم يكن الأهم، في الشرق الأوسط، وبناء على ذلك تقتضي المصلحة الإسرائيلية تطوير العلاقات مع هذه الإدارة وتقويتها حتى مع وجود خلافات في الرأي معها.

وبالرغم من أن بايدن أكد أن ولايته في "البيت الأبيض" لن تكون بمثابة "ولاية ثالثة" لباراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق (2008-2016) الذي أشغل بايدن منصب نائب له، نظراً إلى ما طرأ على الولايات المتحدة وعلى العالم من تغيرات منذ ذلك الوقت، فإن تحليلات كثيرة استندت إلى قيام هذا الأخير بتعيين عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا في عداد طاقم أوباما في أبرز المناصب المفتاحية في الإدارة الأميركية المقبلة، كي تخلص إلى نتيجة فحواها أن احتمالات استمرارية السياسة التي انتهجتها إدارة أوباما على المستويات كافة ستظل أكبر من احتمالات تغييرها.

"ومن المهم تذكر الرسائل التي حملها أوباما في أول زيارة له إلى "إسرائيل" في آذار 2013 والتي حملته اعترافاً بـ “الدولة القومية للشعب اليهودية" في تمهيد لسن قانون القومية لاحقاً، وثانياً شرعنة أساس الرواية التاريخية الصهيونية التي ترى أن استعمار فلسطين كان تحقيقاً لعودة "الشعب اليهودي" إلى "أرض الميعاد"، بالإضافة إلى قيامه بزيارة متحف "ياد فشيم" لتخليد ضحايا المحرقة النازية متساوقاً مع ما تقوم به إسرائيل والمتعلق بـ "جوهر الحق اليهودي" في فلسطين".

"التحرر من نتنياهو" والتعويل على بايدن

قال شلحت أن الموقف الفلسطيني الرسمي المراهن على إدارة بايدن يقترب من الغزل، مؤكداً أنه لا يمكن فصل عودة السلطة الفلسطينية إلى كافة أشكال التنسيق المدني والأمني مع إسرائيل عن سياق هذا الرهان، ولا عن سياق تواتر التطبيع من طرف عدة دول عربية مع دولة الاحتلال، هذا التطبيع الذي يمنح إسرائيل فائضاً من القوة حيال الفلسطينيين.

وأضاف شلحت " تقديري أن إسرائيل ستلوّح بأن تأجيل الضم وفقاً لخطة "صفقة القرن" الترامبية هو أفضل ما يمكن أن تقدمه إلى الفلسطينيين. ولا أتوقع أن نشهد تنازلات فلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات أكثر من إعادة كافة أشكال التنسيق المدني والأمني"، خاصة مع سياق التطبيع المتماشي مع عقيدة نتنياهو التي يصفها بأنها "السلام في مقابل السلام" بديلاً لمعادلة "الأرض في مقابل السلام" وبأن تسوية العلاقات مع الإقليم هي الطريق للتوصل إلى تسوية لقضية فلسطين وليس العكس.

جملة المتغيرات التي يحملها الإطار الواقع السياسي القائم في "إسرائيل" والانتخابات القادمة تتسم بالأساس بالسعي لما يوصف بأنه "تحرير إسرائيل من إمساك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بخُنّاقها"، ومن آخر مظاهر ذلك انشقاق جدعون ساعر عن الليكود وقيامه بتأسيس حزب جديدة مع أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال أو غير مطروح أصلاً بالاعتماد على نتائج استطلاعات الرأي العام في "إسرائيل".

وبناء على ذلك، لا بُدّ لنا من تكرار أن بقاء نتنياهو في سدّة الحكم أو إزاحته منها ما زالا المسألة الأقل أهمية في سياق التعاطي مع خصائص الوضع الإسرائيلي القائم الآن، وما يُحيل إليه بالنسبة للصراع مع دولة الاحتلال. يبقى الأمر الأهم كامناً في التغيرات التي تخضع لها هذه الدولة ونظامها السياسي في ظل هيمنة اليمين، وكيف يجري إقرار جوهر سياستها الخارجية عالمياً وإقليمياً، بتأثير هذه التغيرات من جهة، وارتباطاً بالتحولات الطارئة في العالم والإقليم من جهة أخرى مكملة وموازية.

ما أستطيع قوله هو أن الأنظار في إسرائيل ستبقى متجهة في الفترة القريبة المقبلة نحو ما ستؤول إليه خطوة انشقاق ساعر عن الليكود، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الحالة السياسية الراهنة، والقائمة منذ فترة طويلة، تشي ليس فقط بعدم وجود خطاب سياسي مناقض لخطاب اليمين حيال القضية الفلسطينية بل كذلك بعدم وجود معارضة حقيقية منافسة لهذا اليمين.

إعادة إشغال المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية

قال شلحت أن الخيار شبه الحتمي في ضوء آخر التطورات الإقليمية المرتبطة بالتطبيع وتحت وطأة جائحة كورونا عالمياً وبناء على ما يملكه الفلسطينيون من قرارات أممية تدعم الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي عام 1967 يكمن بـ "إعادة إشغال المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية" والذي من شأنه أن يكون منسجماً مع محاولة تحريك جهات أخرها لأخذ دورها على الصعيد الإقليمي والعالمي، مشيراً إلى أن هذه الجهود يجب أن تتجه بشكل خاص نحو أوروبا التي من المتوقع أن تستعيد وزنها في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.

ويتعين فلسطينياً أن ننوه بوجوب استمرار الجهود الرامية إلى تعافي الوضع الداخلي، وسحب البساط من الذين يجيرونه كورقة رابحة لإسقاط قضية فلسطين من أجندة الاهتمام الدولي انضافت إليها ورقة التطبيع العربية مع إسرائيل، آخذين بعين الاعتبار أن هذا التطبيع لا يقتصر على العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع دولة الاحتلال فقط إنما أيضاً ينطوي، وربما في العمق، على تطبيع سياستها حيال الاحتلال والاستيطان لناحية تبييضهما. فهذا التطبيع حدث بالرغم من القضية الفلسطينية، ويعكس مقاربة تعتبر الفلسطينيين غير ذي صلة بالتطورات السياسية في الإقليم، فضلاً عن أنه يؤشر إلى بداية نهاية مبادرة السلام العربية التي نصت على أن أي تطبيع للعلاقات العربية مع إسرائيل لا يجوز أن تكون سابقة لحل قضية فلسطين حلاً عادلاً.

بايدن والغرب

كما أشار شلحت سابقاً من المتوقع أن تتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى الداخل على حساب السياسة الخارجية، ولكن في هذا السياق أشار شلحت إلى بعض التوجهات التي ستحملها الإدارة الجديدة ومنها تجديد مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية المناخ في باريس، والقيام بتعزيز التحالف مع حلفائها التقليديين في العالم الغربي عموماً وفي أوروبا الغربية خصوصاً. وبموجب جلّ التحليلات الإسرائيلية سيكون لهذا التحالف تداعيات على إسرائيل لكون أوروبا تفضل سياسة المصالحة مع إيران ومواقف أكثر تشدّداً حيال إسرائيل في كل ما يختص بسياستها إزاء الفلسطينيين.

في ساحة الأمم المتحدة ثمة من يتوقّع عملية سريعة نسبياً فيما يتعلق بهيئتين: وقف الخروج من منظمة الصحة العالمية، والعودة إلى مجلس حقوق الإنسان، مثلما أعاد أوباما الولايات المتحدة إلى هذا المجلس بعد أن أخرجها منه سلفه جورج بوش الابن. وهناك إجماع على أنه في مؤسسات الأمم المتحدة وخارجها سيتأثر سلوك إدارة بايدن بالمنافسة والخصومة مع الصين، وعلى أنه لا يوجد فارق مهم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري إزاء النظرة إلى التهديد الذي تمثله الصين، وورد في برنامج عمل الحزب الديمقراطي علناً أنه في ظروف معنية يجب القيام بـ “إجراءات صارمة" ضد بكين. في الوقت عينه أعلن بايدن أن سياسته إزاء روسيا ستكون أكثر صرامة. وبناء على ذلك هناك تقديرات بأن تؤثر السياسة الأميركية إزاء كل من الصين وروسيا على علاقات إسرائيل الثنائية مع كل من هاتين الدولتين.

ملاحظة: ما ورد في نص المقابلة يعبر عن وجهة النظر الشخصية لصاحبها، وليس من الضرورة أن يعبر عن وجهة نظر "مفتاح"

 
 
الانجليزية...
 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required