خلال ما يزيد على شهرين من الحراك الفلسطيني ضد انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، برزت فيها المرأة الفلسطينية الناشطة، المدافعة عن حقوق الإنسان والمتضامنة مع القضايا الإنسانية، شريكة النضال بأشكاله، وضحية جرائم الاحتلال. وبناء عليه يقوم تحليل الأحداث الأخيرة والمستمرة في ضوء أجندة المرأة، السلام والأمن على أن حالة حقوق النساء في الأراضي الفلسطينية المحتلة ترتبط بحالة حقوق الإنسان ككل ؛ وبالتالي فإن تحسين واقع النساء الفلسطينيات لا ينفصل عن التوصيف الدقيق للاحتلال الإسرائيلي باعتباره منظومة سيطرة مركبة مبنية على ثلاثة مفاعيل رئيسية؛ الاحتلال العسكري، الحكم الاستعماري والاستيطان إذ ترجم الاحتلال الإسرائيلي هذه المفاعيل الثلاثة في انتهاكات بارزة ضد حقوق الفلسطينيين المدنيين في أماكن تواجدهم (القدس المحتلة، الضفة الغربية، قطاع غزة، المخيمات الفلسطينية والشتات والداخل الفلسطيني المحتل) . وفي هذا السياق يعتبر قرار مجلس الأمن 1325 الأكثر علاقة بالنساء الفلسطينيات تحت الاحتلال إذ يتناول أربعة عناصر متكاملة؛ الوقاية، الحماية، المسائلة والمشاركة . حيث يبني القرار رؤيته على أساس أن وقاية وحماية النساء كونهن الأكثر تضرراً من النزاعات هو الخطوة الأولى لتعزيز مشاركتهن في عملية بناء السلام وبالتالي تحقيق نتيجة أفضل للسلام العالمي؛ دون إغفال لأهمية محاسبة الجناة ومنع الإفلات من العقاب فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ولأجل ذلك فإن إنهاء الاحتلال هو المطلب الأساسي للجهات الفاعلة في إطار أجندة المرأة، السلام والأمن . تحاول المقالة بيان أثر انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان خلال الهبة الأخيرة على النساء الفلسطينيات في القدس الشرقية وقطاع غزة، وتحليل أثر تلك الانتهاكات على تفعيل أجندة المرأة، السلام والأمن في فلسطين. نظرة عامة: المشهد المستمر في القدس المحتلة؛ شهدت القدس اعتداءات متواصلة منذ نيسان،2021 حيث اقتحمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيها الأماكن الدينية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني؛ وهاجمت المرابطات وأصدرت أوامر عسكرية بمنع دخولهن المسجد الأقصى أو التواجد في محيط باب العامود، وإذ أججت دعوات المستوطنين لاقتحامات المسجد الأقصى بشكل متكرر الشعور الجمعي للفلسطينيين بالرفض، تزامن مع اشتداد وتيرة التهجير القسري الذي يهدد المدينة وبشكل خاص وأكثر وضوحاً في سلوان وحي الشيخ جراح. من المهم التنويه في معرض استعراض الانتهاكات الأخيرة في القدس الشرقية بأن المدينة تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي العسكري منذ عام 1967، وبالتالي فإن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان هما الواجهة القانونية الشرعية التي تحكم العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر . ولأغراض استعراض الأحداث في القدس المحتلة خلال نيسان وأيار 2021 تصنف المقالة الانتهاكات المتعاقبة وفقاً لما يلي:
لا يمكن حصر التحديات التي تواجه تفعيل أجندة المرأة، السلام والأمن في فلسطين ولكن على الأقل يمكن حصر أسباب محدوديتها. إن التحدي الأكبر الذي يواجه المرأة الفلسطينية في إطار أجندة المرأة، السلام والأمن، هو غياب الأمن في ظل منظومة سيطرة استعمار استيطاني إحلالي، يستهدف الفلسطينيين والفلسطينيات ويقنن إقصائهم عن بلادهم وتفكيك بنية المجتمع الطبيعي فضلاً عن الاعتداء المستمر، ما يجعل الضغط الذي تتعرض له المرأة الفلسطينية ضغطاً مركباً اجتماعياً وسياسياً؛ ومهما عملت اللجان الفاعلة على تمكين وتعزيز مشاركة النساء ضمن منظومة الحقوق المدنية، فإنها تصطدم بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وتجعل جملة التدخلات قليلة الأثر إن لم تكن معدومة. وبناء عليه، فإن تفعيل أجندة المرأة، السلام والأمن يتطلب توفير تلك المقومات ليكون سعينا نحو بناء سلام عالمي مستند إلى رؤية نسوية تقوم على مشاركة النساء على قدم المساواة في عملية صنع السلام. إن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي خلال الشهرين الماضيين والتي تم استعراض بعضها من خلال هذا المقال، خلفت آثارها الجسيمة على النساء الفلسطينيات، فقد قتلت 39 امرأة في قطاع غزة، وفقدت ما يزيد عن 265 امرأة تقريباً فرداً من عائلتها قرابة درجة أولى، وخسرت آلاف النساء ملاذ العائلة الآمن "البيت" إثر تدمير المنشآت السكنية في قطاع غزة، وتعيش 250 امرأة تحت الخوف والخطر المحدق بخسارة منزلها في حي الشيخ جراح، فضلاً عن آلاف النساء في بلدة سلوان، وحرمت الفلسطينيات من حرية الحركة والتنقل، والحق في ممارسة الشعائر الدينية. بهذا يستمر الاحتلال الإسرائيلي في خلق ظروف قاهرة تعيق أي إمكانية للتنمية والتقدم ما ينعكس على واقع النساء الفلسطينيات، ومساهمتهن في إطار أجندة المرأة، السلام والأمن؛ وبناء عليه، فإنه من الواجب الإنساني التعامل الفوري مع آثار انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وإدانة إسرائيل على جرائمها بحق الفلسطينيين، ومحاسبة الجناة وضمان عدم تكرار المآسي المتلاحقة؛ ضمن إطار أجندة المرأة، السلام والأمن. يمكن عبر تفعيل قرار مجلس الأمن 1325 كأداة سياسية لإنهاء الاحتلال تحقيق العناصر الأربعة الأساسية؛ الحماية من النزاعات، الوقاية من الاضرار الناتجة عن النزاعات، المشاركة في عملية بناء السلام ومساءلة مرتكبي جرائم الحرب ومنع الإفلات من العقاب. تخلص المقالة إلى التوصيات الآتية:
المراجع
اقرأ المزيد...
بقلم: عُلا سالم
تاريخ النشر: 2022/12/30
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2022/6/18
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2022/2/9
لنفس الكاتب
|